أثار الكتاب الذي أصدرته وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، هند قبوات، في 1 من تشرين الأول، المعني بحصول المنظمات غير الحكومية على موافقات مسبقة قبل تلقي أي تمويل من الخارج أو الانضمام إلى هيئات دولية، موجة من القلق بين المنظمات غير الحكومية العاملة في سوريا.

الكتاب، الذي وجهته الوزيرة إلى مديري مديريات الشؤون الاجتماعية في المحافظات، يفرض قيودًا صارمة على المنظمات غير الحكومية، بحسب بيان مشترك صدر عن المنظمات السورية غير الحكومية، نشره المركز السوري للعدالة والمساءلة، اليوم الأربعاء 22 من تشرين الأول.

ويشير الكتاب الوزاري إلى ضرورة التزام المنظمات العاملة في سوريا بالقانون “رقم 93” لعام 1958، والذي يتطلب من الجمعيات الحصول على إذن من السلطات قبل قبول أي تبرعات أو تمويلات خارجية، ويشمل القرار أيضًا المؤسسات الخاصة، مستندًا إلى نفس الأحكام التي تُطبق على الجمعيات.

المنظمات تحذر

وأبدت 31 منظمة غير حكومية تعمل في سوريا، وقعت على البيان، اعتراضها على هذا التوجه، مشيرة إلى أن تطبيق هذا القانون سيعود بالبلاد إلى بيئة عمل طاردة للمنظمات، قد تعيق قدرة هذه المنظمات على تقديم الدعم والخدمات للمجتمعات المتضررة، خاصة في مناطق النزاع.

وفي البيان المشترك، حذرت المنظمات من أن هذه الخطوات قد تؤدي إلى تقييد الحريات المدنية، وأن العودة لتطبيق القانون “رقم 93″، الذي كان يستخدم في فترات سابقة للحد من نشاطات المجتمع المدني، يتعارض مع المبادئ الدستورية السورية وكذلك مع التزامات سوريا الدولية.

وتعد المنظمات القانون “رقم 93″، الذي أصدر في فترة الوحدة بين مصر وسوريا (1958-1961)، كان جزءًا من سياسة النظام العسكري الذي سعى للسيطرة على العمل الأهلي.

كما قامت الحكومة البعثية في عام 1969 بتعديلات على القانون لزيادة رقابة الدولة على الجمعيات الأهلية، ما منح السلطات صلاحيات كبيرة في حل الجمعيات دون الرجوع إلى القضاء.

تأثيرات القرار على التمويل الدولي

إحدى النقاط التي أثارت قلق المنظمات هو تأثير القرار على قدرة الجمعيات على جمع التمويل الدولي، حيث تعتمد العديد من المنظمات في سوريا على التبرعات من مانحين دوليين أو سوريين في المهجر.

هذه الخطوات، بحسب المنظمات، قد تُصعِب مهمتها في تقديم الخدمات الإنسانية، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.

كما تشير المنظمات إلى أن القرار يتناقض مع التوصيات الدولية، خاصة ما ورد في تقارير الأمم المتحدة حول حرية تكوين الجمعيات. هذه التقارير تؤكد أن فرض قيود على مصادر التمويل واستخداماته قد يستخدم كأداة لقمع الأصوات المعارضة وتقييد أنشطة الجمعيات.

إلزام الجمعيات والمنظمات غير الحكومية بإبلاغ الحكومة بمصادر تمويلها واستخداماتها يشكل تهديدًا مباشرًا لاستقلالها الوظيفي، وقد يستخدم كذريعة لإسكات الأصوات الناقدة أو المعارضة، حسبما ورد في البيان.

ويؤكد البيان أن الجمعيات، المسجلة وغير المسجلة، يجب أن تكون قادرة على السعي للحصول على التمويل والموارد واستلامها واستخدامها من أفراد أو جهات، محلية أو دولية، دون إذن مسبق أو عقبات غير مبررة.

التوصيات والمطالب

من خلال هذا البيان، تقدمت المنظمات غير الحكومية بعدد من التوصيات، منها:

  • تعليق العمل بالقانون “رقم 93” لعام 1958 إلى حين إصدار قانون جديد يتماشى مع المعايير الدولية لحرية العمل المدني.
  • تسهيل الإجراءات القانونية لتسجيل وتفعيل عمل الجمعيات، بما يضمن بيئة قانونية تشجع العمل الأهلي في سوريا.
  • إلغاء نظام الموافقة المسبقة على التمويل الخارجي، مع اعتماد إجراءات شفافة للمحاسبة والرقابة المالية.
  • تشجيع التعاون بين المنظمات المحلية والدولية، بما يعزز تبادل الخبرات ويزيد من فعالية العمل الإغاثي.

المنظمات الموقعة:

ضمَّ البيان المشترك مجموعة من المنظمات السورية البارزة، منها: “العدالة من أجل الحياة”، “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، “المركز السوري للعدالة والمساءلة”، “بدائل”، “المركز السوري لبحوث السياسات”، “حقوقيات”، “مركز وصول لحقوق الإنسان”، “النساء الآن”، “حملة من أجل سوريا”، وغيرها من المنظمات غير الحكومية.

وعود سابقة

وزيرة الشؤون الإجتماعية والعمل، هند قبوات، أكدت في ورشة حوارية بعنوان “مقدمات أولية لتطوير قانون المنظمات غير الحكومية”، في 23 من نيسان الماضي، أن العمل يتركز على بناء دولة جديدة بالشراكة مع جميع الجهات الحكومية والمجتمع المدني للوصول إلى دولة واحدة قوية.

وأشارت إلى أن الحوار مفتوح بين الوزارة والمنظمات غير الحكومية لبناء سوريا الحرة التي يطمح إلى بنائها الشعب السوري.

وشارك في الورشة حينها، ممثلون عن المنظمات غير الحكومية في سوريا، وتركزت محاورها على أشكال قوانين المنظمات غير الحكومية في عدد من دول العالم، إضافة إلى مناقشة مواضيع متعلقة بعدم وجود عقد اجتماعي مكتمل في سوريا، وغياب التعريف المعياري للمجتمع المدني، وأطر عمل المنظمات غير الحكومية، ومعايير وضوابط النفع العام.

منصّة وطنية واحدة جامعة

وقد أعلنت منظمات مجتمع مدني غير حكومية ناشطة في سوريا، توحيد التنسيق والتمثيل تحت منصّة وطنية واحدة جامعة تحمل اسم “منتدى منظمات المجتمع المدني في سوريا”، وذلك وفق بيان مشترك نشرته عبر منصة “ReliefWeb” التابعة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA).

وقالت المنظمات في البيان، إن المنتديات القائمة على المراكز الإنسانية لعبت لأكثر من عقد دورًا محوريًا في بيئات عمل مجزأة وصعبة، إذ وفّرت مساحات للتنسيق والمناصرة والتمثيل في البلاد.

ويضمن المنتدى الجديد:

  • منتدى المنظمات غير الحكومية في شمال غرب سوريا (NWS NGO Forum).
  • منتدى شمال شرق سوريا (NES NGO Forum).
  • المنظمات الدولية غير الحكومية العاملة من دمشق (DINGO)
  • مجموعة تنسيق الشراكة (PCG).
  • المنتدى الإقليمي للمنظمات الدولية غير الحكومية في سوريا (SIRF).

المصدر: عنب بلدي

شاركها.