اخر الاخبار

ملامح قرارات تنفيذية “محتملة” تنتظر تنصيب ترمب

مع عودته إلى البيت الأبيض مرة أخرى مع حفل التنصيب الرسمي يوم 20 يناير، يضع الرئيس المنتخب دونالد ترمب نصب عينيه خطة شاملة تهدف إلى تغيير أبرز سياسات جو بايدن عبر مجموعة قرارات تنفيذية محتملة، وتشمل أبرز الأوامر المتوقعة: إلغاء قيود بيئية ومناخية، وتشديد سياسات الهجرة، وإعادة توجيه قطاع الطاقة نحو الوقود الأحفوري، والعمل بأمر حظر السفر، وإلغاء حق المواطنة بالولادة.

التنقيب عن النفط والغاز البحري 

رداً على القرار الذي اتخذه بايدن بحظر التنقيب عن النفط والغاز البحري عبر مساحات شاسعة من السواحل الأميركية تصل لأكثر من 625 مليون فدان تقريباً، يعتزم ترمب إلغاء هذا الحظر لتعزيز إنتاج الطاقة.

ولم يتضح بعد ما إذا كان ترمب سيتمكن من إلغاء هذا القرار، رغم تعهده بذلك، إذ يستند القرار إلى قانون صادر عام 1953 يمنح الرئيس صلاحية سحب الأراضي غير المؤجرة في المياه البحرية الفيدرالية من خطط التنقيب، ومع ذلك لا يتضمن القانون إجراءات محددة تسمح لرئيس جديد بإلغاء قرارات سلفه.

وكان الرئيس الأميركي المنتخب صرح بأنه سيُطلق العنان للتنقيب عن النفط في الولايات المتحدة، ضمن وعوده بخفض تكاليف الطاقة بسرعة وتطبيق سياسة وصفها بـ”السيادة في مجال الطاقة”، مؤكداً أن تسريع إصدار التصاريح، وتخفيف اللوائح البيئية، وإجراءات أخرى ستزيد من إنتاج النفط والغاز الطبيعي، وتخفض الأسعار في محطات الوقود.

وكان حظر التنقيب عن النفط في مناطق معينة من المياه الساحلية يُشكل ذروة جهود بايدن للحد من الوقود الأحفوري، وخلال أسابيعه الأولى كرئيس، أمر بوقف إصدار تصاريح جديدة للتنقيب في الأراضي والمياه الفيدرالية، وذلك كجزء من حملة إدارته للحد من إنتاج الوقود الأحفوري وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة.

في المقابل، قاومت شركات الوقود الأحفوري سياسات جو بايدن من خلال الدعاوى القضائية، لكن إدارة الرئيس الديمقراطي مضت قدماً بمبادرات تهدف إلى الحد من الانبعاثات وتعزيز الطاقة النظيفة، ورغم ذلك شهد إنتاج النفط الأميركي مستويات قياسية خلال فترة رئاسته.

وفي بعض الأحيان، أعرب بايدن عن تردده في استخدام الأوامر التنفيذية لتجاوز الجمود في الكونجرس، ورغم تعرضه لضغوط من المشرعين الديمقراطيين والنشطاء لإعلان حالة طوارئ وطنية لمواجهة الأولويات المتعلقة بالمناخ، لكنه لم يتخذ هذه الخطوة.

المناخ وحوافز الطاقة النظيفة

على مستوى قضايا المناخ، تهدف الإدارة الأميركية الجديدة إلى إلغاء العديد من مبادرات بايدن البيئية، بما في ذلك الانضمام إلى اتفاقية باريس للمناخ، والتي انسحب منها ترمب في ولايته الأولى قبل أن يعاود بايدن الانضمام إليها، والآن على الأرجح ستغادرها الولايات المتحدة مرة أخرى.

وخلال السنوات الأربع الماضية، حقق الحزب الديمقراطي انتصاراً كبيراً بتمرير قانون خفض التضخم خلال أغسطس 2022، والذي خصص مليارات الدولارات لتكنولوجيا الطاقة النظيفة، لكن ترمب تعهد بإلغاء عدد من الحوافز الضريبية التي تضمنها القانون، بما في ذلك الخصومات على السيارات الكهربائية، رغم أن القانون بأكمله من غير المرجح أن يتم إلغاؤه.

ولطالما كان التحول إلى المركبات الكهربائية (EVs) حجر الزاوية في استراتيجية بايدن البيئية والاقتصادية، وفي المقابل، أعرب الرئيس المنتخب دونالد ترمب عن نيته عكس هذه المبادرات، داعياً إلى العودة لاستخدام مصادر الطاقة التقليدية، وتقليل اللوائح التنظيمية.

خلال إدارة بايدن، نفُذت العديد من السياسات الرئيسية لتعزيز اعتماد المركبات الكهربائية، مثل “معايير الانبعاثات”، والتي تضمن إدخال وكالة حماية البيئة (EPA) لوائح صارمة لانبعاثات العوادم، مما دفع شركات السيارات نحو زيادة إنتاج المركبات الكهربائية، وتهدف هذه المعايير إلى جعل 56% من مبيعات السيارات الجديدة كهربائية بحلول عام 2032.

وتضمنت السياسات “حوافز المستهلكين”، والتي قدمت إدارة بايدن من خلالها حوافز ضريبية تصل إلى 7 آلاف و500 دولار لشراء المركبات الكهربائية الجديدة، و4 آلاف دولار للمستعملة، مما جعل المركبات الكهربائية أكثر سهولة للمستهلكين، كما خصصت الإدارة الأميركية تمويلاً اتحادياً كبيراً لتطوير شبكة وطنية لشحن المركبات الكهربائية، في إطار سياسة “الاستثمار في البنية التحتية”، بهدف تركيب نصف مليون محطة شحن بحلول 2030.

بينما، تسعى خطط ترمب إلى إلغاء تفويضات المركبات الكهربائية، وتحدث سابقاً عن نيته الواضحة لتفكيك السياسات المتعلقة بالمركبات الكهربائية التي وضعتها إدارة بايدن، بما في ذلك “إلغاء معايير الانبعاثات”، و”إلغاء حوافز المستهلكين، و”وقف مشاريع البنية التحتية”.

قيود متشددة لوقف الهجرة

‎تُعَدّ الهجرة قضية محورية في أجندة ترمب في ولايته الثانية، وكانت العنوان الأبرز الذي حسم به الانتخابات لصالحه، بحسب سياسيين من الحزبين.

وقالت مصادر أميركية مطلعة، إن إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب تعتزم تنفيذ مداهمات ضد المهاجرين غير الشرعيين، في مدينة شيكاجو الثلاثاء المقبل، أي بعد يوم من تنصيبه، في خطوة أولى نحو تحقيق هدفه في الإشراف على أكبر عملية ترحيل في تاريخ الولايات المتحدة، بحسب ما أوردته صحيفة “نيويورك تايمز”.

وقال توم هومان، المسؤول عن أمن الحدود في الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة دونالد ترمب، إن عمليات احتجاز المهاجرين الموجودين في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني ستبدأ الأسبوع المقبل، مشيراً إلى أنها ستشمل عدة مدن.

وعندما سُئل هومان على قناة FOX NEWS عما إذا كانت مداهمات الترحيل ستُشن في مدن متعددة، بما في ذلك شيكاجو، قال: “لن أصنفها على أنها مداهمات.. ستكون هناك عمليات إنفاذ قانون محددة الأهداف”.

وقال مصدر لـ”رويترز”، الجمعة، إن الحملة ستستهدف نيويورك وميامي. وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”، في وقت سابق، أن هيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك ستنظم عملية لمدة أسبوع في شيكاجو مع مئات العملاء المحتملين.

ونفّذ الرئيس جو بايدن عدة سياسات تهدف إلى إصلاح نظام الهجرة، في حين يعتزم ترمب اتخذ إجراءات أكثر تشدداً للحد من الهجرة إلى الولايات المتحدة.

وتضمنت مبادرات بايدن الرئيسية، “قانون الجنسية الأميركية، بهدف توفير مسار مدته 8 سنوات للحصول على الجنسية لحوالي 11 مليون مهاجر غير موثق، وإنهاء سياسة البقاء في المكسيك، مما سمح لطالبي اللجوء بانتظار جلسات محاكمهم داخل الولايات المتحدة بدلاً من المكسيك”.

‎كما أعادت إدارة بايدن تفعيل برنامج الإجراءات المؤجلة للقادمين في مرحلة الطفولة (DACA)، مما يحمي الأطفال المهاجرين من الترحيل ويمنحهم تصاريح عمل، ورفع الرئيس الديمقراطي سقف قبول اللاجئين السنوي، على عكس الحدود المنخفضة التي وضعتها الإدارة السابقة.

وفي المقابل، يُخطط ترمب لإلغاء سياسات الهجرة الخاصة ببايدن، بما يشمل تنفيذ عمليات ترحيل جماعية واسعة للمهاجرين غير الموثقين، خاصةً أولئك الذين لديهم سجلات جنائية، وإعادة سياسة “البقاء في المكسيك”، وإنهاء حق الجنسية بالولادة، واستخدام صلاحيات الطوارئ على الحدود بغية تخصيص الموارد المطلوبة لبناء جدار على الحدود مع المكسيك، وتعزيز إجراءات الأمن.

‎ويهدف ترمب أيضاً إلى قطع التمويل الفيدرالي عن الولايات القضائية التي لا تتعاون مع سلطات الهجرة الفيدرالية، مما يضغط عليها للامتثال للسياسات الفيدرالية.

المتحولون جنسياً في الجيش

كانت مسألة إدماج الأفراد المتحولين جنسياً في الجيش الأميركي موضوعاً للعديد من التغييرات السياسية بين الإدارات المتعاقبة.

في يناير 2021، وقع الرئيس بايدن أمراً تنفيذياً برفع الحظر السابق على خدمة الأفراد المتحولين جنسياً. وطبقت وزارة الدفاع الأميركية سياسات لدعم هؤلاء الأفراد، بما في ذلك الوصول إلى الرعاية الطبية وإجراءات التحول الجنسي.

في المقابل، أعلن ترمب عن خطته لإعادة الحظر على خدمة الأفراد المتحولين جنسياً في الجيش وتوسيعه، وتشير التقارير إلى أنه يعتزم إصدار أمر تنفيذي يتضمن طرد الأفراد الحاليين.

كما سيمنع الأمر المتحولين جنسياً من الالتحاق بأي فرع من فروع الجيش الأميركي.

أحداث اقتحام مبنى الكابيتول

وإلى جانب هذه القرارات التي يواجه بها ترمب سياسات بايدن، يعتزم الرئيس الـ47 اتخاذ سلسلة من الإجراءات التنفيذية التي تهدف إلى الوفاء بوعوده الانتخابية.

ومن بين القرارات التي قد تعهّد ترمب بها وقد تُثير الكثير من الجدل، العفو عن بعض المدانين أو المتهمين بالمشاركة في أحداث اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021. 

كما تشمل الأهداف الرئيسية لترمب في الـ100 يوم الأولى فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع المنتجات المستوردة من المكسيك وكندا، بالإضافة إلى 10% على البضائع القادمة من الصين، مستنداً إلى مخاوف بشأن الهجرة غير القانونية وتهريب المخدرات.

وكان ينوي ترمب عزل المستشار الخاص جاك سميث، الذي شارك في ملاحقته في القضايا الفيدرالية المرفوعة ضده، إلا أن سميث استقال بالفعل في 13 يناير.

ورغم أن جعبة ترمب تحمل الكثير من القرارات الجديدة، إلا أن إمكانية تنفيذها تظل غير مؤكدة، وذلك في ضوء التحديات القانونية المحتملة والحاجة إلى التعاون مع فروع الحكومة الأخرى، إذ قد تتطلب بعضها موافقة تشريعية أو الخضوع لمراجعة قضائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *