أفادت مصادر خاصة لـ”الشرق”، الخميس، بأن كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والإفريقية مسعد بولس أطلق تحركاً دبلوماسياً مكثفاً مع الأطراف المعنية في السودان بهدف وقف إطلاق النار، وذلك فور إعلان دونالد ترمب عن نيّته البدء بالعمل على الملف بناء على طلب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وأضافت المصادر أن التحرك الأميركي يهدف إلى وقف إطلاق النار لمدة 3 أشهر، يتزامن مع بدء إدخال المساعدات الإنسانية، ويسير بالتوازي مع مفاوضات للتوصّل إلى حل سياسي.

وأعلن ترمب، الأربعاء، أنه سيعمل على إنهاء الحرب في السودان، بعد أن طالبه ولي العهد السعودي الذي زار واشنطن بـ”التدخل لحل الصراع”.

وكتب ترمب في وقت لاحق في منشور على منصة “تروث سوشيال” أن واشنطن ستتعاون مع السعودية والإمارات ومصر ودول أخرى في الشرق الأوسط لـ”وضع حد للفظائع التي ترتكب في المنطقة ولإرساء الاستقرار في السودان”.

وأضاف: “تُرتكب فظائع في السودان التي صارت أكثر الأماكن عنفاً على وجه الأرض، تحدث هناك أكبر أزمة إنسانية على الإطلاق. هناك حاجة ماسة لتوفير الغذاء والأطباء وكل شيء آخر”.

بدوره، قال مسعد بولس إن الولايات المتحدة “ملتزمة بحل الصراع في السودان”، مضيفاً عبر منصة “إكس”: “أعلن اليوم أن الولايات المتحدة ملتزمة بإنهاء الصراع المروع في السودان، وتحت قيادة الرئيس ترمب، نعمل مع شركائنا لتسهيل هدنة إنسانية وإنهاء الدعم العسكري الخارجي للأطراف، الذي يغذي العنف”.

ترحيب من طرفي الصراع

ورحبت الحكومة السودانية، وقوات الدعم السريع، وقوى سياسية سودانية أخرى، الخميس، بجهود ولي العهد السعودي والرئيس الأميركي الداعمة لوضع حد للصراع الدائر في البلاد منذ أبريل 2023.

وتوجه رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان بالشكر إلى ولي العهد السعودي والرئيس الأميركي، قبل أن يصدر مجلس السيادة بياناً، أكد فيه الاستعداد لـ”الانخراط الجاد من أجل تحقيق سلام ينتظره الشعب السوداني”. 

على نحو مماثل، أعرب رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس عن ترحيب حكومة السودان وشعبه بجهود ومساعي الرياض وواشنطن من أجل إحلال “السلام العادل والمستدام” في البلاد.

وكتب إدريس في منشور على منصة “إكس”، “أشكرهم (السعودية والولايات المتحدة) على جهودهم المستمرة منذ اندلاع الحرب في البلاد لإيقاف القتال والسعي لإحلال السلام بالسودان”، مؤكداً الاستعداد التام لـ”الانخراط الجاد معهم من أجل تحقيق السلام والأمن والاستقرار والرفاه للشعب السوداني”.

في المقابل، شدد عضو المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع الباشا محمد طبيق على ضرورة التوصل إلى سلام يذهب إلى “تشخيص جذور الأزمة”.

واعتبر القيادي في تحالف السودان التأسيسي المعروف اختصاراً بـ”تأسيس” إبراهيم الميرغني أن ترمب يرمي بثقله الرئاسي لوقف الحرب، مثمناً مساعي الأمير محمد بن سلمان.

وفي فبراير الماضي، تشكل تحالف “تأسيس” بالعاصمة الكينية نيروبي، ويضم عناصر من قوات الدعم السريع، وحركات مسلحة، وأحزاب سياسية وقوى مدنية.

ورقة أميركية

وتكثف الولايات المتحدة جهودها الدبلوماسية لإقرار “هدنة إنسانية” في السودان بغية تهيئة الظروف لإنهاء القتال الذي دخل عامه الثالث، مخلفاً واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في العالم حالياً.

بدأ الأمر بلقاء أحيط بسرية بالغة بين رئيس مجلس السيادة السوداني وكبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والإفريقية في زيورخ بسويسرا في أغسطس الماضي، وكان بمثابة محاولة لـ”إذابة الجليد” بين الجانبين، السوداني والأميركي، أملاً في الدفع قدماً بتسوية تقودها “الرباعية الدولية” التي تضم  الولايات المتحدة، والسعودية، ومصر، والإمارات.

عمل الجانبان خلال تلك المحادثات، حسبما أشارت مصادر مطلعة في تصريحات لـ”الشرق”، على تعبيد الطريق أمام تسوية محتملة، في ظل مخاطر كبيرة تحيط بهذه الجهود. فمن ناحية، توجب على الأميركيين استضافة وفدين من الحكومة السودانية وقوات الدعم السريع، والبحث بشكل منفصل في شأن التسوية، وأيضاً تقريب وجهات النظر بين أطراف “الرباعية الدولية”.

وحصلت “الشرق”، مطلع نوفمبر، على نسخة من ورقة أميركية قُدّمت للجيش وقوات الدعم السريع، باسم “هيكل إعلان مبادئ لهدنة إنسانية على جميع التراب السوداني”، حوت 4 محاور أولها يؤكد على سيادة ووحدة السودان والحرص على إنهاء الأزمة، واقترحت التزام الجيش وقوات الدعم السريع بـ”حسن نوايا”، وتوقيتات ومدة الهدنة، وفصل القوات، وأي انتهاكات متوقعة.

بنود الورقة الأميركية بشأن الهدنة الإنسانية المقترحة في السودان

  • تأكيد على سيادة ووحدة السودان.
  •  الحرص على إنهاء الأزمة.
  • التزام الجيش وقوات الدعم السريع بـ”حسن نوايا” بتوقيتات ومدة الهدنة وفصل القوات وتحمل مسؤولية أي انتهاكات متوقعة.
  • ضمانات بشأن الوصول الآمن وبلا قيود للمساعدات الإنسانية.

واندلعت الحرب في السودان في عام 2023، وسط صراع على السلطة بين القوات المسلحة السودانية، وقوات الدعم السريع، قبيل انتقال مُخطط له إلى الحكم المدني، وتسبب الصراع في عمليات قتل على أساس عرقي ودمار واسع النطاق ونزوح جماعي.

شاركها.