“مسد” يتوجه إلى العرب.. قنوات توازي التطبيع مع الأسد
قال الرئيس المشترك لـ”مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد) محمود المسلط، إن لدى المجلس خططًا مطروحة لاتخاذ خطوات فعلية تهدف لتنشيط مسار “الحوار السوري” من خلال مشاورات مع أطراف سورية وقوى إقليمية ودولية، مشيرًا إلى نية “مسد” افتتاح ممثليات جديدة في دول عربية وأجنبية، وذلك خلال حديث مطول أجرته وكالة “هاوار“.
وانطلاقًا مما أسماه “أهمية الدور العربي في سوريا”، اعتبر أنه لا يمكن أن يكون المجلس منعزلًا عن الدول العربية “الشقيقة”، مشيرًا إلى أنه لـ”مسد” تواصل مع دول مثل العراق ومصر والأردن والسعودية، وهي بداية للانفتاح على هذه الدول من أجل “المصالحة الوطنية السورية”.
مبادرة “مسد” نحو دول الخليج ليست تحولًا جذريًا، إذ سبق أن وزار وزير الدولة السعودي، ثامر السبهان، المنطقة الشرقية من سوريا، الخاضعة لسيطرة “الإدارة الذاتية”.
تدخل الرياض في المنطقة لم يكن لأمر يتعلق بسوريا، أو حتى “الإدارة الذاتية”، بقدر ما كان إزعاجًا لأنقرة التي تعتبر أن هذه الجهات امتداد لحزب “العمال الكردستاني” المصنف على قوائم الإرهاب لديها.
وبعد استئناف مسار العلاقات بين السعودية وتركيا، تراجع تدخل الرياض في شمال شرقي سوريا.
ومنذ نحو عام، تحاول “الإدارة الذاتية” الخروج بإصلاحات، وقوانين جديدة، أحدثها كان نيتها عقد انتخابات محلية، وإقرار العقد الاجتماعي، تزامنًا مع تغييرات طرأت على “مجلس سوريا الديمقراطية” تجلّت بتعيين محمود المسلط رئيسًا مشتركًا له، وهو مقرب من أمريكا، ولا مشاكل تبعده عن الأتراك، كما تساعد خلفيته العشائرية بتأمين قبول محلي.
خطة قديمة تجددت
تحاول “الإدارة الذاتية” بناء علاقات مع دول عربية منذ سنوات، منها السعودية ومصر وغيرها، ونجحت في تكون بعض الخيوط الدبلوماسية مع هذه الدول، لكنها لا تزال تنتظر نتائج محاولاتها في أماكن أخرى.
المملكة السعودية زادت علاقاتها مع “الإدارة الذاتية” عام 2017، وزار وزير الدولة السعودي ثامر السبهان مع مسؤولين أمريكيين إلى شمال شرقي سوريا عام 2019، التقى فيها عددًا من شيوخ ووجهاء وإداريين من قبائل ومجالس محافظة دير الزور، وهي الثانية بعد زيارة إلى الرقة في 2017.
صحيفة “العربي الجديد” قالت حينها نقلًا عن مصدر في “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وهي الجناح العسكري لـ”الإدارة الذاتية”، أن الزيارة تركزت حول تمويل السعودية لقوات عربية تدعمها واشنطن لمقاومة محاولات التمدد الإيراني في شمال شرقي سوريا.
وعادت هذه العلاقة للانحدار بعد التسوية السعودية- التركية عام 2021، التي حُلت خلافات الرياض وأنقرة بموجبها، وطوت مسألة العلاقة مع “الإدارة” ولو بشكل ظاهري.
الباحث المساعد في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، أسامة شيخ علي، قال ل إن “مسد” بدأت تتجه لتنمية علاقاتها مع الدول العربية التي تربطها بها علاقات أصلًا، إضافة إلى تكوين علاقات جديدة مع دول أخرى.
وأضاف أن بحث دول الخليج العربي عن أن تكون رائدة ومؤثرة في الإقليم، يشكل سببًا لتوجه “مسد” نحو تعزيزات علاقاتها معها، ناهيك عن الدول التي تملك وزنًا إقليميًا في الأساس، ما يجعل من التقارب معها هدفًا بالنسبة للفواعل المحلية.
ويعتقد الباحث المتخصص في شؤون فواعل ما دون الدولة، أن أحد الأسباب التي دفعت “مسد” لاختيار محمود المسلط رئيسًا مشتركًا لها، هو رغبتها بالتقارب مع دول الخليج العربي بالمقام الأول.
وكان “مجلس سوريا الديمقراطية” انتخب في مؤتمره الرابع بمدينة الرقة في 20 من كانون الأول 2023، محمود المسلط، وليلى قره مان، رئيسين مشتركين له، بمشاركة من ممثلين عن “الإدارة الذاتية”.
وحملت الأسماء الجديدة ملامح تغيير، إذ ينحدر المسلط من خلفية عشائرية، وهو ابن شقيق رئيس “الائتلاف الوطني” المعارض سالم المسلط، وفي الوقت نفسه كان يقيم في الولايات المتحدة، وتجمعه علاقات جيدة مع الأمريكيين.
اقرأ أيضًا: المسلط في رئاسة “مسد”.. أمريكا تمهد لمرحلة جديدة
“مسد” تستقرئ
يعتقد الباحث في مركز “عمران” أسامة شيخ علي أن “مسد” تستقرئ دورًا واسعًا لدول الخليج العربي في الملف السوري مستقبلًا، وتحاول أن تستبق بداية التحول في هذا الإطار في الوقت الراهن، عبر فتح قنوات تواصل، وتكوين علاقات جيدة مسبقًا.
وأضاف أن صندوق التعافي المبكر الذي تسعى الأمم المتحدة لإنشائه، والحضور الخليجي البارز في تشييد هذا الصندوق يشكل دافعًا لـ”الإدارة الذاتية” نحو التقارب مع هذه الدول.
ويعتقد شيخ علي أن خطوات التقارب التي بدأ “مسد” يتخذها مؤخرًا لا يمكن فصلها عن الخطوات السابقة مثل “العقد الاجتماعي”، والحديث عن انتخابات محلية قادمة، التي جاءت كرسائل نحو الخارج.
الباحث يرى أن “مسد” يدرك مخاوف دول الخليج العربي، خصوصًا تلك التي تقاربت مع النظام سابقًا، التي تتجلى بوحدة الأراضي السورية، وهو ما يحاول المجلس أن يقدم تطمينات في إطاره.
المسلط قال خلال حديثه لـ”هاوار” إنه يعمل على توسيع علاقات “مسد” مع الدول العربية، إذ يملك مكاتب وممثليات في الخارج، ويعمل على افتتاح أخرى، مشيرًا إلى أن “المجلس” لا ينسى أن هناك دولًا عربية طبعت مع النظام، معتبرًا أن “مسد” جزء من “الدولة”، ويجب أن تكون له “فاعلية خارجية” مع الدول العربية.
ووفق الباحث، فإن حديث المسلط جاء بصيغة ينأى فيها بنفسه عن المعارضة السورية، ويعتبر أن “الإدارة الذاتية” طرف ثالث لا علاقة لها بالمعارضة، ويمكن أن تشغل حيزًا أوسع من أي خطة للحل في سوريا.
مظلوم عبدي مهّد للتحول
في نهاية 2023، دعا قائد “قسد”، مظلوم عبدي، خلال مشاركته في المؤتمر العام الرابع لـ”مسد”، إلى تكثيف الجهود والعمل على تنظيم صفوف المعارضة “الوطنية” في عموم سوريا.
وقال حينها إن “المعارضة المرتبطة بأجندة خارجية لا تملك أي برامج وأصبحت خارج المعادلة”، كما أن القوى الدولية لا تملك “برامج قوية” لقيادة الحل، ولا تظهر إرادة لإجبار جميع الأطراف على الخروج من الأزمة.
ويرى عبدي أن “المعارضة التابعة للخارج” فشلت بإيجاد أي حل لـ”الأزمة السورية”، معتبرًا أنها تركت الساحة للمجموعات “الإرهابية، والراديكالية”.
وأضاف أنه كان لا بد من ظهور “المعارضة الحقيقية”، ما دفع لتأسيس “مسد”، مشيرًا إلى أن “قسد” اتخذت من “مسد” مظلة سياسية، لتمثلها في المحافل السياسية الدولية والمحلية.
وحول “الائتلاف السوري لقوى المعارضة” قال عبدي إنه لا يمتلك أي برامج، وقد أصبح خارج المعادلة، باعتبار أنه مرتبط بأجندة خارجية.
ويتبنى “الائتلاف” وأطياف المعارضة السورية المنبثقة عنه موقف تركيا نفسه من “الإدارة الذاتية” وذراعها السياسية “مسد” والعسكرية “قسد” على أنها امتداد لحزب “العمال الكردستاني” في سوريا.
واعتبر عبدي أنه في ظل عدم الجدية الدولية بإيجاد حل لـ”الأزمة السورية”، يجب على “مسد” تكثيف جهوده لإيجاد حلول في إطار مبادرات أوسع لتنظيم صفوف “المعارضة الديمقراطية” في عموم سوريا.
وعلى مدار السنوات الماضية، طرحت “الإدارة الذاتية” خططًا للحوار مع النظام السوري والوصول إلى حل توافقي، لكن رفض النظام المستمر أفشل هذه الخطط والمبادرات بحسب تصريحات سابقة لمسؤولين كرد.
وينظر النظام السوري إلى “الإدارة الذاتية” على أنها “كيان انفصالي” مدعوم من قبل دولة خارجية (الولايات المتحدة)، وبناء عليه، أبدى دعمه سابقًا للانتفاضة القبلية المسلحة التي شهدتها محافظة دير الزور ضد “قسد”.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي