تتواصل المفاوضات بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا عبر مسارات مختلفة، انطلاقاً من لقاءات أميركية في ميامي بولاية فلوريدا مع وفد روسي إلى اتصالات واشنطن مع الأوروبيين والأوكرانيين، وسط تشكيك موسكو في قدرة تعديلات بروكسل وكييف المقترحة على “تطوير فرص السلام”، واستبعادها مقترح المحادثات الثلاثية.

وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن كيريل دميترييف، مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سيقدم تقريراً مفصلاً إلى الرئيس بعد المفاوضات التي سيجريها في ميامي بشأن أوكرانيا.

وأوضح بيسكوف أن “المبعوث سيحصل خلال المفاوضات على معلومات حول اتصالات واشنطن مع الأوكرانيين والأوروبيين”، مؤكداً أن “بوتين لم يبعث أي معلومات أو رسائل إلى الوفد الأميركي عبر دميترييف”.

وذكر أنه “لا ينبغي ربط ملف التسوية في أوكرانيا بالعلاقات الثنائية الروسية الأميركية”، مشيراً إلى أن روسيا والولايات المتحدة “يمكنهما إبرام اتفاقيات لمشروعات ذات منفعة متبادلة”.

وتكثف الولايات المتحدة الجهود الدبلوماسية، مؤخراً، بعقد محادثات أميركية منفصلة مع مسؤولين روس وأوكرانيين وأوروبيين، وسط إشارات متباينة بشأن فرص التوصل إلى تسوية.

 “لم تُحسّن فرص السلام”

من جهته، قال يوري أوشاكوف كبير مستشاري السياسة الخارجية لبوتين إن التغييرات التي أدخلها الأوروبيون وأوكرانيا على المقترحات الأميركية لإنهاء الحرب “لم تُحسّن فرص السلام”.

وأضاف أوشاكوف، في تصريحات للصحافيين في موسكو، أن التعديلات “لا تُحسّن الوثيقة ولا تُحسّن إمكانية التوصل إلى سلام طويل الأمد”، رغم أنه أشار إلى أنه “لم يطّلع بعد على الصيغة النهائية للمقترحات مكتوبة”.

وكانت مقترحات صاغتها الولايات المتحدة لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو 4 أعوام سُرّبت إلى وسائل الإعلام الشهر الماضي، ما أثار مخاوف أوروبية وأوكرانية من أنها تميل بشكل كبير لصالح روسيا، وأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد تضغط على كييف لتقديم تنازلات كبيرة.

ومنذ ذلك الحين، عقد مفاوضون أوروبيون وأوكرانيون اجتماعات منفصلة مع مبعوثي ترمب في محاولة لإدراج مقترحاتهم الخاصة ضمن المسودات الأميركية، من دون الكشف عن مضمون الصيغة الحالية.

وأشار أوشاكوف إلى أن “هذا ليس توقعاً”، مؤكداً أن التغييرات التي اقترحها الأوروبيون والأوكرانيون “لا تُحسّن فرص تحقيق السلام”.

لقاءات ميامي

وجاءت تصريحات أوشاكوف بعدما التقى مبعوث بوتين الخاص، كيريل دميترييف، السبت، في ميامي بالمبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، على أن تستمر المحادثات، في وقت لاحق الأحد.

وفي المقابل، قال كبير المفاوضين الأوكرانيين رستم عمروف إن المفاوضين الأوكرانيين سيعقدون اجتماعاً آخر مع مسؤولين أميركيين، الأحد، بشأن التحركات الرامية إلى إنهاء الحرب مع روسيا.

وأضاف عمروف عبر “تليجرام”: “نعمل بشكل بناء وموضوعي.. ونعتمد على إحراز مزيد من التقدم والنتائج العملية”.

وجاء اجتماع ميامي عقب محادثات أجرتها الولايات المتحدة، الجمعة، مع مسؤولين أوكرانيين وأوروبيين. وتشمل المفاوضات بحث إمكانية موافقة بوتين على إنهاء الحرب الأكثر دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، إضافة إلى مستقبل أوكرانيا، ودور القوى الأوروبية، وما إذا كان اتفاق سلام تتوسط فيه الولايات المتحدة قابلاً للصمود.

“محادثات ثلاثية”

من جهته، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن كييف ستدعم مقترحاً أميركياً لإجراء “محادثات ثلاثية” تضم الولايات المتحدة وروسيا، إذا أسهم في زيادة عمليات تبادل الأسرى، ومهّد الطريق لاجتماعات على مستوى القادة.

لكن المستشار الروسي أوشاكوف قال إن مقترح المحادثات الثلاثية “لم يُناقش بجدية من أي طرف”، وإنه “غير مطروح للعمل عليه”.

ولفتت روسيا مراراً إلى أن القادة الأوروبيين يسعون إلى “إفشال” محادثات السلام عبر إدخال شروط يعلمون أنها “غير مقبولة” بالنسبة لموسكو، مشيرة إلى أن قواتها سيطرت على ما بين 12 و17 كيلومتراً مربعاً من الأراضي الأوكرانية يومياً خلال عام 2025.

في المقابل، قال قادة أوكرانيا وأوروبا إن روسيا لا يمكن السماح لها بتحقيق أهدافها بعد ما وصفوه بأنه “استيلاء على أراضٍ بأسلوب إمبراطوري”.

وكانت روسيا قد غزت أوكرانيا في فبراير 2022، بعد 8 سنوات من القتال في شرق أوكرانيا، ما فجّر أكبر مواجهة بين موسكو والغرب منذ ذروة الحرب الباردة.

ووصف بوتين الحرب بأنها لحظة مفصلية في العلاقات مع الغرب، الذي يقول إنه “أذلّ” روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 عبر توسيع حلف شمال الأطلسي، والتدخل في ما يعتبره “مجال نفوذ موسكو”.

شاركها.