– لمى دياب

أبرمت الحكومة السورية عدة اتفاقيات لتطوير شبكة الكهرباء وتحسينها بعد معاناة المواطنين التي استمرت أكثر من 13 عامًا بسبب التقنين الجائر.

وتعد هذه الخطوة استراتيجية، فهي لا تقتصر على تحسين الواقع الكهربائي فحسب، بل تسهم أيضًا في دفع عجلة التنمية وتحقيق الاستقرار.

المدير العام للمؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء، خالد أبو دي، أوضح ل أن الجهود الحالية ستحدث فرقًا ملموسًا خلال الفترة المقبلة في قطاع الكهرباء، من خلال زيادة القدرة التوليدية للطاقة اعتمادًا على عدة مسارات استراتيجية.

أبرز تلك المسارات إنشاء محطات توليد جديدة تعتمد على الغاز، إضافة إلى التوسع في مشاريع الطاقات المتجددة، سواء المباشرة أو المزودة بأنظمة تخزين، إلى جانب استيراد الكهرباء من دول الجوار بعد تأهيل وصيانة خطوط النقل اللازمة لذلك، بحسب أبو دي.

وتابع أن المؤسسة تعمل بوتيرة متسارعة لإعادة تأهيل محطات التحويل وخطوط النقل الرئيسة، لافتًا إلى أنه “تم تحديد الأولويات بما يخص محطات التحويل وخطوط النقل من أجل إعادة تأهيلها بما يخدم إعادة الاستقرار إلى المناطق المتضررة، وتسهيل عودة الأهالي النازحين إلى قراهم”.

9000 ميغاواط قدرة توليدية متوقعة

بالانتقال إلى قطاع توليد التيار الكهربائي، بيّن أبو دي أن الخطة الموضوعة تهدف إلى رفع القدرة التوليدية المقدرة حاليًا بـ5000 ميغاواط، خلال السنوات الأربع المقبلة إلى 9000 ميغاواط، بما يتناسب مع الطلب على الطاقة الكهربائية.

وسيستمر التحسن في قطاع التوليد لتصل القدرة الإنتاجية إلى نحو 15000 ميغاواط، ويرتبط ذلك بالطلب خلال الـ15 عامًا المقبلة، وذلك وفق تنبؤات ارتفاع الطلب على الطاقة، بحسب أبو دي.
وأضاف أن إعادة تأهيل محطات التحويل تأتي في صدارة أولويات قطاع النقل والتوزيع، لضمان الجاهزية الكاملة لتصريف الطاقة المنتجة.

الاتفاق مع مجموعة “UCC”

وقعت وزارة الطاقة السورية، في 29 من أيار الماضي، مذكرة تفاهم مع مجموعة “UCC Concession Investments” العالمية، لتعزيز مجالات الاستثمار في قطاع الطاقة، بقيمة تصل إلى سبعة مليارات دولار أمريكي.

الشركة القطرية “UCC Concession” ستتولى دور المطور الرئيس في الاتفاقية، إلى جانب شركتي “Kalyon GES Enerji Yatirimlari” و“Cengiz Enerji” التركيتين، وشركة “Power International USA” الأمريكية.

أشار أبو دي إلى البدء بتنفيذ الدراسات الفنية تمهيدًا لتوقيع العقود والبدء بأعمال البناء، بعد أن جرى تسليم مواقع المحطات.

وستقوم المؤسسة العامة للنقل والتوزيع بدراسة جريان الحمولة آخذة بعين الاعتبار وجود محطات التوليد المناسبة، والعمل على تحديد مسارات خطوط النقل التي سيتم إنشاؤها من أجل تصريف الطاقة على الشبكة الكهربائية.

وكان المدير العام لمؤسسة توليد الكهرباء، محمد فضلية، قال في تصريح ل، في 15 من حزيران الماضي، إنه تم تسليم مجموعة “UCC” القابضة مواقع في إطار تنفيذ الاتفاقية الموقعة لتوسيع شبكة الكهرباء.

وتشمل المواقع محردة في محافظة حماة، والتيم في محافظة دير الزور، وزيزون في محافظة إدلب، والطريفاوي في محافظة حلب.

بينما يجري استكمال متطلبات تسليم المواقع بإشراف المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء، وبالتعاون مع شركات التوليد في المحافظات، وفق فضلية.

وفيما يخص محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية، أوضح فضلية أنه سيتم تسليم موقع وديان الربيع في ريف دمشق، وكفربهم في حماة.

146 مليون دولار منحة البنك الدولي

وافق البنك الدولي على منحة قدرها 146 مليون دولار لمساعدة سوريا على استعادة الكهرباء بشكل موثوق وبأسعار معقولة ودعم التعافي الاقتصادي للبلاد.

وأوضح البنك الدولي في بيان صدر عنه، في 25 من حزيران الماضي، أن مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الدولي وافق على المنحة التمويلية لسوريا من المؤسسة الدولية للتنمية (IDA)، وفق برنامج “مشروع طوارئ كهرباء سوريا” (SEEP).

وذكر أبو دي أنه يتم التخطيط لعقد اجتماعات خلال منتصف الشهر الحالي مع الشركات التي ترغب بتوريد وتنفيذ المشروعات التي سيتم عرضها في الإعلانات تمهيدًا لإعداد دفاتر الشروط الفنية، ومن المتوقع إنجازها خلال الشهر الحالي.

يهدف المشروع إلى إعادة تأهيل خطوط النقل ومحطات المحولات الكهربائية المتضررة، وتقديم المساعدة الفنية لدعم تطوير قطاع الكهرباء وبناء قدرات مؤسساته.

ضخ الغاز عبر الأردن

أطلقت قطر، في 13 من آذار الماضي، مبادرة لتزويد سوريا بالغاز الطبيعي عبر الأردن، للمساهمة في توليد الطاقة الكهربائية.

وعقب المبادرة، قال وزير الكهرباء السابق في حكومة دمشق المؤقتة، عمر شقروق، إن قطر ستسهم بدعم قطاع الطاقة في سوريا عبر توفير مليوني متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميًا.

وأضاف شقروق أن الغاز القطري سيسهم في توليد 400 ميغاواط إضافية من الكهرباء، ما يؤدي إلى تحسين التغذية الكهربائية وزيادتها بمعدل ساعتين إلى أربع ساعات يوميًا، الأمر الذي سينعكس إيجابًا على الحياة اليومية للمواطنين ودعم القطاعات الحيوية في سوريا.

وستنتقل هذه الإمدادات عبر الخط العربي للغاز الذي يمر من أراضي المملكة الأردنية.

ولفت أبو دي إلى أن الاتفاق مع الأردن بخصوص تزويد سوريا بالغاز القطري عبر الخط العربي شارف على الاكتمال، حيث يجري تجهيز العقود اللازمة لضخ الغاز، ومن المتوقع البدء في بداية آب المقبل.

وسينعكس ذلك بشكل مباشر على زيادة ساعات التغذية الكهربائية التي قد تصل إلى ثماني ساعات يومًيا، خاصة بعد تأمين الوقود اللازم وتشغيل مشاريع التوليد الجديدة، ومنها محطات الدورة المركبة الغازية التي تحتاج من ثلاث إلى أربع سنوات للتنفيذ، وفق أبو دي.

عدالة التقنين الكهربائي

نوه أبو دي إلى أن هناك عدالة ببرنامج التقنين المعمول به في الوقت الحالي، ولا صحة لما يشاع عبر بعض وسائل التواصل الاجتماعي عن وجود تمييز في توزيع الكهرباء بين المحافظات.

التقنين يخضع لاعتبارات مدروسة تتعلق بالأحمال المنزلية والزراعية والصناعية وغيرها، دون المساس بحصة المواطن.

تدمير البنية التحتية

فاقمت السنوات الماضية الأوضاع الخدمية المرتبطة بالكهرباء إلى حد كبير في سوريا، حيث أصبح نصيب الفرد من استهلاك كهرباء الدولة 15% مما كان عليه في عام 2010، وفق ما ذكرته دراسة بحثية أعدها الباحثان سنان حتاحت وكرم شعار في 2020.

خلال النزاع المسلح، تضررت البنية التحتية لتوليد الكهرباء ونقلها، إذ عمدت الأطراف المتنازعة إلى قصف محطات توليد الطاقة الكهربائية مباشرة، وتدمير أجزاء من شبكة النقل، واستهداف أنابيب الغاز.

ودمرت ثلاث محطات أساسية لتوليد الكهرباء في أوقات مختلفة، شملت محطة حلب الحرارية، ومحطة زيزون في إدلب، ومحطة التيم في دير الزور.

وكانت الاستطاعة الاسمية لهذه المحطات مجتمعة تبلغ 1706 ميغاواط قبل الحرب، أي ما نسبته حوالي 18.25% من إجمالي الإنتاج الوطني، وفقًا للدراسة.

في المقابل، بقيت ثماني محطات في الخدمة من أصل 11 محطة تعمل بالوقود الأحفوري.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.