مواجهات مسلحة ومظاهرات.. اختبار جديد للقيادة الجديدة بسوريا
مثّلت العمليات المسلحة والمظاهرات في مناطق عدة في سوريا، منها حماة وحمص وطرطوس، وهي جزء من المنطقة الساحلية التي تضم العديد من أفراد الطائفة العلوية، أكثر المواجهات دموية التي تواجه الإدارة الجديد منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في 8 ديسمبر الجاري.
وذكرت وسائل إعلام سورية، أن الإدارة الجديدة في البلاد أطلقت، الخميس، حملة أمنية في المنطقة الساحلية، ومنها ريف حمص، الذي شهد مصرع عدد من عناصر إدارة العمليات العسكرية، إثر كمين نفذه ما أسمتهم بـ”فلول” نظام الأسد، في قرية بلقسة.
وقالت وكالة الأنباء السورية “سانا”، إن “اشتباكات متبادلة” بين إدارة العمليات العسكرية و”فلول” نظام الأسد في قرية بلقسة أودت بحياة 2 وإصابة 10 أخرين، مشيرةً إلى أن الهدف من الحملة التمشيط “إعادة الاستقرار إلى المنطقة”.
وكانت مصادر ذكرت لصحيفة “الوطن” في حمص، أن 4 من عناصر القوى الأمنية في إدارة العمليات العسكرية لقوا حتفهم إثر اشتباكات مع “فلول النظام”، لافتةً إلى أن القوى الأمنية تدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى القرية.
ونقل “تلفزيون سوريا” عن مصدر قوله، إن “إدارة العمليات العسكرية بدأت الخميس حملة شملت عدة مناطق غربي حمص، منها بلدتا القبو وبلقسة، لملاحقة فلول النظام السابق، والقبض على شجاع العلي، الذي يقود عصابة مسؤولة عن عمليات الخطف والسلب، لا سيما قرب الحدود السورية اللبنانية”.
ولفت المصدر، إلى أن “إدارة العمليات تمكنت من إلقاء القبض على عدد من المطلوبين، وقتل آخرين ممن رفضوا تسليم أنفسهم”.
“مهلة 4 أيام”
واتهمت إدارة الأمن العام في حماة مواقع تتخذها “فلول النظام” منطلقاً لـ”عمليات السرقة والإجرام وترويع المدنيين وزعزعة الأمن في المدينة”، وفق ما أوردت صحيفة “الوطن”.
وذكرت الصحيفة، أنه تم إلقاء القبض على عدد منهم، و”بعض المشتبه بضلوعهم بهذه الأعمال الإجرامية”، ونقلت عن مصدر أمني في وزارة الداخلية قوله: “بدأنا حملة في مناطق بريف دمشق لسحب السلاح غير الشرعي وضبط مثيري الفتنة”.
وأضاف المصدر الأمني: “فرضنا طوقاً أمنياً حول الأحياء التي شهدت اضطرابات الأربعاء، وحددنا مهلة 4 أيام ليسلم المطلوبين أنفسهم مع أسلحتهم”.
وشهدت عدة مدن سورية بينها اللاذقية وطرطوس وحمص وجبلة، الأربعاء، مظاهرات واضطرابات وسماع دوي إطلاق نار في بعضها، بعد انتشار مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، دون تحديد وقت التقاطه، يظهر حريقاً داخل ضريح رمز ديني للطائفة العلوية في مدينة حلب، مع وجود مسلحين يتجولون في الداخل.
واتهمت وزارة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال السورية من أسمتهم “فلول النظام البائد” بالتنسيق مع “أطراف خارجية”، لم تسمها، بالوقوف وراء ما تشهده بعض المناطق في الساحل وحمص من اضطرابات لـ”زعزعة السلم الأهلي والاستقرار في المنطقة”.
وأشارت الوزارة، إلى أن قواتها تعرضت لإطلاق نار مباشر أثناء تسيير دوريات في أرياف طرطوس، مما أسفر عن سقوط 14 من عناصر الأمن وإصابة 10 آخرين.
وقالت وكالة الأنباء السورية “سانا”، الخميس، إن إدارة العمليات العسكرية تمكنت ضمن عملية ضبط الأمن، وحفظ السلم الأهلي التي أطلقتها بالمحافظة من “تحييد” عدد من “فلول النظام” في أحراش وتلال ريف طرطوس بينما “تستمر في مطاردة آخرين”.
“التزام بوحدة البلاد”
وعقد محافظ اللاذقية محمد عثمان، الخميس، اجتماعاً مع وجهاء ومشايخ الطائفة العلوية في اللاذقية، وأعرب عن التزام الإدارة الجديدة في سوريا “بوحدة البلاد بكل الأطياف بشكل كامل”.
وقال عثمان في تصريحات لـ”الشرق”: “نحن بالأساس رسالتنا كانت واضحة من إدارة العمليات العسكرية من البداية، سواء للطائفة العلوية أو أي طائفة كانت موجودة، نحن مع وحدة سوريا بشكل كامل بكل الأطياف والفئات الموجودة، وشرائح المجتمع بشكل كامل”.
وأشار عثمان، إلى أن “الوصول للسلام المجتمعي لن يتحقق إلا بجهود الجميع”، مضيفاً: “طالما تبنينا أن نكون يداً واحدة حتى نبني سوريا، فأكيد بجهود الجميع سنستطيع أن نصل لهذه المرحلة”.
من جهته، شدد هادي قنجراوي أحد شيوخ الطائفة العلوية المشاركين في الاجتماع، على أهمية “احترام المقدسات الدينية لكل الطوائف في سوريا”.
وقال قنجراوي لـ”الشرق”، إنه “تم التوضيح والتأكيد على حرمة المقامات والمقدسات، وعلى الالتزام الدائم والعميق والرئيسي بحفظ هذه المقامات والمقدسات لكافة المذاهب والأديان في سوريا”.
وشدد ذو الفقار فضل غزال، أحد شيوخ الطائفة العلوية، على أن “الاضطرابات التي شهدتها بعض المناطق السورية، الأربعاء، تحتاج لوضع حد”، وذكر أن “الحد الأدنى هو المحافظة على الأمن المجتمعي والأمن العام، والحد الأقصى هو وضع خطوات جذرية تمنع العودة لهذه الأحوال مرة ثانية”.
وتابع في تصريحات لـ”الشرق”: “ما لمسناه من حوار كان صادقاً، الكلام كان صريحاً، جواب وسؤال، لمسنا من خلال هذه الجلسة أن هناك محاولة جادة لدراسة الأمور بشكل مرحلي واستراتيجي لا يعيدنا إلى ما كنا عليه من اضطراب”.
ويرى عمار بدور، أحد شيوخ الطائفة العلوية، أن “الاجتماع مع محافظ اللاذقية يدل على أن الأيادي ممدودة من الجميع لبناء سوريا الجديدة الحرة”.
وأشار إلى “وجود بعض التجاوزات التي حدثت”، لكنه أضاف: “نحن نبرأ من هذه التجاوزات جميعها، لأن ما يهم هذه الطائفة حقيقة قبل بناء الحجر هو بناء الإنسان، المقامات نستطيع بناءها من جديد، والحجر يعاد بناؤه من جديد، ولكن الإنسان إذا تهدم فلا أحد يستطيع بناءه من جديد”.