ملاهي الأطفال تزدهر في مدينة إدلب
إدلب – أنس الخولي
بعد انقطاع دام 12 عامًا، قرر عثمان إعادة افتتاح ملاهي “طيبة” التي كان يملكها والده، ويأمل أن تعود كما كانت في السابق، المقصد الرئيس للزوار من عموم الشمال السوري، ونقلها من موقعها قرب سراقب إلى مدينة إدلب.
ورث عثمان عبد الرحمن، وهو مهجر من سراقب، ملاهي “طيبة” التي حظيت بشهرة واسعة قبل 2011، وكانت مقصدًا للزوار من مختلف محافظات سوريا، لما تتميز به من ألعاب قليل منها في سوريا.
افتتحت مدينة “طيبة” للملاهي عام 1980 قرب سراقب على الطريق الدولي حلب- اللاذقية (4M)، وتميزت بوجود لعبة “القلّابة” بارتفاع شاهق وصل إلى 50 مترًا، ووجود قطار “الموت”، بالإضافة إلى 15 لعبة أخرى، ما أكبسها شهرة واسعة، لكنها توقفت عن العمل عام 2012، بسبب ظروف الحرب وحساسية موقعها.
وقال عثمان ل، إن مدينة “طيبة” معروفة ولها زبائنها، وإن الازدهار والتوسع العمراني في إدلب شجعه على إعادة افتتاحها، لافتًا إلى أنه واجه صعوبات في نقل الملاهي من محيط سراقب الذي يعتبر خط جبهة إلى مدينة إدلب.
واستعان عثمان بمهندسين مختصين لإجراء صيانة شاملة للألعاب المتضررة، وإعادة تأهيل المشروع ليفتتح مدينة “طيبة” بأول أيام عيد الفطر في 10 من نيسان الحالي.
خمس مدن ألعاب
تعتبر الملاهي في إدلب وجهة لعدد كبير من العائلات، خاصة المهجرة منها، لأنها وسيلة لإدخال البهجة على قلوب الأطفال، ما شجع المستثمرين وأصحاب الألعاب على التنافس في استيراد ألعاب مميزة لاستقطاب أكبر عدد من الزوار.
وتنشط في مدينة إدلب خمس مدن ملاهٍ، منها ما كان موجودًا قبل 2011 وأعاد أصحابها تأهيلها، كالملاهي في “النادي العائلي” و”طيبة”، ومنها أُسس حديثًا كـ”الأرض السعيدة” ومجمع “النور السياحي” و”ديزني لاند”.
وتشهد مدن الملاهي في إدلب إقبالًا خاصة خلال فترة الأعياد، كما تمتلئ الشوارع والساحات القريبة من الملاهي بالسيارات والدراجات التي قدم أصحابها من مناطق مختلفة لزيارتها.
أما الملاهي الواقعة على “الكورنيش” الغربي لمدينة إدلب، فيمتد طول السيارات الواقفة قربها لأكثر من كيلومتر.
ويتراوح سعر تذكرة الألعاب بين 7.5 و10 ليرات تركية، وبعض الألعاب تحتاج إلى تذكرتين لركوبها كالسيارات الكهربائية.
وبحسب عثمان، تبلغ تكلفة التذكرة للعبة الواحدة 10 ليرات تركية، وهي أجرة وضعت بعد دراسة لتكاليف الكهرباء التي تستهلكها اللعبة، وإمكانيات الأهالي، مشيرًا إلى أن إقبال المواطنين كان كبيرًا جدًا فاق التوقعات خلال العيد.
من جانبه، يرى عبسي برهوم، وهو إداري في ملاهي “الأرض السعيدة” على “كورنيش” إدلب، أن الأسعار في متناول الجميع، وأنها وضعت بعد دراسة للحالة الاقتصادية للمواطن وتكاليف تشغيل الألعاب، لافتًا إلى أن سعر التذكرة 7.5 ليرة تركية، وهو مبلغ “بسيط جدًا”، وأقل بكثير من السعر الطبيعي لمدن الملاهي.
منافسة شديدة
الإقبال المتزايد على الملاهي وانتشار العديد منها في مدينة إدلب، شجع أصحاب الملاهي على المنافسة في جودة الألعاب وتميزها، لذلك يعمد أصحاب الملاهي بشكل مستمر على تطوير الألعاب.
عبسي برهوم قال ل، إنه يحاول تحديث الألعاب وتشغيل ألعاب جديدة في كل عام منذ افتتاح ملاهي “الأرض السعيدة” عام 2017، معتبرًا أن المنافسة الشديدة شجعت أصحاب الملاهي على تطوير ألعابهم.
ويوجد في ملاهي “الأرض السعيدة” 28 لعبة، 20 لعبة منها مخصصة للأطفال وفق برهوم، مضيفًا أن إدارة الملاهي جلبت هذا العام لعبة “التورنيدو”، وهي عبارة عن برج بارتفاع 25 مترًا قابل للدوران معلق عليه مقاعد تصعد لأعلى ارتفاع في البرج وتبدأ بالدوران.
وبحسب عبسي، فإن الشباب يرغبون بالألعاب التي ترفع مستوى الأدرينالين بسبب إثارتها الكبيرة، لذلك في كل عام يستورد لعبة من هذه الألعاب، لافتًا إلى استيراده عام 2023 لعبة “الصحن الدوار”، وفي عام 2022 استوردت إدارة الملاهي لعبة “الجيلي سكوب”، وهي عبارة عن مقعدين متقابلين يدوران بشكل دائري في جميع الاتجاهات.
بدوره، يعتمد عثمان صاحب ملاهي “طيبة” على “قلابته” ذات ارتفاع الـ50 مترًا، وهي أعلى “قلابة” في الشمال السوري، وعلى “قطار الموت” لاستقطاب الزبائن الذين يرغبون بتجربة الألعاب المثيرة.
أسعار ليست في متناول الجميع
يقول العديد من المواطنين إن أسعار تذاكر الملاهي، وإن كانت بسيطة، فإنهم غير قادرين على تحمل تكلفتها، لذلك يفضل العديد منهم ترفيه أطفالهم في ساحات الأعياد الشعبية بدلًا من اصطحابهم إلى الملاهي.
علي مطر (35 عامًا)، مهجر يقيم في مدينة إدلب وهو والد لطفلين قال، إن الأطفال يرغبون بتجربة جميع الألعاب في الملاهي، وبحساب بسيطة يحتاج كل طفل من 150 إلى 200 ليرة تركية، وهو مبلغ كبير لا يستطيع معظم الأهالي تحمله.
ويجمع علي، عامل المياومة في أعمال البناء، عيديات أطفاله التي يأخذونها من أقاربهم في فترة العيد، وفي حال كانت قيمتها جيدة يصطحب الأطفال إلى الملاهي، ويضيف إليها ما ينقص من ماله لجبر خاطر الأطفال وحتى لا يشعروا بالنقص والحرمان، حسب قوله.
من جانبها، قالت عبير الحج خميس، وهي أرملة مهجرة تقيم في مدينة إدلب وأم لثلاثة أطفال، إنها تعتمد على ساحات الأعياد الشعبية للترفيه عن الأطفال، بسبب عدم قدرتها على اصطحاب الأطفال إلى الملاهي معتبرة أن الملاهي لذوي الدخل المرتفع.
وفي الشمال السوري، تصل أجرة العامل يوميًا في أحسن الأحوال إلى 100 ليرة تركية (نحو ثلاثة دولارات أمريكية)، بينما وصل حد الفقر المعترف به إلى 10843 ليرة تركية، وحد الفقر المدقع إلى 8933 ليرة.
ويسكن شمال غربي سوريا 4.5 مليون شخص، منهم 4.1 مليون بحاجة إلى مساعدة، و3.3 مليون منهم يعانون انعدام الأمن الغذائي، 2.9 مليون منهم نازحون داخليًا، ومليونان يعيشون في المخيمات، وفق الأمم المتحدة، في حين تتحدث إحصائيات محلية عن 5.5 إلى 6 ملايين شخص.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي