“مشهد أكياس القمامة التي تحيط بالحاويات الممتلئة، يفاقم معاناتنا مع ارتفاع درجات الحرارة، الأمر الذي يزيد الحشرات والروائح الكريهة بكل شوارع دمشق”، هكذا عبرت سلوى الغول عن معاناتها جراء تراكم النفايات في الحاويات بدمشق.

وقالت السيدة الأربعينية المقيمة في منطقة الصناعة بدمشق، ل، إن شوارع المنطقة تعاني من تردي واقع النظافة، بسبب تراكم النفايات والأوساخ، وضعف ضخ المياه، ما يؤدي إلى عدم تنظيف الشوارع من قبل الأهالي.

وأثار واقع النظافة المتردي في أحياء مدينة دمشق استياء الأهالي، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة في الفترة الأخيرة، وانتشار الحشرات والكلاب الشاردة حول الحاويات، إضافة إلى الروائح المنبعثة من النفايات.

تراكم القمامة في شوارع حي الزاهرة بمدينة دمشق – 19 آب 2025 ()

انتشار الحشرات والروائح

سها الحجار من منطقة الفحامة بدمشق، تحدثت ل عن واقع النظافة في المنطقة، وقالت إن القمامة لا ترحل يوميًا من الحاويات، وأحيانًا يمضي عليها أكثر من يومين، وهو ما يشكل “تلة قمامة” جانب الحاوية.

“عدم ترحيل القمامة أسهم بانتشار الحشرات كثيرًا في الحي، كالبرغش والذباب والصراصير، إضافة للروائح المنتشرة، التي تمنعنا من فتح النوافذ لتفادي استنشاقها”، بحسب ما أوضحته سها ل.

وافقها الرأي صالح المنجد، أحد سكان منطقة المزة، معتبرًا أن واقع النظافة في دمشق سيئ للغاية منذ أشهر، سواء الحاويات أو نظافة الشوارع، مطالبًا محافظة دمشق بالتدخل السريع لتفادي الأزمة وانعكاساتها.

وخلال رصد أجراه مراسل في أحياء دمشق، تشهد أغلبية الشوارع تراكم النفايات في الحاويات، دون ترحيلها يوميًا.

الأهالي طالبوا بتحرك محافظة دمشق وترحيل نفايات الحاويات يوميًا، مع تنظيف الشوارع الأساسية وعدم إهمالها.

تراكم القمامة في حي كفرسوسة بمدينة دمشق - 19 آب 2025 ()

تراكم القمامة في حي كفرسوسة بمدينة دمشق – 19 آب 2025 ()

أعطال الآليات سبب

الأهالي طالبوا بتحرك الجهات المعنية في دمشق والقيام بإجراءات لترحيل القمامة يوميًا، معتبرين أن محافظة دمشق الأكثر سوءًا  من حيث واقع النظافة.

مدير النظافة ومعالجة النفايات الصلبة في محافظة دمشق، عبدو العلوش، قال ل، إن المديرية عانت خلال الأسبوع الماضي ارتفاع نسبة الأعطال في الآليات العاملة على ترحيل القمامة، و تدني جاهزية الآليات لديها، الأمر الذي أدى إلى تراكم القمامة في بعض الأحياء.

وبحسب العلوش، تعمل مديرية المركبات على الإسراع في عملية إصلاح الآليات، وخوصًا الأعطال الخفيفة، للعودة إلى العمل.

ومن الحلول الإسعافية التي تم اتخاذها من قبل المديرية، الحملات المكثفة للمناطق التي حدث ضمنها تراكم بواسطة آليات قسم الترحيل التابع للمديرية، إذ تم تدارك هذا التراكم، وترحيله و تخطي هذه المرحلة، بحسب ما قاله العلوش.

وأكد أن العمل مستمر، و”محافظة دمشق لن تتوانى عن العمل لرفع سوية النظافة ضمن العاصمة دمشق”.

وأشار إلى أن نقل محطة القمامة في منطقة باب شرقي ، والتي كانت قريبة من كافة أحياء مدينة دمشق، إلى محطة الكسوة، ولّدت أثرًا كبيرًا من خلال ازدياد المسافة التي تقطعها الآليات إلى الكسوة، والتي تتجاوز في بعض مراكز التنظيف 35 كم.

عملية النقل أدت إلى تأخير دورة الآلية في الترحيل وإلى أعطال تتعرض لها في أثناء العمل، وخاصة أن معظم الأسطول العامل على ترحيل القمامة متهالك، و لم يتم تحديثه أو تطويره، ما أدى إلى حدوث تراكم القمامة في بعض المناطق، وهو ما يتم علاجه من خلال إجراء حملات مكثفة لها بواسطة الآليات الهندسية التابعة لقسم الترحيل في مديرية النظافة.

المديرية رفعت احتياجاتها اللازمة التي تضمنت تحديث الأسطول العامل على ترحيل القمامة لمحافظة دمشق، التي وجهت المديريات المعنية لتأمين كافة مستلزمات واحتياجات مديرية النظافة، ووضعها ضمن أولوية عمل هذه المديريات نظرًا إلى أهمية القطاع.

حلول إسعافية

مدير النظافة ومعالجة النفايات الصلبة في محافظة دمشق، عبدو العلوش، أكد أنه تم مؤخرًا حضور اجتماع برئاسة محافظ دمشق، ماهر مروان، لبيان الصعوبات التي تواجه عمل المديرية، إذ وجه بتذليل الصعوبات والعمل على الحلول الإسعافية التي تم طرحها خلال الاجتماع، ومنها:

  • تأمين آليات من الأسواق المحلية لمؤازرة آليات المديرية.
  • إعداد مشروع استئجار آليات المدينة دمشق القديمة لتخديمها بالشكل الأمثل، كونها واجهة سياحية ومزارًا لكل السياح.
  • استثمار الآليات التي كانت تعمل ضمن مدينة دمشق القديمة، و الاستفادة منها في مواقع أخرى.

تراكم النفايات في الحاويات يسهم بانتشار الحشرات بشكل مبالغ فيه، مع عدم وجود عمليات رش المبيدات للحاويات في أثناء تنظيفها، مما يثير استياء الأهالي.

وقال العلوش، إنه هناك لدى محافظة دمشق ورشة مختصة برش المبيدات الحشرية، وهي تابعة لمديرية الشؤون الصحية، إذ تقوم برش كافة أحياء و شوارع مدينة دمشق، وفق برنامج معد مسبقًا لهذا الغرض، ويشمل كافة المناطق دون استثناء.

مشكلة النفايات

مشكلة انتشار النفايات وتراكمها لا تعد جديدة في سوريا، لكنها تفاقمت مع زيادة المشهد السوري قتامة وتعقيدًا بعد عام 2011، خاصة أن إدارة النفايات الصلبة كانت مشكلة بيئية معترفًا بها في سوريا قبل ذلك العام، وهو ما تناولته في تحقيق سابق .

وكان التعامل مع النفايات غير مناسب، ويفتقر إلى الرقابة التنظيمية على الانبعاثات الصادرة عن البيئة، وكان نظام الحوكمة البيئية ضعيفًا، وفق تقرير لمنظمة منظمة “PAX” الهولندية عام 2015.

قبل 2011، ورغم جمع النفايات المنزلية، فإن مدافن النفايات كانت جميعها مفتوحة، وكثيرًا ما يتم حرق النفايات غير المكشوفة في حفر مفتوحة ولا يتم التخلص من النفايات الخطرة بشكل منفصل، ومع مرور السنوات أدى تصاعد العنف والصراع إلى تفاقم الوضع، وفق تقرير منظمة “PAX“.

وبسبب الانهيار شبه الكامل لخدمات إدارة النفايات، لا تزال كميات كبيرة من النفايات ملقاة في الشوارع في جميع أنحاء البلاد، ولجأت العديد من البلديات إلى مثل هذه التدابير كالحرق أو الإغراق غير المنضبط، ما زاد التهديد من انتشار الأمراض والطفيليات.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.