قالت مصر، الخميس، إنها لن تسمح بما وصفته بـ”النهج الإثيوبي” القائم على فرض الهيمنة المائية بدلًا من تبني مبدأ الشراكة والتعاون، في الوقت الذي أعلنت فيه أديس أبابا عزمها افتتاح مشروع سد النهضة رسمياً سبتمبر المقبل، في خطوة قالت إنها “تدعو للتعاون لا للصراع”.

وذكرت الحكومة المصرية في بيان صادر عن وزارة الموراد المائية والري على “فيسبوك”، الخميس، أن الوزير هاني سويلم عرض خلال لقاء عدد من السفراء المصريين الجدد تطورات ملف السد الإثيوبي، ومسار المفاوضات الثلاثية (مصر والسودان وإثيوبيا)، وما شابها من نقاط خلاف جوهرية.

وأشارت إلى أن “القاهرة أبدت التزاماً سياسياً صادقاً للتوصل إلى اتفاق قانونى ملزم وبما يحقق المصالح المشتركة ويمنع الإضرار بدولتي المصب”، إلا أن هذه “الجهود قوبلت بانعدام الإرادة السياسية من الجانب الإثيوبي”، حسب وصف البيان.

ولفت الوزير إلى “الرفض القاطع لاستمرار سياسة إثيوبيا في فرض الأمر الواقع من خلال إجراءات أحادية تتعلق بنهر النيل، باعتباره مورداً مائياً دولياً مشتركاً، في انتهاك واضح للقانون الدولي، خاصة القواعد المتعلقة بالاستخدامات العادلة والمنصفة للمجاري المائية الدولية، وعدم التسبب في ضرر جسيم”.

القاهرة: سد النهضة “غير شرعي”

واعتبر أن “الجانب الإثيوبي دأب على الترويج لاكتمال بناء السد – غير الشرعي والمخالف للقانون الدولي- رغم عدم التوصل إلى اتفاق ملزم مع دولتي المصب، ورغم التحفظات الجوهرية التي أعربت عنها كل من مصر والسودان” لافتاً إلى أن ذلك ” يعكس نهجاً إثيوبياً قائماً على فكر يسعى إلى محاولات لفرض الهيمنة المائية بدلًا من تبني مبدأ الشراكة والتعاون، وهو الأمر الذي لن تسمح الدولة المصرية بحدوثه” .

وقال وزير الري المصري إن “ما يصدر عن الجانب الإثيوبي من دعوات متكررة لاستئناف التفاوض لا يعدو كونه محاولات شكلية تستهدف تحسين الصورة الذهنية لإثيوبيا على الساحة الدولية، وإظهارها بمظهر الطرف الساعي للتفاوض”.

وأفاد بأن “الواقع العملي، ومسار التفاوض الممتد لأكثر من ثلاثة عشر عاماً دون التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم، يبرهن بوضوح على غياب الإرادة السياسية لدى الجانب الإثيوبي، وافتقار تلك الدعوات للمصداقية والجدية، في ظل غياب أي مؤشر على وجود نية حقيقية لتحويل الأقوال إلى التزامات واضحة وأفعال ملموسة على أرض الواقع” .

واعتبر أن “المواقف الإثيوبية التي تتسم بالمراوغة والتراجع وتفرض سياسة الأمر الواقع، تُناقض ما تُعلنه من رغبة في التفاوض، وهو ما يستوجب من المجتمع الدولي إدراك حقيقته، مشدداً على أن مصر ترفض بشكل قاطع أي محاولات لأن تكون التنمية في إثيوبيا تأتي على حساب حقوق دولتي المصب .

كما استعرض سويلم خلال اللقاء الجهود المصرية لرفع مكانة المياه على أجندة العمل المناخي، خاصة من خلال مبادرة AWARe، التي أطلقتها مصر لخدمة الدول النامية وتوفير التمويل اللازم لمشروعات التكيف مع التغيرات المناخية.

وفيما يتعلق بالموقف السوداني، اعتبر الباحث السوداني في الشؤون الدولية ومنطقة القرن الإفريقي، فؤاد عثمان، في تقرير سابق نشرته الشرق أبريل الماضي أن “السودان، وانشغاله بالحرب الداخلية وفقدانه لوحدة القرار السيادي والدبلوماسي، أضعف من قدرته على التأثير في الملف، رغم أنه الطرف الأكثر تضرراً من حيث غياب المعلومات وتضارب المصالح”.

إثيوبيا تدعو مصر والسودان لافتتاح سد النهضة

في المقابل، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الخميس، أن بلاده ستفتتح سد النهضة رسميًا في سبتمبر المقبل بعد انتهاء موسم الأمطار، ودعا حكومتي مصر والسودان للمشاركة في هذا “الحدث التاريخي”، حسبما أوردت وكالة الأنباء الإثيوبية.

وذكر خلال ردّه على استفسارات لأعضاء البرلمان الإثيوبي أن “سد النهضة لن يسبب ضرراً لمصالح مصر والسودان”، زاعماً أن “سد أسوان (في مصر) لم يفقد حتى لتراً واحداً من مياهه بسبب السد الإثيوبي”.

واعتبر رئيس الوزراء الإثيوبي أن “هناك من يحاول عرقلة افتتاح السد، لكنهم لن يتمكنوا من ذلك”، معرباً عن استعداد إثيوبيا لمواصلة الحوار مع الجانب المصري.

وقال إن بلاده “ستوجه دعوة رسمية من على منصة البرلمان لمصر للمشاركة في احتفال الافتتاح عندما يحين سبتمبر وتنتهي الأمطار”، مشيراً إلى أن المشروع يمثل فرصة للتعاون الإقليمي وليس للصراع.

وتأتي هذه التصريحات المتبادلة في ظل تعثر المفاوضات الثلاثية الممتدة لأكثر من 13 عامًا، والتي لم تُفض إلى اتفاق قانوني يُنظّم آليات ملء وتشغيل السد، وسط استمرار تباين وجهات النظر بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا بشأن أطر التعاون والاستخدام المنصف لمياه النيل.

وبينما تُعلن إثيوبيا تمسكها بحقها في التنمية عبر سد النهضة، تؤكد مصر تمسكها بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية ملء وتشغيل السد، ويضمن حقوق دول المصب، خاصة في فترات الجفاف. كما تشدد على أهمية التنسيق والتعاون بين الدول الثلاث المعنية، مصر، والسودان، وإثيوبيا، لتفادي أي توتر قد ينجم عن الإجراءات الأحادية.

شاركها.