يعيد مرممون مصريون بناء حي متهالك في قلب القاهرة التاريخي بعد توثيقه بعناية ثم صيانته وتفكيكه بدقة متناهية في نموذج يأملون في تطبيقه على أحياء متهالكة أخرى.
يقع حي درب اللبانة في القاهرة على منحدر أسفل قلعة بناها القائد صلاح الدين الأيوبي قبل 8 قرون ونصف قرن، وهي معلم بارز يجاور مجمعاً طبياً عمره 6 قرون، ولم تعد معظم مباني درب اللبانة صالحة للسكن.
وعلى مدى قرون، لم يتغير نمط شوارع منطقة درب اللبانة كثيراً؛ فالممرات والأزقة الضيقة لا تزال كما هي في المسارات الموجودة في خريطة قدمها رسامو الخرائط الفرنسيون خلال احتلال نابليون بونابرت لمصر بين عامي 1798 و1801.
القاهرة الفاطمية
وبدت كثير من المنازل القائمة، التي بُنيت منذ ما يزيد على قرن على أسطح غير مستقرة وصغيرة جداً، وفقاً للمعايير الحديثة، وتفتقر إلى الصرف الصحي، وغيره من مرافق البنية التحتية.
وكانت الخطة هي جعلها صالحة للسكن مع الحفاظ على مخططات الشوارع، والواجهات الأصلية. وشملت أعمال الترميم ترسيخ الأساسات، وتركيب شبكات صرف صحي، ومد خطوط كهرباء جديدة.
وقالت ناييري هامبيكيان، الاستشارية المسؤولة عن مشروع إعادة إحياء وتطوير منطقة درب اللبانة، ضمن أعمال صندوق التنمية الحضرية، إنه جرى بناء “نسخة مصغرة وحديثة من القديم فقط في الأماكن التي دُمرت بالكامل”.
موقع أثري
كان حي درب اللبانة جزءاً من الوقف الأصلي، أو الوقفية، لـ”بيمارستان المؤيد” وهو مستشفى بُني عام 1420 ميلادياً.
وأمضى خبراء الحفاظ على التراث عامَي 2021 و2022 في توثيق المباني في أزقة الحي الضيقة من الداخل والخارج بشكل منهجي.
وأضافت هامبيكيان: “دُمرت 50% من المباني بالكامل، صارت مجرد أكوام من الركام. ودُمرت 20% أخرى بشكل جزئي. أما المباني المتبقية، فلم تكن صالحة للسكن”.
وعرضت الحكومة المصرية على سكان درب اللبانة 3 خيارات، إما الانتقال إلى شقق جديدة تم توفيرها لهم في مكان آخر، أو قبول الإخلاء مقابل تعويض مالي، أو الحصول على مقابل لاستئجار مكان للسكن مؤقتاً إلى أن يتم تجهيز الشقق المرممة.
وفي 2023 و2024، بدأ العاملون بالمشروع تفكيك المباني، وإزالة الحجارة، وترقيمها، ثم بناء مبانٍ جديدة بنفس مساحة وحدود المباني القديمة، مع الحفاظ على واجهاتها الأصلية.
وأوضحت هامبيكيان: “أبقينا على المباني التي كانت قائمة واكتمل ترميمها، وبدأ سكان يعودون إليها”.
وأعاد المشروع بناء 23 مبنى مدمراً بالكامل، واستكمال بناء 15 مبنى آخر دُمرت جزئياً، ومن بين 102 أسرة كانت تعيش في المنطقة، قررت 52 أسرة العودة عند انتهاء المشروع في العام المقبل، 20 منها إلى نفس أماكن سكنها.
