مكة تستضيف اجتماعات خليجية مع مصر وسوريا والأردن والمغرب

استضافت مكة المكرمة، الخميس، الاجتماعات الوزارية المشتركة بين مجلس التعاون الخليجي، ومصر، وسوريا، والأردن، والمغرب، لبحث “العلاقات الاستراتيجية”، بالإضافة إلى آخر التطورات الإقليمية والدولية.
وقال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي في كلمة له خلال الاجتماع الوزاري المشترك الثالث بين مجلس التعاون ومصر، إنه “يأتي في ظل أوضاع إقليمية ودولية معقدة، وفي مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية”.
وتطرق البديوي إلى “التصعيد الخطير، والانتهاكات المستمرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني”، مشيراً إلى أن ذلك “يشكل تهديداً صارخاً لهويته وحقوقه، وهو ما نرفضه بشكل قاطع”.
ودعا المسؤول الخليجي، المجتمع الدولي إلى “تحمل مسؤولياته لوقف هذه الممارسات التي تقوّض الأمن والاستقرار”، مؤكداً دعمه لمخرجات القمة العربية غير العادية (قمة فلسطين) التي جرت، الأربعاء، في القاهرة.
وأعرب عن دعمه مخرجات القمة التي “اعتمدت خطة التعافي المبكر، وإعادة إعمار وتنمية غزة، ونشر قوات حماية وحفظ سلام دولية بقرار من مجلس الأمن في الأراضي الفلسطينية بغزة والضفة الغربية، وكذلك قرار القمة لعقد مؤتمر دولي للتعافي وإعادة الإعمار في قطاع غزة، وذلك بالتعاون مع دولة فلسطين والأمم المتحدة”.
وحث الأمين العام لمجلس التعاون “المجتمع الدولي على المشاركة في المؤتمر، للتسريع في تأهيل قطاع غزة وإعادة إعماره بعد الدمار الذي تسبب به العدوان الإسرائيلي”.
وشدد على أن “مستقبل قطاع غزة يجب أن يكون في سياق الدولة الفلسطينية الموحدة، وتنفيذ حل الدولتين”، مؤكداً على رفضه “تحميل مصر أي تبعات جراء دعوات التهجير غير الإنسانية، والظالمة للشعب الفلسطيني”.
من جهته، أكد وزير الخارجية المصري على “متانة العلاقات المصرية الخليجية والرغبة في مواصلة تعزيز أواصر التعاون المشترك بين مصر والدول الخليجية الشقيقة، والارتقاء بالعلاقات المصرية- الخليجية إلى رحاب أعلى”.
وأشار إلى “أهمية البناء على نتائج الاجتماع السابق لآلية التشاور السياسي بين مصر، ومجلس التعاون في مارس 2024 بالرياض، بما يُحقق المنفعة المشتركة لمصر ودول الخليج وتحقيق تطلعات شعوبها نحو مزيد من الرخاء والتنمية”.
وشدد على “أهمية الاستفادة من الأُطُر التي تتيحها آلية التشاور السياسي بين الجانبين، لا سيما خطة العمل المشتركة (2024-2025)”.
تعافي سوريا
وخلال انعقاد الاجتماع المشترك الأول بين مجلس التعاون وسوريا، اعتبر البديوي أنه “خطوة عملية نحو تنسيق الرؤى، وتعزيز التعاون بين دول المجلس وسوريا”.
وذكر الأمين العام خلال كلمته، أن الاجتماع “يدشن مرحلة جديدة من العلاقات والتعاون المشترك، وأننا كنا، وما زلنا نؤمن بأن سوريا دولة شقيقة، وهي جزء أصيل من نسيج الأمة العربية”.
وأشار إلى أن “دول مجلس التعاون قد دأبت على الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، انطلاقاً من قناعة راسخة، بأن سوريا القوية والآمنة والمستقرة، ليست فقط مصلحة سورية، بل هي مصلحة خليجية وعربية ودولية”.
وأوضح أن “مجلس التعاون يدرك أن طريق التعافي طويل، ويؤمن أيضاً بأن إعادة بناء سوريا، يتطلب تضافر جميع الجهود الإقليمية والدولية والمنظمات الأممية، ويضع مصلحة الشعب السوري فوق أي اعتبار”.
وأكد أن “موقف مجلس التعاون ثابت، تجاه احترام سيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها، ورافضٌ للتدخلات الأجنبية في شؤونها الداخلية، وللإرهاب وللتطرف”.
وشدد على أن “أمن سوريا واستقرارها ركيزة أساسية من ركائز استقرار أمن المنطقة”، مبيناً أن دول المجلس “جسدت هذا الموقف بالتكليف بزيارة سوريا، ولقاء الرئيس السوري أحمد الشرع بتاريخ 30 ديسمبر 2024، في دمشق”.
وذكر أن اللقاء “كان فرصة للتأكيد على أهمية استمرار العملية الانتقالية الشاملة، التي تلبي تطلعات الشعب السوري في الاستقرار، وأهمية دعم المصالحة الوطنية، وإعادة بناء الدولة السورية، وتأمين سلامة المدنيين، وحل الميليشيات والفصائل المسلحة، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الإرهاب والتطرف، باعتبارها ركائز أساسية للحفاظ على الأمن والاستقرار في سوريا”.
كما أكد على “أهمية استعادة سوريا لدورها الإقليمي ومكانتها الدولية، مع تشجيع الوحدة الوطنية والحوار الشامل بين الأطراف السورية، لتحقيق الأمن والتنمية، وضمان عدم تدخل أية قوى أجنبية في سوريا، مرحبين بهذا السياق في الخطوات التي تبنتها الإدارة الانتقالية في سوريا تجاه تحقيق هذه الخطوات”.
مؤتمر الحوار الوطني السوري
وأضاف أن مجلس التعاون “يرحب بالخطوات التي تم اتخاذها لعقد مؤتمر الحوار الوطني السوري، وهي خطوات وركائز رئيسية للحفاظ على الأمن والاستقرار في سوريا، تمكنها من استعادة دورها الإقليمي ومكانتها الدولية”.
وأعرب عن “عزم دول مجلس التعاون في الاستمرار تجاه اتخاذ الخطوات اللازمة، من أجل تنسيق جهود دول المجلس، فيما يتم تقديمه من مساعدات إلى سوريا، وتدعو الشركاء والدول والمنظمات المعنية، لتقديم كافة وسائل الدعم للشعب السوري الشقيق، ورفع العقوبات المفروضة عليها، لتمكينها من التعافي الاقتصادي، وتلبية احتياجاتها الإنسانية والتنموية”.
وتابع: “نحن نؤمن بأن السيادة السورية يجب أن تحترم، وأن أي تدخل أجنبي في شؤونها الداخلية يجب أن ينتهي”، مؤكداً على “ضرورة مكافحة الإرهاب والتطرف، ليس فقط عبر الحلول الأمنية، ولكن أيضاً عبر بناء دولة قوية، قادرة على تحقيق العدالة، وإعادة الثقة بين الدولة ومواطنيها، وحماية التنوع الثقافي والديني فيها، الذي لطالما كان جزءًا من الهوية السورية”.
الهجمات الإسرائيلية
وأدان البديوي الهجمات الإسرائيلية المتكررة على سوريا، بما في ذلك احتلال المنطقة العازلة على الحدود السورية”، معتبراً أنها انتهاك صارخ لسيادة سوريا، ولاتفاق فض الاشتباك المبرم في عام 1974.
كما أدان “قرارات الاحتلال الإسرائيلي بالتوسع في الاستيطان في الجولان المحتلة، في انتهاك جسيم لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.
واعتبر الأمين العام، أن “اجتماع اليوم (الخميس) هو بداية مرحلة جديدة من العمل المشترك، تعيد لسوريا مكانتها التي تستحقها، متطلعين لبناء شراكة وحوار استراتيجي مع سوريا، وذلك على غرار الحوارات والشراكات الاستراتيجية بين دول المجلس والدول العربية الأخرى، حتى يكون هذا الحوار الاستراتيجي خارطة طريق ومناراً لتطوير العلاقات الخليجية السورية على كافة الأصعدة”.
من جهته، قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني خلال الاجتماع، إن بلاده “تواجه تحديات كبيرة، لكننا نثق في تحقيق الأهداف بالتعاون مع مجلس التعاون والمنطقة”، مضيفاً: “نعمل بدأب لتكون الحكومة السورية القادمة شاملة تضم جميع أطياف الشعب”.