مساعي ترمب لإضعاف أعداء أميركا تصطدم بـ”تحالف غير مقدس”
على عكس ولايته الأولى التي طبق فيها الرئيس الأميركي دونالد ترمب أسلوبه الخاص في الدبلوماسية مع خصوم واشنطن، يواجه في الولاية الجديدة تحدياً من نوع مختلف، يتمثل في انبثاق مجموعة “أكثر اتحاداً” تقاربت بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022.
وكان ترمب أعلن صداقته العلنية مع روسيا وكوريا الشمالية في الولاية الأولى، بينما مارس على نحو منفصل ضغوطاً على الصين وإيران.
وتعهد ترمب، الذي تولى منصبه الاثنين، بإنهاء حرب روسيا في أوكرانيا، والحد من البرنامج النووي الإيراني ومواجهة الصين مع تعزيز الجيش الأميركي، لكن في السنوات الماضية، أقام الرئيسان الصيني شي جين بينج والروسي فلاديمير بوتين “شراكة بلا حدود”، تقدم خلالها بكين لروسيا الدعم الاقتصادي الذي تحتاجه لدعم حربها.
كما وقعت روسيا اتفاقيات استراتيجية مع كوريا الشمالية في يونيو 2024 وأخرى مع إيران، الأسبوع الماضي، واقترح بوتين وشي، الثلاثاء، تعميق شراكتهما الاستراتيجية بشكل أكبر خلال مكالمة افتراضية طويلة بعد أداء ترمب اليمين رئيساً للولايات المتحدة.
“تحالف غير مقدس”
ويقول المحللون إن تجمع أربعة أعداء للولايات المتحدة، (إيران وكوريا الشمالية وروسيا والصين)، والذي وصفه سفير الرئيس السابق جو بايدن في الصين، مؤخراً بأنه “تحالف غير مقدس”، يؤدي إلى فقدان الولايات المتحدة وشركائها النفوذ.
وقال دانييل راسل من معهد Asia Society Policy Institute، ومقره واشنطن، والذي ترأس سياسة شرق آسيا في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، إن المعضلة التي يواجهها ترمب، الذي عبر عن رغبته في “التوافق مع روسيا”، ويحاول الضغط على الصين في التجارة هي أن “شراكة موسكو مع بكين تحد من رغبة روسيا في التعامل مع واشنطن وضعف الصين أمام الضغوط الأميركية”.
ويقر أعضاء الإدارة الجديدة بالتحدي، إذ قال مستشار الأمن القومي مايك والتز، في مقابلة مع FOX NEWS أجريت في نوفمبر الماضي إن الصين “تشتري النفط من إيران بثمن بخس، وطهران تستخدم هذه الأموال لإرسال الصواريخ والطائرات المسيرة إلى روسيا، ثم تضرب البنية التحتية الحيوية في أوكرانيا”.
وفي جلسة تأكيد تعيينه في مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، وصف وزير الخارجية ماركو روبيو الصين بأنها “أخطر تهديد تواجهه الولايات المتحدة”، فيما اتهم موسكو وطهران وبيونج يانج ببث “الفوضى وعدم الاستقرار”.
ونجحت روسيا في الصمود في مواجهة العقوبات الغربية إلى حد بعيد بفضل مشتريات الصين الضخمة من النفط الروسي، وإمدادات السلع ذات الاستخدام المزدوج، التي قالت إدارة بايدن إنها تدعم القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية، وهي التهمة التي تنفيها بكين.
بدورها، تزود كوريا الشمالية، روسيا بالجنود والأسلحة في أوكرانيا، وأحرزت تقدماً سريعاً في برنامجها الصاروخي والنووي.
إبعاد الحلفاء عن الصين
ويخشى الخبراء أن تتمكن إيران من استئناف جهودها لصنع سلاح نووي، رغم من إضعافها بسبب هجوم إسرائيل على أذرعها في المنطقة.
وقال زاك كوبر من معهد American Enterprise Institute، إنه يعتقد أن فريق ترمب “سيحاول إبعاد الدول عن الصين”. وأضاف: “يريدون على ما يبدو إبعاد روسيا وكوريا الشمالية وإيران عن الصين، وهذا يعني التمييز بين هذه التهديدات بدلاً من الإشارة إلى أنها مترابطة. لذا فإن الدفع نحو التوصل إلى اتفاق مع بيونج يانج وآخر مع موسكو يبدو لي الأكثر ترجيحاً”.
من جانبه، قال مايكل فورمان، الذي كان ممثلاً تجارياً خدم في إدارة أوباما، وهو الآن رئيس مؤسسة مجلس العلاقات الخارجية البحثية، إن كوريا الشمالية “قد يكون لديها حافز أقل للتعامل مباشرة مع الولايات المتحدة”.
وبينما اعتقد ترمب خلال فترة ولايته الأولى أنه يمكنه التوصل إلى اتفاق مع بيونج يانج، قال فورمان إنه من غير الواضح ما إذا كانت كوريا الشمالية لديها مصلحة في التعامل مع الولايات المتحدة الآن، بعد أن حصلت على دعم أوسع من روسيا والصين.
وعقد ترمب قمماً لم يسبق لها مثيل مع زعيم كوريا الشمالية، كيم جونج أون، خلال فترة ولايته الأولى ويروج لعلاقتهما. ويناقش فريق ترمب مرة أخرى استئناف المحادثات المباشرة مع كيم.
وفيما يتعلق بإيران، من المرجح على ما يبدو أن يعود ترمب إلى السياسة التي انتهجها في ولايته السابقة والتي سعت إلى تدمير اقتصادها لإجبار طهران على التفاوض على اتفاق بشأن برنامجها النووي والصاروخي وأنشطتها في الشرق الأوسط.