مواجهة الهجرة ونفوذ الصين.. ملفات روبيو في أميركا اللاتينية
عندما يصل وزير الخارجية الأميركي الجديد ماركو روبيو إلى أميركا اللاتينية، الأسبوع المقبل، في أول رحلة خارجية له، سيجد منطقة تعاني بسبب استراتيجية “الصدمة والرعب” التي تتبناها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجديدة في الدبلوماسية.
وخلال الأيام الأولى في ولايته الثانية، أكد ترمب عزمه الاستحواذ على قناة بنما، وأثار غضب البرازيليين من خلال إعادة المهاجرين بالسلاسل والأصفاد، وأعلن عزمه فرض عقوبات وتعريفات جمركية على كولومبيا بسبب خلاف حول عمليات ترحيل مهاجرين غير شرعيين.
أولى محطات روبيو ستكون مدينة بنما، حيث ترغب إدارة ترمب في إعادة تركيز سياستها نحو أميركا اللاتينية، بهدف التصدي للنفوذ الصيني المتزايد في المنطقة، والحد من الهجرة.
وأكد روبيو، وهو أول وزير خارجية من أصول لاتينية، أن وزارة الخارجية الأميركية ستكون “فعَّالة في مساعدة ترمب على تحقيق سياسته”، والتي تهدف لـ”الحد من الهجرة الجماعية”، وأن هذا الموضوع سيكون في صلب أولوياته أثناء بقية محطات جولته، التي تشمل السلفادور وكوستاريكا وجواتيمالا وجمهورية الدومينيكان.
وقال كيفن ويتاكر، السفير الأميركي السابق لدى كولومبيا، لوكالة “رويترز”، إن “فرض ترمب للتعريفات الجمركية بشكل فوري، والعقوبات التي نادراً ما كان يتم استخدامها، فضلاً عن قيود التأشيرات ضد كولومبيا، الحليف الأميركي التقليدي، بعث برسالة إلى دول المنطقة تشير إلى مدى جدية إدارته في التعامل مع مسألة الهجرة”. وأضاف: “الرسالة التي تم إرسالها هي مدى استعداد إدارة ترمب لاستخدام هذه الأدوات”.
ويتحدث روبيو، ابن مهاجرين كوبيين، الإسبانية بطلاقة، وهو أحد صقور السياسة تجاه كوبا وفنزويلا. وخلال ولاية ترمب الأولى، كان قوة دافعة وراء التراجع عن التقارب التاريخي الذي بدأه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما مع كوبا، كما لعب دوراً رئيسياً في صياغة حملة “الضغط الأقصى” ضد فنزويلا، بما في ذلك فرض عقوبات واسعة على قطاع الطاقة، في الدولة العضو في منظمة الدول المُصدِرة للنفط (أوبك).
التركيز على مسألة الهجرة
ونقلت “رويترز” عن روبيو قوله في مذكرة حدد فيها أولوياته: “علاقاتنا الدبلوماسية مع البلدان الأخرى، وخاصةً في نصف الكرة الغربي، ستعطي الأولوية لتأمين حدود أميركا، ووقف الهجرة غير الشرعية والمزعزعة للاستقرار، والتفاوض على إعادة المهاجرين غير الشرعيين”.
ووفقاً للخبراء، فإن وزير الخارجية الجديد يمكن أن يستخدم جولته لأميركا اللاتينية لدفع ما يسمى باتفاقيات “البلدان الثالثة”، التي تقبل بموجبها الدول مواطني دول أخرى يتم ترحيلهم من الولايات المتحدة، فضلاً عن تسهيل الطريق لمزيد من رحلات الترحيل لإعادة المهاجرين إلى بلدانهم.
ولدى الولايات المتحدة علاقات “فاترة” مع كوبا وفنزويلا، ومن المحتمل أن تحتاج إدارة ترمب إلى إيجاد دول أخرى لقبول المُرحلين من البلدين، والتي يحتمل أن تكون بعض البلدان التي سيزورها روبيو في جولته.
وقال ويل فريمان، وهو باحث في شؤون أميركا اللاتينية في مجلس العلاقات الخارجية: “هذه هي الأماكن التي يعتقد ترمب على الأرجح أنه يمكنه الضغط عليها لاستقبال هؤلاء المُرحلين من بلدان أخرى”.
التوترات مع الصين
وستجري محادثات روبيو مع المسؤولين في بنما وسط تهديدات ترمب بالسيطرة على القناة. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية إن الرحلة ستكون جزئياً لمواجهة الصين في المنطقة.
وفي جلسة تأكيد تعيينه في مجلس الشيوخ في وقت سابق من هذا الشهر، قال روبيو إنه “يمكن القول إن شروط الاتفاق بين الولايات المتحدة وبنما، التي تنُص على أنه لا يمكن تسليم القناة إلى سُلطة أجنبية، قد تم خرقها بسبب انخراط الشركات الصينية”.
وأضاف: “في الواقع، هناك سُلطة أجنبية اليوم لديها القدرة على تحويل القناة، من خلال شركاتها، والتي نعرف أنها ليست مستقلة، إلى نقطة اختناق ومكان صراع، وهذا يشكل تهديداً مباشراً للمصلحة الوطنية والأمن في الولايات المتحدة”.
من جانبها، نفت الحكومة البنمية التنازل عن تشغيل الممر المائي الاستراتيجي إلى الصين، مؤكدة أنها تُدير القناة بشكل عادل لجميع شركات الشحن.
ويقول إسحاق كاردون، وهو باحث في شؤون الصين في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، إنه يعتقد أن “هناك مجال للتوصل إلى اتفاق، والذي قد يُرضي ترمب باعتباره انتصاراً دون أن يكون مُخِلاً”.
وأضاف كاردون: “أتصور أن روبيو سيكون أكثر توازناً، وأعتقد أن نهج الدبلوماسية الجارية يحمل نوعاً من أسلوب (الشرطي الجيد-الشرطي السيء)”.