مشاركة مقاتلات الصين نزاع الهند وباكستان تؤجج توترا جيوسياسي

تُوازن الصين بين الحماسة وضبط النفس الدبلوماسي، وسط مزاعم باكستان التي تتعلق بإسقاط مقاتلات صينية، لـ5 مقاتلات تمتلكها الهند، فيما تراقب الولايات المتحدة التوتر الجيوسياسي، إذ تسلط الخطوة الضوء على اختبار بكين أسلحتها في النزاع بين الدولتين المسلحتين نووياً، حسبما أفادت صحيفة “واشنطن بوست”.
ويتخوف المسؤولون الصينيون، من أن عرض أي نجاح علني للصين في ساحة المعركة، قد يُحطم انفراج العلاقات الهش مع الهند، فيما تحاول فيه بكين تقديم نفسها كقوة استقرار في آسيا على عكس تقلبات واشنطن.
وعززت الصين علاقاتها الاقتصادية والعسكرية مع باكستان في السنوات الأخيرة، حيث تُزوّدها الآن بنحو 80% من أسلحتها المستوردة، لكن بعد احتدام العمليات القتالية عبر الحدود الأسبوع الماضي، وعقد سلسلة من الاجتماعات في كل من إسلام أباد وبكين، سارع الدبلوماسيون الصينيون إلى تقييم التداعيات المحتملة.
وتُعد مقاتلات J-10 شائعة الاستخدام في الطلعات الجوية التي ينفذها الجيش الصيني فوق تايوان وبحر الصين الجنوبي، وقد استُخدمت لاعتراض طائرات أميركية.
وهذا الأسبوع، تبنى المسؤولون الصينيون ووسائل الإعلام الرسمية، نبرة حذرة، فيما أشادوا بنجاح التكنولوجيا العسكرية الصينية، ودعوا إلى ضبط النفس بين الجارتين النوويتين، اللتين التزمتا بوقف إطلاق النار أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
بدورها، أعلنت نيودلهي هذا الأسبوع، تفاصيل جديدة تسلط الضوء على دور الأسلحة الصينية في الاشتباك مع القوات الباكستانية، ونفت مزاعم تفوقها على الدفاعات الهندية.
وفي بيان صدر الأربعاء، زعمت نيودلهي أن قواتها “تجاوزت وعطلت أنظمة الدفاع الجوي الباكستانية الموردة من الصين في غضون 23 دقيقة فقط”.
“قوة بالوكالة” في جنوب آسيا
ويؤكد هذا القلق السائد بين المسؤولين الصينيين والرسائل المدروسة بعناية، الدور الحساس الذي تلعبه بكين كـ”قوة عسكرية بالوكالة” ناشئة في جنوب آسيا، وهي منطقة قد تصبح أول ساحة اختبار حقيقية لترسانتها وفعاليتها ضد الأسلحة الغربية.
وقال مصدر مطلع للصحيفة: “تُدار الأوضاع في الصين بحذر شديد، لا شك أن بكين تريد إظهار قوة تطور صناعتها العسكرية، لكن هذا ليس الوقت المناسب للانجراف إلى معارك تافهة”.
بدوره، قال نيشانك موتواني، من المعهد الأسترالي للسياسات الاستراتيجية: “بالنسبة للصين، تُعدّ الهند علاقة بالغة الأهمية، على الرغم من كونهما منافسين. فهي لا تريد دفع الهند أكثر نحو فلك الولايات المتحدة”.
وتُسهم الشراكة بين الصين وباكستان، في موازنة نفوذ الهند، التي لديها نزاع حدودي طويل الأمد مع الصين، حيث اشتبكت القوات الصينية والهندية في عام 2020 في وادي جالوان المتنازع عليه، ما أسفر عن سقوط ضحايا من الجانبين، ولم يتفق الجانبان إلا في العام الماضي على اتفاقية دوريات مشتركة لتهدئة التوتر.
ولا تزال بكين حذرة من المبالغة في الضغط على نيودلهي، فعندما توترت العلاقات عقب اشتباكات وادي جالوان، سارعت واشنطن إلى ضم الهند إلى تحالف الدول التي تواجه نفوذ الصين المتزايد في آسيا.
وفي اجتماع عُقد في البيت الأبيض في عام 2022، وقّع الرئيس الأميركي آنذاك، جو بايدن، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اتفاقية لإنتاج محركات طائرات مقاتلة بشكل مشترك في الهند، مُعلنين أن البلدين “من أقرب الشركاء في العالم”.
وكان ترمب ادعى أن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه قبل أي تصريح رسمي من الهند أو باكستان، يُعدّ “انتصاراً دبلوماسياً عابراً”، وسط تعثر جهود التوسط في السلام في أوكرانيا والشرق الأوسط.
ورفض مسؤولون في الهند، دعوة ترمب لوقف إطلاق النار في كشمير، ومع ذلك، يرى المحللون إن نيودلهي لا تزال مُقيدة بضرورة إبرام صفقة تجارية خلال مهلة الـ90 يوماً للمفاوضات.
وزعم ترمب في تصريحات صحافية، الخميس، أن الهند عرضت صفقة “بدون رسوم جمركية” على السلع الأميركية.
وقد صدّقت واشنطن على توسيع بكين لعلاقاتها العسكرية مع باكستان المسلحة نووياً، ما أثار مخاوف بشأن الاستقرار الإقليمي ومخاطر انتشار الأسلحة النووية، وفي سبتمبر الماضي، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على عدد من الشركات الصينية التي تمد برنامج الصواريخ الباليستية الباكستاني بالتجهيزات.
يشار إلى أن الصين أنفقت تريليونات الدولارات في بناء جيش عالي التقنية، تأمل أن يُنافس جيش الولايات المتحدة في العقود المقبلة، لكنها لم تُتح لها سوى فرص قليلة لاختبار هذه الاستثمارات عملياً، ومن المرجح أن تُثير الأدلة المتزايدة على أن الطائرات الصينية ربما أسقطت طائرات فرنسية حديثة الصنع ارتياحاً لدى بكين.