اخر الاخبار

حرّاس النظام البائد يمثلون سوريا في العالم والسُلطات الجديدة “غافلة” وخبراء يكشفون المستور

رغم مرور أكثر من أربع أشهر على سقوط نظام الأسد في سوريا وتولي سلطة جديدة تعمل على بناء نظام جديد، إلا أنه لا يزال هناك “معركة مؤجلة” تؤرّق السوريين لا سيما من هم في الخارج، حيث يواصل دبلوماسيو “الأسد” عملهم في عواصم العالم إلى جانب فرقهم الأمنية دون أن يجري تغيير أي منهم، وهو ما أثار جدلاً لا سيما بعد التقارير حول ضلوع من يقبع خلف جدران السفارات بدور “مشبوه” للتحريض ضد السلطات الجديدة، ولكن لماذا لم يجري تغيير البعثات الدبلوماسية السورية حتى الآن؟

 

ولاء موظفي السفارات للنظام السابق

 

أكدت مصادر أن غالبية موظفي السفارات السورية في العالم، وأوروبا تحديدًا، ما تزال تدين بالولاء للنظام البائد، في ظل اتهامات متزايدة لهم بدعم مظاهرات مشبوهة في فرنسا وألمانيا وهولندا ضد الدولة السورية الجديدة.

 

وقد لوحظ خلال الأيام الماضية أن المظاهرات التي خرجت في هولندا وفرنسا وألمانيا تحمل طابعًا تنظيميًا مألوفًا، يذكّر بأساليب تنظيم المظاهرات المؤيدة للنظام السوري قبل سقوطه. فالشعارات، والأساليب، وطريقة الحشد، والترويج الإعلامي، جميعها تحمل بصمة أمنية واضحة تُدار من خلف الكواليس.

 

ويؤكد مطّلعون أن هذه السفارات ما تزال تحتفظ ببنية أمنية متماسكة، تضم سفراء تابعين للنظام البائد، وضباطًا يعملون تحت مسميات مثل “مكتب أمن قنصلي” و”ملحق عسكري”.

 

بينما الأخطر من ذلك، أن بعض الأشخاص داخل هذه السفارات يملكون قدرات تنظيمية عالية وشبكات علاقات إعلامية واسعة، وما زالوا يشغلون مناصبهم حتى اليوم دون أي إجراء رسمي بحقهم، رغم خطورة أدوارهم في توجيه الرأي العام وتشويه صورة السلطات الجديدة.

 

رأي قانوني في التأخير بتغيير السفراء

 

وحول ذلك، يقول المحامي السوري حسن الحريري في حديث لوكالة “ستيب الإخبارية”: “إن التأخير في تغيير السفراء الذين لا يزالون يوالون النظام السابق في العديد من دول العالم له أضرار كبيرة على الدولة في المرحلة الحالية، كونها تتشكل من جديد، وهو غير مبرر، خصوصًا أن سوريا الجديدة تمتلك من الخبرات والكفاءات الدبلوماسية ما يؤهلها لتعيين سفراء قادرين على تمثيل مصالحها في الخارج بشكل فعّال”.

 

ويضيف: “من غير المقبول أن يستمر الوضع الحالي في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها البلاد على الساحة الدولية، وبالتالي لا بد من إعادة تشكيل البعثات الدبلوماسية بشكل يعكس التغييرات السياسية الداخلية، ويعزز مكانة سوريا في المجتمع الدولي”.

 

خيارات الدولة السيادية

 

ويوضح الحريري أن تعيين سفير أو قائم بالأعمال هو قرار سيادي للدولة، وفي حال اعتراض الدولة المستضيفة، يمكن اللجوء إلى الطلب من السفير العودة إلى الخارجية السورية والقيام بتفويض أحد الدبلوماسيين بمهام القائم بالأعمال، وهذا أمر سهل للغاية، حسب وصفه.

 

ويتابع: “من المؤكد أن سوريا لا يمكن أن تسمح بوجود سفراء يعملون ضد مصالحها، وفي هذا الصدد يجب أن تكون هناك آلية محاسبة فعالة لضمان أن الدبلوماسيين يتبعون السياسة الجديدة ويخدمون المصالح الوطنية”.

 

ويشير إلى أن سوريا تمتلك طاقات بشرية كفؤة قادرة على إدارة السلك الدبلوماسي بنجاح، وهذه الطاقات يجب أن تكون محور العملية الدبلوماسية الجديدة، مشددًا على أنه من الضروري اتخاذ خطوات جادة لضمان أن السفراء ورؤساء البعثات يمثلون الحكومة السورية في الخارج بفعالية ولا يعملون ضدها بأي حال.

 

الولاء سابقًا والكفاءة حاليًا

 

ويكشف الحريري أن آلية تعيين السفراء السابقة كانت تعتمد على الولاء للنظام أكثر من الكفاءة المهنية، وهو ما كان له تأثير سلبي على صورة سوريا في الخارج. ويقول: “سوريا الجديدة قادرة على الاستفادة من الخبرات الوطنية لتعيين سفراء ذوي كفاءة، وبتوجهات دبلوماسية ترتكز على المصالح الوطنية بعيدًا عن الحسابات السياسية الضيقة”.

 

ويتابع: “استمرار الوضع الحالي يؤدي إلى تآكل الثقة في المؤسسات الدبلوماسية السورية، ويشكل ضررًا بالغًا على قدرة سوريا في بناء علاقات قوية ومثمرة مع المجتمع الدولي”.

 

رأي آخر: أسباب خارجية وداخلية

 

من جانبه، يرى المحامي والناشط السياسي السوري ميشال شماس، في حديث لوكالة “ستيب الإخبارية” أن عدم تغيير السفراء هو بسبب “عدم الاعتراف بالحكومة الحالية ولا بالرئيس الشرعي”، ويقول: “تغيير السفراء مرهون بموافقة الدولة المضيفة، ولا نعلم فيما إذا كانت الحكومة السورية قد طلبت تغيير السفراء أو بعضهم”، مشيرًا أيضًا إلى أن “الحكومة مرتبكة، فليس لديها مختصون في العمل الدبلوماسي، وهي لا تثق بالدبلوماسيين المنشقين”.

 

ويضيف شماس: “هناك دبلوماسيون يعملون ضد الحكومة السورية، وأستغرب عدم استدعاء هؤلاء والتحقيق معهم، وبالتالي كفّ يدهم. وبإمكان الحكومة تخفيض عدد الدبلوماسيين إلى الحد الممكن بالاتفاق مع الدول المضيفة حتى لا يُفهم من هذا التصرف أنه عداء”.

 

ويتابع: “بإمكان الحكومة تغيير الموظفين الإداريين والفنيين، والذين أغلبهم من عناصر المخابرات، دون الاضطرار للحصول على موافقة الدولة المضيفة. وبإمكانها تسهيل الأمر بالاعتماد على الكفاءات السورية المتواجدة في أوروبا مثلًا والحاصلين على إقامات، أي لا يحتاجون إلى موافقة الدولة المعنية”.

 

تجاوزات داخل السفارات واستياء شعبي

 

وكانت تقارير قد أكدت وجود العديد من التجاوزات تحدث في السفارات السورية، مع استمرار نهج القائمين عليها بذات الفكر السابق في عهد الأسد، ما أثار موجة غضب كبيرة بين السوريين، خصوصًا مع توجه العديد منهم إلى هذه السفارات لتجهيز أوراق العودة إلى سوريا بعد سقوط النظام البائد.

 

ويقول حسن الحريري: “الاستمرار في الشكاوى حول سوء المعاملة في السفارات السورية، خاصة تجاه المعارضين، يعد أمرًا غير مقبول. يجب أن تكون هناك آليات قانونية صارمة لضمان معاملة جميع المواطنين السوريين باحترام وشفافية، خاصة في الخارج”.

 

ويضيف: “سوريا الجديدة بحاجة إلى إعادة هيكلة عمل السفارات بحيث تُصبح أكثر توافقًا مع المعايير الدولية في حقوق الإنسان والممارسات الدبلوماسية الرفيعة. من الضروري أن يُحاسب كل من يتجاوز في تعامله مع المواطنين، وأن تُعامل السفارات الجميع على قدم المساواة دون تمييز أو تفرقة”.

 

ضرورة التغيير في السلك الدبلوماسي

 

ويشدد الخبيران على أن سوريا الجديدة بحاجة إلى تغييرات جذرية في سياستها الدبلوماسية، بما في ذلك تغيير السفراء ورؤساء البعثات الذين لم يواكبوا التغيرات الجذرية في البلاد، مشيرين إلى أنه يجب أن تُستثمر الخبرات الوطنية في إعادة تشكيل السلك الدبلوماسي بحيث يعكس التوجهات الجديدة للدولة. كما يتفقان على أنه لا يمكن السماح بوجود سفراء غير ملتزمين بسياسة الحكومة الجديدة، ويجب أن تكون هناك آليات محاسبة فعّالة لضمان تقيد الجميع بسياسة الدولة.

حرّاس النظام البائد يمثلون سوريا في العالم والسُلطات الجديدة “غافلة” وخبراء يكشفون المستور

 

إعداد: جهاد عبد الله

المصدر: وكالة ستيب الاخبارية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *