يتعين على دول العالم أن تحذو حذو الصين، التي أحرزت تقدماً كبيراً في بناء منشآت طاقة نووية عالية التقنية، من أجل تحقيق هدف مضاعفة القدرة الإنتاجية للطاقة النووية 3 مرّات بحلول منتصف القرن الجاري، وفق “بلومبرغ”.

وفي سبتمبر 2023، أعلنت الرابطة النووية العالمية بالتنسيق مع مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، وبدعم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إطلاق مبادرة “الطاقة النووية من أجل الحياد المناخي”.

وتدعو المبادرة إلى تعاون غير مسبوق بين الحكومات وقادة قطاع الطاقة النووية والمجتمع المدني، بهدف مضاعفة القدرة الإنتاجية للطاقة النووية حول العالم ثلاث مرات لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.

وأشارت “بلومبرغ”، الأربعاء، إلى أن التعهد العالمي بمضاعفة الطاقة النووية 3 مرات بحلول عام 2050، استقطب دعم دولتين أخريين، ما يعني أن 33 دولة تدعم الآن الجهود الرامية إلى توسيع الأسطول العالمي من المحطات النووية.

ووقعت السنغال ورواندا على هذا التعهد، الجمعة الماضي، على هامش محادثات مؤتمر COP30 في البرازيل، حيث قالت الرابطة العالمية للطاقة النووية إن أحدث تقييم لها يشير إلى أن الهدف المتمثل في رفع القدرة الإنتاجية إلى نحو 1200 جيجاوات بحلول منتصف القرن، أصبح الآن قابلاً للتحقيق، إذا نفذت الدول وعودها بالكامل.

دعوة للتحرّك

وقالت المديرة العام للرابطة، سما بلباو واي ليون، في خطاب ألقته خلال محادثات بالأمم المتحدة: “الطريق إلى مضاعفة القدرة النووية 3 مرات مفتوح، لكنه يتطلب قيادة جريئة وعملية وذات رؤية”، وحضت الحكومات على أن “تتحرّك الآن”.

وفي حين أن هناك العشرات من المفاعلات قيد الإنشاء، تشير توقعات أخرى إلى أن العالم سيواجه صعوبات من أجل تحقيق الطموح المتفق عليه خلال مؤتمر CO28 في دبي، لزيادة الأسطول النووي 3 أضعاف عن مستويات عام 2020 بحلول منتصف القرن. 

وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقرير صدر في سبتمبر الماضي، إنه من المتوقع أن ترتفع القدرة إلى ما يصل إلى 992 جيجاوات بحلول ذلك التاريخ في ظل سيناريو نمو مرتفع.

وللحصول على أي فرصة لتحقيق الهدف النووي، سيتعين على الدول أن تحذو حذو دولة لم توقع حتى الآن على هذا التعهد، وهي الصين، بحسب “بلومبرغ”.

ولدى الصين التي تعد أكبر اقتصاد في آسيا، وأكبر مصدر للتلوث في العالم، ما يقرب من 30 مفاعلاً قيد التطوير. وفي أبريل وافقت بكين على برنامج بقيمة 200 مليار يوان (28 مليار دولار)، لبناء 10 مفاعلات أخرى.

في المقابل، شغلت الولايات المتحدة، أكبر مولد للطاقة النووية في العالم، ثلاثة مفاعلات تجارية جديدة خلال العقدين الماضيين.

وقال مارك نيلسون، رئيس الموظفين في شركة The Nuclear Company، وهي شركة مقرها الولايات المتحدة تركز على نشر التكنولوجيا: “العالم ليس على الوتيرة التي يسير عليها الغرب”.

وفي يونيو 2024، كشفت دراسة أجرتها مؤسسة تكنولوجيا المعلومات والابتكار في واشنطن، أن الولايات المتحدة تتخلف 15 عاماً عن الصين في تطوير الطاقة النووية عالية التقنية، وذلك بفضل تفوق بكين في النهج التقني المدعوم من الدولة، فضلاً عن التمويل المكثف.

تفوّق صيني

ووفق “بلومبرغ”، تتجلى الوتيرة المذهلة للتطوير في الصين في مقاطعة فوجيان على الساحل الجنوبي الشرقي للصين الشرقية، بعد انتهاء تشييد أحدث محطة نووية في البلاد، وهي  منشأة تشنجتشو، خلال 5 سنوات، عبر مساحة شاسعة من خليج دونجشان. 

وبدأ المفاعل الأول في إنتاج الطاقة في عام 2024، وسيتبعه مفاعل آخر في وقت لاحق من العام الجاري، وهناك مفاعلان آخران قيد الإنشاء بالفعل، مع التخطيط لإنشاء مفاعلين آخرين.

ولفتت “بلومبرغ” إلى أنه عادة ما تواجه مشروعات البناء في أجزاء أخرى من العالم، صعوبات تتعلق بالالتزام بالمواعيد النهائية، أو البقاء في حدود الميزانية.

في الولايات المتحدة، تأخر مفاعلان في محطة “فوجتل” النووية في ولاية جورجيا، 7 سنوات فيما تجاوزت التكاليف أكثر من ضعف الميزانية الأصلية. 

وفي بريطانيا، تأخر مفاعلان في مشروع “هينكلي بوينت سي” النووي، عن الجدول الزمني المحدد بسنوات، ومن المتوقع تجاوز التكلفة بمليارات الجنيهات الإسترلينية أكثر مما كان مخططاً.

ويُنظر إلى تطوير سجل قطاع الصناعة النووية، خارج الصين، على أنه أمر بالغ الأهمية، بالنظر إلى أن ازدهار الذكاء الاصطناعي والتصنيع في الاقتصادات النامية يدفع نمو الطلب على الكهرباء إلى أسرع معدل له منذ سنوات، ما يعزز مسألة تزايد الطلب على الطاقة النووية، بحسب “بلومبرغ”.

وتعد شركتا مايكروسوفت و”ميتا بلاتفورمز” من بين الشركات التي أبرمت صفقات حديثة لإمداد الكهرباء في الولايات المتحدة من محطات نووية قائمة، أو يجري تجديدها.

وساعد حجم البناء في الصين على نجاحها، ما سمح للصناعة النووية في البلاد بخفض تكاليف المواد، وتوسيع نطاق القوى العاملة المتخصصة، وتوحيد سلاسل التوريد، وتحسين التقنيات؛ والأهم من ذلك تصميم مفاعل “هوالونج ون” Hualong One، وهو مفاعل نووي من الجيل الثالث مصمم محلياً.

شاركها.