أعلنت محافظة إدلب بالشراكة مع “الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية”، في 14 من حزيران الحالي، أنه تم الاتفاق على إنشاء منطقة حرة شرقي مدينة إدلب على ملتقى الطرق الدولية”، وميناء جاف حديث ومتطور.
وقال مدير العلاقات العامة في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، مازن علوش، ل، إن هذا المشروع يأتي تحت شعار “لأهل الوفاء يهون العطاء”، ويجسد توجهات الدولة في دعم محافظة إدلب اقتصاديًا وتنمويًا بعد سنوات من التحديات، ويضعها على خارطة المناطق الاقتصادية الفاعلة في البلاد.
ومن المخطط أن تضم المنطقة الحرة الجديدة منطقة حرة صناعية وتجارية بالإضافة إلى ميناء جاف حديث ومتطور، بحسب علوش.
ويمثل الميناء الجاف، المزمع إنشاؤه، بحسب مدير العلاقات العامة، أحد الأعمدة الرئيسة لهذا المشروع، إذ سيوفر للتجار والصناعيين والمزارعين في إدلب خدمة تصدير منتجاتهم الزراعية والصناعية بشكل مباشر إلى الأسواق الخارجية، كما سيتيح لهم استيراد المواد الأولية والبضائع من مختلف دول العالم دون الحاجة للتوجه إلى المرافئ البحرية، مما يختصر الزمن والتكاليف، ويعزز من تنافسية المنتج الوطني في الأسواق الإقليمية والدولية.
معارض سيارات
كما جرى الاتفاق على البدء بالإجراءات الخاصة لإنشاء منطقة حرة ثانية مخصصة لمعارض السيارات وتجارتها، بهدف تنظيم هذا القطاع الحيوي وتوسيعه بما يخدم مصالح المواطنين والتجار على حد سواء، وفق ما قال مدير العلاقات العامة في “هيئة المنافذ البرية”.
وتبلغ المساحة الإجمالية للمنطقة الحرة الصناعية والتجارية مع الميناء الجاف نحو مليون ومئة وخمسة آلاف متر مربع، وهذا ما يعكس حجم الاستثمار المقرر وضخامة البنية التحتية المزمع إنشاؤها، وفق علوش.
وتسعى هيئة المنافذ البرية والبحرية، من خلال هذا المشروع، إلى تحقيق جملة من الأهداف التنموية والاقتصادية، وفي مقدمتها: تنشيط الحركة التجارية والصناعية في المحافظة، وخلق فرص عمل واسعة لأبناء إدلب، واستقطاب صناعات جديدة وواعدة.
ويتجسد سعي الهيئة أيضًا، بحسب علوش، بجذب رؤوس أموال واستثمارات خارجية تسهم في رفد الاقتصاد الوطني بالنقد الأجنبي، لا سيما مع دخول عشرات المستثمرين الأجانب إلى المحافظة لمتابعة الفرص الاستثمارية المتاحة.
كما يأتي المشروع متكاملًا مع خطط الهيئة في تطوير منظومة النقل التجاري واللوجستي عبر تعزيز دور شركات النقل الداخلي والخارجي، بالإضافة إلى فتح آفاق جديدة أمام قطاع السياحة في المحافظة، مع توقعات بدخول مستثمرين أجانب ورجال أعمال يرفدون السوق المحلي بخبراتهم ورؤوس أموالهم، وفق ما صرح علوش، ل.
خطوة استراتيجية
يرى الخبير الاقتصادي ونائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة حماة، عبد الرحمن محمد، أن إنشاء منطقة حرة وميناء جاف في إدلب يمثل “خطوة استراتيجية مهمة لتعزيز النشاط الاقتصادي في المنطقة”.
ومن المتوقع، بحسب محمد، أن يسهم هذا المشروع في “تحفيز التجارة” من خلال تخفيض الرسوم الجمركية وتسهيل الإجراءات التجارية، مما سيعزز بالضرورة حركة البضائع ويجعل إدلب مركزًا تجاريًا “محوريًا”.
وسيوفر هذا المشروع العديد من فرص العمل للسكان المحليين، مما سيسهم في تحسين مستوى المعيشة، كما سيساعد في إعادة بناء البنية التحتية المتضررة في إدلب، مما يعزز من قدرة المحافظة على جذب الاستثمارات.
ومن المتوقع أن يؤدي إنشاء المنطقة الحرة والميناء الجاف إلى:
-
تحسين الربط الاقتصادي: حيث ستعزز إدلب من موقعها كحلقة وصل بين الأسواق المحلية والدولية، مما يسهل عمليات التصدير والاستيراد.
-
بيئة استثمارية جاذبة: إذ يشجع ذلك يشجع المستثمرين المحليين والأجانب على الاستثمار في محافظة إدلب.
-
تنشيط القطاعات التجارية والصناعية والخدمية: ما يعزز من النمو الاقتصادي في المحافظة.
وتأتي هذه المبادرات في إطار جهود الحكومة لتعزيز التعافي الاقتصادي، في مرحلة ما بعد النزاع، وفق ما قال الخبير الاقتصادي، حيث “تهدف هذه الجهود إلى إعادة بناء الاقتصاد المحلي”.
كما تهدف، وفق ما قال عبد الرحمن محمد، إلى تحفيز الاستثمار من خلال تقديم حوافز استثمارية.
كما أن هذه المشاريع ستسهل حركة التجارة بين سوريا والدول المجاورة، ما يعزز من قدرة الاقتصاد السوري على المنافسة.
قيمة مضافة في ظل تراجع
ويرى نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة حماة، عبد الرحمن محمد أن محافظة إدلب يمكن أن تقدم قيمة مضافة كبيرة للاقتصاد السوري من خلال:
-
إدخال صناعات جديدة ومتنوعة كالصناعات الغذائية والصناعات الخفيفة: سيسهم في تنويع مصادر الدخل.
-
تعزيز الصادرات: من خلال تحسين القدرة على تصدير المنتجات المحلية، مما يعزز من الإيرادات الوطنية.
-
تقليل معدلات البطالة: من خلال خلق فرص عمل جديدة، مما سيعزز من الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة.
يأتي هذا المشروع بعد انقضاء موسم عيد الأضحى 5 ـ 9 حزيران 2025، والذي شهد تراجعا في حركة الأسواق بإدلب، عقب مغادرة المهجرين إليها ديارهم عقب سقوط ناظام بشار الأسد في 8 من كانون الأول 2024 وتحرير كامل سوريا، خلال عملية “ردع العدوان”.
والتقى مراسل في المحافظة، عددًا من الأهالي، والذين عبروا عن استيائهم من غلاء الأسعار في المحافظة وانخفاض أجرة العامل اليومية التي تصل في حدها الأقصى لـ10 دولارات ولا تكفي مطالب المعيشة.
أيمن شيخ تلت، أحد ساكني محافظة إدلب، قال إن وضع الناس في المحافظة متعب، وعصيب، مشيرًا إلى أن حركة الإقبال على الأسواق في موسم عيالأضحى في العام الماضي، أفضل من هذا العام.
بينما يرى مصطفى نجار، أحد ساكني إدلب أيضًا، أن تراجع الحركة مرده عودة الناس الذين هجروا إلى إدلب في سنين الثورة، إلى قراهم ومدنهم، وقد كان هؤلاء يزودون في النشاط الاقتصادي للمدينة، وأشار مصطفى إلى أن سعر قطعة ثياب عادية يفوق أجرة العامل البالغة 10 دولارات، بثلاثة أضعاف.
الموانئ الجافة
تمثل المواني الجافة نمطًا حديثًا ومتطورًا من مواني التخزين والنقل، فتعزز من قدرات الدول بتسهيل حركة البضائع وتقليل التكاليف وتبسيط الإجراءات الجمركية.
ووقعت “الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية” في سوريا، خلال أيار الماضي، مذكرتي تفاهم استراتيجيتين مع شركتي: “CMA CGM” الفرنسية، و“Fidi Contracting” الصينية، بهدف إنشاء وتشغيل موانٍ جافة في كل من المنطقة الحرة السورية- الأردنية المشتركة، والمنطقة الحرة في عدرا بريف دمشق، والمنطقة الحرة في حسياء بمحافظة حمص
الهدف من المذكرتين تطوير البنية التحتية اللوجستية، وتعزيز دور المناطق الحرة كمراكز محورية للتجارة الإقليمية، وذلك من خلال ربطها بشبكات النقل البحري والبري الدولية.
ومنذ إعلان توقيع المذكرتين، سبّب مصطلح “المواني الجافة” مواضع غموض ولغط كثيرة، باعتباره غير متداول في البيئة الاقتصادية السورية سابقًا.
مدير العلاقات العامة في “الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية”، مازن علوش، قال في وقت سابق ل، إن المواني الجافة هي مراكز لوجستية متكاملة، تُقام داخل اليابسة، وتكون مرتبطة بالمرافئ البحرية عبر شبكات النقل البري أو السككي، وتؤدي دورًا مكمّلًا للمواني التقليدية.
وعزا هدف الهيئة من إنشاء المواني الجافة إلى تخفيف الضغط عن المرافئ البحرية، وتقليل زمن تفريغ وتحميل البضائع، وتسهيل إجراءات التخليص الجمركي داخل البلاد، ما يسهم في تحسين كفاءة سلاسل الإمداد وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني.
واعتبر علوش هذه المواني ركيزة مهمة لتحويل المناطق الحرة إلى منصات إقليمية، لتجارة الترانزيت وإعادة التصدير.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي