يتّجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد، إلى فلوريدا لعقد “قمة حاسمة” مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يتركز جدول أعمالها على مستقبل قطاع غزة، بما يشمل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، والتي تتضمن الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، وتشكيل قوة الاستقرار الدولية، ومجلس السلام، وذلك وسط إحباط أميركي من أن نتنياهو “يُبطئ عملية السلام”، فيما ذكرت مصادر إسرائيلية، أن تل أبيب ستسعى للحصول على دعم أميركي لأي تحرك عسكري محتمل ضد إيران.
وعلى الرغم من أن جدول رحلة رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يُحدد بعد، فإنه من المتوقع أن يُعقد الاجتماع بعد ظهر الاثنين بتوقيت شرق الولايات المتحدة، حسبما نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت”.
وكانت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية، شوش بيدروسيان، قالت، في 8 ديسمبر الجاري، إن نتنياهو سيلتقي ترمب في 29 ديسمبر الجاري، لمناقشة المراحل التالية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، و”الخطوات المستقبلية، وقوة الاستقرار الدولية المنصوص عليها في خطة وقف إطلاق النار”.
ملفات على طاولة محادثات ترمب ونتنياهو المرتقبة
- المرحلة الثانية من اتفاق غزة.
- تركيبة قوة الاستقرار الدولية في القطاع.
- محددات الانسحاب الإسرائيلي.
- ترتيبات الحكم في غزة بعد انتهاء الحرب.
ولم توقع إسرائيل وحركة “حماس” رسمياً على المرحلة الثانية من اتفاق غزة. ومن المفترض أن تشهد هذه المرحلة إنشاء حكومة فلسطينية من التكنوقراط لإدارة القطاع، تحت إشراف “مجلس السلام” الذي سيرأسه ترمب، بالإضافة إلى نشر قوة دولية لتحقيق الاستقرار بالتزامن مع الانسحاب التدريجي للجيش الإسرائيلي من القطاع.
ويُنسق المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، وصهر ترمب، جاريد كوشنر، بشكل وثيق مع الوسطاء في اتفاق غزة (مصر وقطر وتركيا)، للمضي قدماً في المرحلة الثانية من الاتفاق، بما يشمل تسليم حركة “حماس” الفلسطينية لأسلحتها، وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.
ومع ذلك، أعرب نتنياهو عن تشككه، لا سيما فيما يتعلق بـ”نزع سلاح” الفصائل الفلسطينية في غزة، واختلف مع ويتكوف وكوشنر بشأن الخطة، وفقاً لما ذكره موقع “أكسيوس”. وقال مسؤول إسرائيلي: “ليس من الواضح ما إذا كان ترمب يتفق مع ويتكوف وكوشنر في الرأي”.
وفي اجتماعه مع الرئيس الأميركي ترمب، الأسبوع المقبل، سيعرض نتنياهو وجهة النظر القائلة بأن السعي لحل سياسي مع بقاء “حماس” في السلطة في غزة سيكون “خطأ تاريخيا”، حسبما أفادت شبكة i24NEWS الإسرائيلية.
أبرز بنود المرحلة الثانية من اتفاق غزة
- إنشاء “مجلس السلام” وذراعه التنفيذية “قوة الاستقرار الدولية”.
- انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى “الخط الأحمر” لتصبح مساحة المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل تعادل نحو 20% من مساحة قطاع غزة.
- بموجب الاتفاق، يُحظر على إسرائيل احتلال القطاع أو ضمه بشكل دائم.
- خطة التعامل مع سلاح الفصائل الفلسطينية، وتدمير ما تبقى من أنفاق في قطاع غزة.
- تشكيل حكومة فلسطينية من التكنوقراط لإدارة شؤون القطاع.
- بدء خطة إعادة إعمار القطاع وإزالة الركام والأنقاض.
ويقول كبار المسؤولين الإسرائيليين، حسبما نقلت شبكة i24NEWS: “ترمب يريد أن يذكره التاريخ كشخص أنقذ الرهائن (الإسرائيليين)، لكنه يجب أن يكون حذراً ألا يُخلد في التاريخ باعتباره وافق على بقاء (حماس) في غزة”.
ذرائع إسرائيلية
في هذا السياق، قال مسؤول غربي مشارك في مباحثات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق تالنار: “لا أعرف إن كان ذلك سيحدث يوماً، وإذا حدث فمتى”.
وفقاً لمسؤول أوروبي تحدث مع i24NEWS، هذا الأسبوع، يُظهر الأميركيون استعداداً للتحرك في المرحلة الثانية حتى بدون عودة جثمان رن جفيلي، آخر رهينة إسرائيلي محتجز في غزة.
وقال مصدر إسرائيلي لموقع “تايمز أوف إسرائيل”: “نحن نكمل كل الجهود وكان بإمكاننا البدء في المرحلة الثانية منذ وقت طويل، لكن حماس تعرقل ذلك، على ما يبدو عمداً”.
وأضاف: “عناصر حماس لا تفعل ما هو مطلوب لإعادة رن جفيلي. إسرائيل تصر على أن تُفك حماس ويُعزل قطاع غزة، ليس كشعار أو عرض، بل بشكل حقيقي، إذ أن نزع السلاح وحده يمكن أن يمنح فرصة لمستقبل أفضل لسكان غزة. الرسالة الإسرائيلية ستكون أنه لا جدوى من بدء المرحلة الثانية دون الاتفاق على نزع سلاح حماس”.
وقال المسؤول الإسرائيلي: “الأميركيون يريدون التحرك بسرعة وبدء مشروع إعادة الإعمار في أسرع وقت ممكن، على سبيل المثال في رفح”.
في المقابل ترى “حماس” في الخروقات الإسرائيلية التي سُجلت في المرحلة الأولى، مدعاة للمطالبة بضمانات أكبر وأكثر جدية في المراحل التالية. مسؤول في الحركة قال لـ”الشرق” في مطلع ديسمبر: “لا يوجد أي ضمانات للحماية الجماعية والفردية سوى بقاء السلاح، لهذا لا يمكن بحث هذا الموضوع قبل انسحاب إسرائيلي كامل وشامل، ووجود قوات دولية للفصل بين الجانبين وحماية الشعب الفلسطيني من الاجتياحات والاغتيالات”.
مطالب فلسطينية بضمانات
مصادر في حركة “حماس” قالت، إن الخروقات الإسرائيلية التي سُجلت في المرحلة الأولى تجعل الانتقال إلى المرحلة الثانية بحاجة إلى ضمانات جدية من الوسطاء، مختلفة عن تلك التي قدمت في المرحلة الأولى.
وأضافت: “إسرائيل لم تلتزم في المرحلة الأولى بقائمة طويلة من البنود التي جاءت في الخطة مثل وقف الاغتيالات والاجتياحات، وفتح معبر رفح في الاتجاهين، ودخول المعدات اللازمة لإزالة الأنقاض، وعدد الشاحنات التي تحمل المواد الغذائية والاحتياجات وغيرها”.
وكان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان قال، خلال مؤتمر صحافي في دمشق الأسبوع الجاري، إن بلاده تتوقع بدء المرحلة الثانية من اتفاق غزة في مطلع عام 2026، موضحاً أن “مناقشات ميامي” ركزت على العقبات التي تحول دون انتقال الاتفاق إلى مرحلته التالية.
واتفق الوسطاء (الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا) خلال اجتماع في مدينة ميامي بولاية فلوريدا الأميركية، على المضي قدماً في تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة، بعد تقييم ما تحقق في مرحلته الأولى، بما يشمل تعزيز المساعدات الإنسانية، وخفض الأعمال القتالية، والتحضير لترتيبات الحكم والإعمار والتكامل الإقليمي، بحسب بيان مشترك.
واعتمد مجلس الأمن الدولي، التابع للأمم المتحدة قراراً في 17 نوفمبر الماضي، أجاز تشكيل مجلس السلام في غزة، وأن تنشئ الدول التي تعمل معه قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في القطاع.
صواريخ إيران
ومن منظور إسرائيل، ستكون إيران القضية المركزية خلال قمة ترمب ونتنياهو المرتقبة. ومن المتوقع أن يقدم نتنياهو لترمب معلومات استخباراتية حديثة حول تقدم إيران في تسريع برنامجها للصواريخ الباليستية وتجديد دعمها للجهات التابعة لها عبر تهريب الأسلحة والأموال.
وقال مسؤول إسرائيلي تحدث مع صحيفة “يديعوت أحرونوت”: “هناك حاجة لتنسيق المواقف في ضوء تقدم إيران. كما سيعرض نتنياهو على ترمب الخيارات المطروحة إذا لزم الأمر: اتفاق أميركي-إيراني يعالج جميع القضايا العالقة؛ أو خيار توجيه ضربة إسرائيلية ضد طهران؛ أو توجيه ضربة أميركية إسرائيلية مشتركة”.
في إسرائيل، يدرك المسؤولون أن الأميركيين غير حريصين على مواجهة عسكرية جديدة مع إيران بعد حرب الـ12 يوماً في يونيو الماضي.
وتأمل تل أبيب، وفق مصادر إسرائيلية، أن يمنح ترمب الضوء الأخضر لنتنياهو، إذا أصبح توجيه ضربة إسرائيلية أمراً ضرورياً.
