مشاورات تسبق مشاركة مبعوث ماكرون في جلسة انتخاب رئيس لبنان
أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، الثلاثاء، أن جان إيف لودريان، المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان، سيحضر جلسة انتخاب رئيس جديد للبلاد المقررة في 9 يناير الجاري، بدعوة من رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري.
وحثَّت الخارجية الفرنسية في بيان النواب اللبنانيين على “التوصل إلى توافق في يوم الجلسة لانتخاب رئيس للبلاد يتيح بعد ذلك تعيين حكومة قوية قادرة على جمع الشعب اللبناني، وتلبية تطلعاتهم، وتنفيذ الإصلاحات اللازمة لاستقرار لبنان وأمنه”.
وأشارت إلى أن زيارة لودريان تأتي في إطار “الجهود المبذولة منذ أكثر من عامين، بالتشاور الوثيق مع شركاء لبنان وأصدقائه العاملين في اللجنة الخماسية (التي تضم فرنسا، والولايات المتحدة، والسعودية، ومصر، وقطر)، لتمكين الشعب اللبناني من انتخاب رئيس، وفقاً للمبادئ المتفق عليها في (العاصمة القطرية) الدوحة في يوليو 2023”.
ولفتت إلى أن الزيارة تأتي “استكمالاً لزيارتَي الموفَدين السعودي والأميركي في الأيام الأخيرة الماضية”، معتبرة أن “انتخاب رئيس للبنان يُمثّل المرحلة الأولى، لاستئناف عمل المؤسسات اللبنانية بشكل عاجل واستعادة سيادة البلاد.
“الأولوية هي لرئيس جامع”
قالت مصادر دبلوماسية فرنسية لـ”الشرق” إن لودريان سيجتمع مع الكتل النيابية اللبنانية، ومن بينهم كتلة نواب “حزب الله”، للاطلاع على مشاورات هذه الكتل من جلسة انتخاب الرئيس الجديد.
وأضافت المصادر الدبلوماسية أن اللجنة الخماسية تعتبر أيضاً في هذا السياق أن “الأولوية هي لرئيس جامع”، لافتة إلى أن أقرب شخصية لهذه المعايير من بين الأسماء المطروحة، هو قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون، لا سيما وأن المطلوب في هذه المرحلة هو بناء الدولة اللبنانية ومؤسساتها بعيداً عن “المحاصصة والفساد”.
وشددت المصادر الدبلوماسية على “ضرورة إنجاز الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت ممكن”، لا سيما وأن أمام لبنان استحقاقات مهمة، من بينها إعادة الإعمار بعد الحرب بين جماعة “حزب الله” وإسرائيل.
حالة من الترقب
يدخل لبنان حالة من الترقب، إذ يفصل بين انتخاب رئيس للبلاد أو استمرار حالة الشغور الرئاسي يومين، لا سيما وأن جلسة انتخاب رئيس للبلاد في مجلس النواب قد تجيب عن سؤالين مهمين، “هل ستنتهي الجلسة إلى انتخاب رئيس؟ ومن هو الرئيس المقبل للجمهورية؟”.
ويُطرح السؤالان في ظل تحركات دولية باتجاه لبنان، وكان آخرها وصول لودريان إلى بيروت، الثلاثاء، للتأكيد على الموقف الفرنسي الداعي إلى انتخاب رئيس للبلاد، لا سيما وأن هناك تشاورات بين أعضاء اللجنة الخماسية.
وأشارت هذه التحركات إلى ظهور اسم قائد الجيش اللبناني جوزيف عون لتولّي منصب الرئاسة، دون أن تكون هناك تأكيدات رسمية.
وسبق زيارة لودريان إلى بيروت، محادثات لمستشار وزير الخارجية السعودي للشؤون اللبنانية الأمير يزيد بن محمد بن فهد الفرحان، الأسبوع الماضي، مع عدد من الكتل النيابية والشخصيات، تركزت على الانتخابات الرئاسية، بالإضافة إلى محادثات للمبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكستين تناولت وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في ضوء عمل لجنة المراقبة والانتخابات الرئاسية.
وكان هوكستين قد أجرى محادثات في الرياض مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ومع مستشاره العائد من بيروت الأمير يزيد بن محمد بن فهد الفرحان.
محادثات بشأن رئيس لبنان
قال النائب اللبناني وضاح الصادق إن محادثات مستشار وزير الخارجية السعودي الأمير يزيد بن محمد بن فهد الفرحان في بيروت “تركزت على مستقبل لبنان وإنهاء حالة الشغور الرئاسي عبر التوافق على اختيار رئيس تتوفر فيه القدرة على إعادة لبنان إلى العمق العربي، وإعادة بناء المؤسسات الدستورية، والقيام بالإصلاحات المالية المطلوبة، وتنفيذ المقررات الدولية، من بينها القرار 1701، وكذلك التمسك باتفاق الطائف”.
ولفت الصادق إلى أن المستشار السعودي خلال لقائه النواب لم يطرح اسماً محدداً بعينه لتولّي منصب رئيس الجمهورية، مشيراً إلى أنه بناء على المحادثات من الممكن أن يكون قائد الجيش العماد جوزيف عون خياراً مناسباً.
وأضاف: “لدينا اجتماعات مكثفة، للاطلاع على رؤية المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان. المشاورات بين الكتل النيابية مفتوحة”.
وتابع: “إذا تم تأمين الإجماع الوطني حول قائد الجيش، فإن القوات اللبنانية كانت أول من مددت له سنتين في منصب قائد الجيش”.
وأردف بالقول إن “العقبة التي تقف أمامه تتمثل في استمرار موقف الكتل الرافض لانتخاب قائد الجيش لمنصب رئاسة الجمهورية، إذ من الممكن أن يتسبب هذا الرفض في صعوبة تأمين 86 صوتاً اللازمة لانتخابه”.
من جانبه، قال عضو كتلة الجمهورية القوية، النائب جورج عقيص إن “كل الخيارات مطروحة، فقائد الجيش لا يمكن أن يكون حسم نجاحه خصوصاً، أنه بحاجة إلى 86 صوتاً، لذلك فكل السيناريوهات مفتوحة”.
وأضاف عقيص في تصريحات لـ”الشرق” أنه “في الوقت الحاضر ننتظر استكمال المشاورات مع بقية الكتل النيابية من أجل التوصل إلى خلاصة من شأنها أن تحدد خيارنا”.
وعن فرصة انتخاب رئيس في الجلسة المقبلة، نوَّه عقيص بأن “لبنان بلد المفاجآت. موعد الجلسة يقترب، وستُطرح كل الأوراق على الطاولة”.
كان الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط، ذكر في تصريحات تلفزيونية مع قناة LBC اللبنانية، الاثنين، أن “قائد الجيش العماد جوزيف عون لا يزال مرشحنا والقرار اتُّخذ من قِبَل (كتلة) اللقاء الديمقراطي ورئيسه، وكنت حاضراً”.
وكان آخر رئيس للبنان، هو ميشال عون، الذي كان قائداً سابقاً للجيش، وحليفاً سياسياً لجماعة “حزب الله”.
آلية اختيار رئيس لبنان
يجري اختيار من يشغل منصب رئيس لبنان عن طريق التصويت في البرلمان الذي يتألف من 128 مقعداً.
جدير بالذكر أنه ليس لدى أي تحالف سياسي بمفرده ما يكفي من المقاعد لفرْض اختياره، ما يعني ضرورة التوصل إلى تفاهم بين الكتل المتنافسة من أجل انتخاب مرشح.
وينص الدستور اللبناني على ضرورة حضور 86 نائباً جلسة اختيار الرئيس ليكتمل النصاب القانوني، وينبغي أن ينال (الرئيس الجديد) 65 صوتاً ليُعتبر رابحاً من الدورة الأولى، وبالأكثرية المطلقة في الدورة الثانية.