اخر الاخبار

مناورات “نسور الحضارة 2025”.. رسائل مشتركة من مصر والصين

اختتمت مصر والصين فعاليات التدريب الجوى المشترك “نسور الحضارة 2025″، الذي تم تنفيذه على مدار عدة أيام بإحدى القواعد الجوية المصرية، في خضم متغيرات جيوسياسية تشهدها المنطقة، فيما يرى محللون وخبراء أنه حمل العديد من الرسائل المشتركة، ويعكس رغبة البلدين في تعزيز التعاون بينهما بمختلف المجالات.

وقال محللون وخبراء لـ”الشرق” إن “التدريب المصري الصيني لم يستهدف أحداً بعينه”، لافتين إلى أن التدريبات المشتركة مع الجيوش الكبيرة ترفع جاهزية الجيش المصري، لكنها أيضاً تثير قلق بعض الأطراف”.

المتحدث العسكري باسم الجيش المصري قال في بيان الثلاثاء، إن فعاليات التدريب المشترك “تضمنت تنفيذ عدد من المحاضرات النظرية لتوحيد المفاهيم وصقل المهارات والتنسيق على إدارة العمليات المشتركة بمختلف أساليب القتال الجوى الحديث”، مضيفاً أن “المقاتلات متعددة المهام من الجانبين نفَّذت العديد من الطلعات الجوية المشتركة للتدريب على مهاجمة الأهداف المعادية والدفاع عن الأهداف الحيوية بكفاءة واقتدار”.

وأشار البيان إلى أنه تم التدريب كذلك على التزود بالوقود فى الجو، إضافة إلى تنفيذ مجموعة من المقاتلات المشاركة بالتدريب “تشكيل جوي فوق الأهرامات أبرز الدقة والكفاءة التى يتمتع بها الطيارين من كلا الجانبين”.

وعلى الرغم من أن التدريب هو الأول بين البلدين، إلا أن هذه ليست المرة الأولى التي تحلّق فيها طائرات حربية صينية، في الأجواء المصرية.

وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، وو تشيان، قال إن بلاده شاركت في النسخة الأولى من معرض مصر الدولي للطيران بدعوة من سلاح الجو المصري، في الفترة من 27 أغسطس إلى 5 سبتمبر 2024.

وبيَّن أن سلاح الجو الصيني أرسل 7 طائرات مقاتلة من طراز J-10 عالية الأداء تابعة لفريق بايي للاستعراضات الجوية وطائرة نقل من طراز Y-20 للمشاركة في المعرض.

“قلق لبعض الأطراف”

قال اللواء طيار هشام الحلبي، مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية لـ”الشرق” إن التدريبات الصينية المصرية المشتركة “جزء أصيل من منظومة التدريب داخل القوات المسلحة المصرية”، مؤكداً أن “التدريبات مخطط لها منذ فترة طويلة وغير موجهة لأحد”.

وأضاف الحلبي أن “مصر تحرص باستمرار على التدريبات المشتركة مع مختلف الجيوش، من منظومات تسليح متعددة وعقائد قتالية مختلفة، وهو ما يرفع من الجاهزية الدائمة للجيش المصري، والذي يُسبب بدوره قلقاً لبعض الأطراف”.

وأشار إلى أن “التعاون العسكري المصري الصيني قديم وليس وليد اليوم، ومن ثماره طائرة التدريب المتقدمة K8/E التي يجري تصنيعها في مصر بترخيص من الصين”.

ولفت إلى أن “مشاركة مقاتلات J10 في التدريبات المشتركة مع الجانب الصيني لا يعني أن مصر ستحصل عليها كما روجت بعض الدوائر مؤخراً”، موضحاً أن “القاهرة دائماً ما تعلن عن منظومات التسليح التي يتم التعاقد عليها”.

“سياق أوسع”

أما الخبير في العلاقات الدولية والأمن الإقليمي، شريف فاروق، قال إن المناورات الصينية المصرية المشتركة “تعكس التعاون الثنائي بين الدولتين”، وتُمثّل مدخلاً للعديد من أوجه التعاون الأخرى، بما في ذلك التدريب وتبادل الخبرات المختلفة.

وأضاف فاروق أن “المناورات جاءت في خضم متغيرات جيوسياسية تشهدها المنطقة، وفي ظل تصاعد التهديدات الناتجة عن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، وما ترتب عليها من معطيات جديدة إقليمياً”.

ورأى فاروق أن “الظروف الحالية تفرض على القوى الفاعلة إقليمياً، ومنها مصر، بذْل مختلف الجهود لتعزيز استراتيجية التوازن العسكري بالمنطقة، وضبط ميزان القوى، من خلال امتلاك القدرات العسكرية المناسبة القائمة على تنوع مصادر التسليح القادرة على تحقيق التوازن”.

وتابع: “الجيش الصيني يحتل المركز الثالث عالمياً، ويمتلك العديد من الخبرات في التفوق الجوي والتصدي للأنظمة الإلكترونية الحديثة، وبالتالي تتيح هذه المناورات الاطلاع على الأداء الواقعي للمعدات العسكرية الصينية الأكثر تقدماً ومدى ملائمتها للمهام المطلوبة، والتي تُعد فرصة كبيرة للصين لتسويقها عربياً وإفريقياً”.

لاعب جديد في البحر الأحمر

من جهته، قال رئيس وحدة العلاقات الدولية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أحمد قنديل، إن “هذه المناورات تعكس رغبة الصين في الظهور كلاعب جديد في منطقة البحر الأحمر، كما تأتي في سياق تنويع مصادر التسليح المصري”.

وأضاف قنديل أن “بكين لم يكن لها وجود عسكري في البحر الأحمر، باستثناء القاعدة الصينية في جيبوتي… يمكن أن يكون التواجد العسكري الجديد للصين عاملاً إضافياً لتعقد الأوضاع الأمنية في المنطقة”.

وتوقَّع قنديل أن يكون للتواجد الصيني في البحر الأحمر، “آثار إيحابية” بما في ذلك “مواجهة الهيمنة الأميركية والغربية في المنطقة، والتي انحازت بشكل كامل للرؤية الإسرائيلية المتطرفة في حربها على قطاع غزة”.

ومضى يقول: “التدريبات المشتركة تحمل عدة رسائل؛ فمصر تؤكد من خلالها على اهتمامها بتطوير علاقتها مع القوى الكبرى لزيادة مستويات الردع في مواجهة التهديدات التي تشهدها المنطقة مع تنامي الصراع في فلسطين، ولبنان، واليمن، والسودان”.

وتابع قنديل بالقول: “تعمل مصر من خلال هذه المناورات على تأكيد الجاهزية القتالية لقواتها بالاحتكاك بخبرات عسكرية مختلفة، خاصة مع صعود المدرسة الصينية عسكرياً واقتصادياً، وتعكس في الوقت نفسه تنامي مستوى العلاقات بين القوات الجوية في البلدين”.

وأشار إلى أن “الصين ترى في مصر دولة مركزية في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، كما أن بكين لها مصالح من التواجد في البحر الأحمر وقناة السويس لتأمين مصالحها الحيوية”.

وتوقَّع قنديل، نمو التعاون العسكري والأمني المصري الصيني، في الفترة المقبلة، بعد التوافق الكبير والزيارات المتبادلة بين قيادات البلدين، كما تعمل مصر على تنويع مصادر تسليحها خاصة أن منظومة التسليح الصينية متقدمة ومتطورة بشكل مستمر وتستطيع مجابهة التقدم في منظومة السلاح الغربي، فضلاً عن كونها لا ترتبط بأجندات سياسية، إضافة إلى سعرها المنخفض نسبياً ما يعطى حرية أكبر للمخطط الاستراتيجي لمنظومات التسليح المصرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *