كشف مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترمب للشؤون العربية والإفريقية، عن وجود طرح مفصل لمعالجة ملف السودان، الذي وصف الأوضاع فيه بأنها “مأساوية”، فيما أكد على تصميم واشنطن على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة “بالكامل”.
وقال بولس، في مقابلة خاصة مع “الشرق”، أجراها الزميل محمد الخولي من القاهرة، إن ما يحدث في السودان “أمر مؤسف ومؤلم”، واصفاً الوضع الإنساني في السودان بأنه “أسوأ وضع إنساني على وجه الأرض”، موضحاً أن ما حدث في الفاشر في الأيام العشرة الأخيرة أدى بشكل واضح إلى ما اعتبره “انتهاكات غير مقبولة على الإطلاق”.
وأضاف أن “هناك تسليماً وقبولاً من قبل قوات الدعم السريع بمحاسبة الذين قاموا بانتهاكات”، مشيراً إلى اتخاذ خطوات ميدانية في هذا الاتجاه من خلال توقيف عدد من مرتكبي الجرائم والبدء في محاكمتهم، لكنه شدد على ضرورة أن يتم ذلك “بشكل علني وشفاف”.
وقال إن الولايات المتحدة أبلغت قوات الدعم السريع بضرورة “المضي قدماً، وبشكل سريع وجاد، في محاكمة وتوقيف المتورطين في الانتهاكات ضد حقوق الإنسان بشكل واضح”.
السيناريو الليبي
وفي ما يتعلق بتجاوز الهدنة الإنسانية والاتجاه نحو إطار الحكم أو نحو وجود حكومتين، أوضح بولس أن الأمر صعب ومعقد، وقال إن “ما حدث في الفاشر له وجهان، أحدهما سلبي ويحمل مخاطر كبيرة، أهمها تكرار السيناريو الليبي”، مؤكداً أنه يعارض هذا السيناريو، وأن الولايات المتحدة ترفض مبدأ إنشاء حكومتين متوازيتين في السودان، وقال: “يجب تخطي هذا السيناريو بشكل قاطع وسريع”.
أما عن الشق الإيجابي، فأوضح بولس أن “ما حدث يؤدي إلى تسريع عملية التفاوض والمفاوضات مع الفرقاء المعنيين، وبالتعاون مع شركائنا داخل الرباعية، المصريين والإماراتيين والسعوديين، وعدد من المعنيين في بلدان أخرى أبدت الاستعداد للمساعدة، مثل المملكة المتحدة وتركيا وقطر والاتحاد الأوروبي”.
وقال بولس إن خارطة الطريق وضعتها الرباعية في 12 سبتمبر، واستغرق الإعلان عنها أسابيع من التشاور والنقاش للوصول إلى نوع من التصور الكامل للأزمة، موضحاً أن “أول مرحلة منها هدنة إنسانية لمدة 3 أشهر”، وتابع: “نحن بحاجة ملحة للهدنة”.
كما أشار إلى أن هناك 25 مليون سوداني في حاجة ملحة إلى المساعدات الإنسانية، سواء كانت طبية أو غذائية، مؤكداً أن هذا الموضوع لا يجب ربطه بأي أمر آخر، لا سياسي ولا انتقالي، وأوضح أنه يجب المضي قدماً في هذه المساعدات الإنسانية الملحة في جميع الأراضي السودانية.
وأضاف: “بادرنا في واشنطن بطرح مفصل منذ 10 أيام، وهو قيد الدراسة حالياً”، موضحاً أن “هذا الطرح لاقى ترحيباً مبدئياً من الطرفين، وليس هناك أي اعتراض جذري على أي نقاط استراتيجية من الفريقين”.
ومضى يقول: “لكن هناك بعض التفاصيل التي يجري الانتهاء منها، وقريباً سنعلن عن تفاصيل هذا الطرح”.
وقال كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترمب للشؤون العربية والإفريقية إنهم لمسوا جدية لدى الطرفين في الجيش والدعم السريع.
المرحلة الثانية في اتفاق غزة
ووصف بولس اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بأنه “اتفاق تاريخي وإنجاز كبير جداً للرئيس ترمب، مثلما عبر عنه قادة العالم أجمع، وقد شهدنا التأييد الدولي الكبير في شرم الشيخ”، بحسب تعبيره.
ولفت إلى أن ترمب وجه الشكر إلى مصر والرئيس عبد الفتاح السيسي على ما وصفه بـ”الدور المحوري الذي لعبه فريق الرئيس المصري في الأيام الأخيرة، وبشكل أساسي في المفاوضات من أجل التوصل إلى هذا الاتفاق التاريخي”.
وقال إن “موضوع التطبيق الكامل، الذي عبر عنه ترمب مؤخراً، شهد نجاحاً نسبياً في المرحلة الأولى، ومن الممكن الآن الانتقال إلى المرحلة الثانية”، مضيفاً أن هناك عدداً من جثامين الإسرائيليين لم يتم تسليمهم حتى الآن في غزة، وتابع: “هذا موضوع أساسي بالنسبة للرئيس ترمب لضمان سلامة الاتفاق”.
وأكد أن “الرئيس ترمب مصمم على نجاح الخطة وتطبيقها بشكل كامل، وأن هناك فريق عمل كبير يعمل على هذا الموضوع دون توقف مع عدد من الشركاء من بلدان مختلفة”.
واعتبر أن ثمة تقدم مستمر في الملف، رغم وجود بعض العراقيل، مشيراً إلى أن “هذه الأمور تحدث دائماً، ويجب تخطيها”، وقال: “بفضل حكمة وقيادة الرئيس ترمب، هناك تفاؤل باستكمال جميع مراحل الخطة”.
مصر وإثيوبيا
ووصف بولس الحوار الاستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة بأنه “مهم جداً، لأنه تضمن عدداً كبيراً من المواضيع المهمة”، وأشار إلى أن ملف الأمن المائي بين مصر وإثيوبيا كان أهم نقاط الحوار الاستراتيجي.
وقال: “نحن على تواصل دائم مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ووزير الخارجية بدر عبد العاطي، وعدد من المسؤولين في الطرفين”، مؤكداً أن هناك زيارات دورية إلى مصر، وأنه تم التطرق إلى ملف نهر النيل خلال زيارة ترمب إلى شرم الشيخ، وفي أثناء الحوار الثنائي الذي جمعه بالرئيس السيسي.
وأكد أن ملف نهر النيل بالنسبة لمصر والمصريين هو “مسألة وجودية”، وأيضاً موضوع وجودي لإثيوبيا والسودان، لافتاً إلى أن “واشنطن مستعدة للوساطة بين البلدين بما يتضمن حقوق السودانيين، لأنهم أيضاً معنيون بهذا الموضوع”.
وأضاف بولس أن واشنطن مستعدة للوساطة التي عبّر عنها الرئيس ترمب مراراً، مؤكداً أن “إدارة ترمب في عام 2020 كان لها دور مهم في ملف سد النهضة، وتعاونت إدارة ترمب مع البنك الدولي للتوصل إلى تصور نهائي كان من المفترض الموافقة عليه، لكنه لم يُوقّع”.
ومضى يقول: “بسبب جائحة كورونا وابتعاد ترمب وفريقه فترة طويلة عن الملف بسبب الانتخابات، تم بناء سد النهضة، وأصبح السد اليوم ممتلئاً بالماء، وبدأ إنتاج الطاقة الكهربائية”، مشيراً إلى أن دراسة هذا الموضوع اليوم تختلف بعض الشيء، ويمكن الدخول في تفاصيله في الشقين التقني والسياسي.
الجزائر والمغرب
وعن اعتماد مجلس الأمن لقرار المشروع الأميركي فيما يتعلق بالحكم الذاتي للصحراء الغربية، وموقف الجزائر، وصف بولس القرار بأنه “تاريخي”، وقال إن “العمل على إنجاز هذا القرار كان مكثفاً، خاصة خلال الأسابيع الماضية وقبل صدور القرار”.
وأوضح أن هناك تجارب في التعامل مع جميع الفرقاء، لا سيما الجزائر، في ملف الصحراء الغربية، مشيراً إلى أن واشنطن كانت تأمل أن يحصل التصويت بالإجماع من قبل الـ15 عضواً، إلا أن المشروع تم التصويت عليه بموافقة 11 عضواً فقط.
وأضاف أن امتناع الجزائر عن التصويت يُعد “تطوراً إيجابياً وإشارة لا بأس بها”، خاصة أنها “لم تغادر الجلسة، ولم تصدر بياناً شديد اللهجة، بل كانت لديهم تصريحات إيجابية، خصوصاً من قبل وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف”.
وأردف قائلاً: “أجريت مؤخراً حديثاً مطولاً مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون”، وقال إن “الأميركيين يعولون على حكمة رئيس الجزائر، كما يعولون على حكمة الملك محمد السادس الذي يسعى إلى مبادرة (مد اليد)، لا سيما فيما يتعلق بما سماه الجزائريون (المباشرة بالحوار) لفض هذا النزاع الذي امتد لـ50 عاماً”.
واختتم حديثه قائلاً: “حان الوقت لأن تكون هذه البادرة خيراً يُبنى عليها من أجل الوصول إلى حل نهائي”.
									 
					