في تطور علمي مثير، كشفت وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” عن نتائج أبحاث جديدة تسلط الضوء على أحد أكبر الألغاز التي حيّرت العلماء لعقود، وهي أين ذهبت مياه المريخ؟ ولماذا أصبح هذا الكوكب الأحمر قاحلاً وعديم الحياة، بعد أن أظهرت أدلة جيولوجية أنه كان ذات يوم غنيا بالمياه وربما صالحا للحياة.

ـ المريخ: ماضٍ رطب وحاضر جاف

منذ أن بدأت “ناسا” إرسال مركباتها إلى المريـخ، أكدت الصور والبيانات وجود تضاريس تشبه الأنهار والبحيرات، وحتى الدلتا القديمة، مما يشير إلى أن المريخ كان في الماضي يضم كميات ضخمة من المياه السائلة على سطحه. 

وتشير التقديرات إلى أن المريـخ كان يمتلك محيطات تغطي مساحات واسعة، بعمق يصل إلى مئات الأمتار، ولكن هذا المشهد تغير تماما، فالكوكب الآن بارد، وجاف، وذو غلاف جوي رقيق لا يكاد يحبس حرارة أو يحمي سطحه من الإشعاعات الشمسية القاتلة، فما الذي حدث؟

وهنا كان الاكتشاف المفاجئ: المياه لم تهرب للفضاء فقط

وفقاً لدراسة جديدة نشرتها “ناسا” بالتعاون مع جامعات أمريكية مرموقة، فإن ما يقرب من 30 إلى 90% من مياه المريخ لم تختفِ إلى الفضاء كما كان يعتقد سابقا، بل امتصها كوكب المـريخ نفسه عبر الصخور!.

وهذا الاكتشاف جاء بناءً على تحليل بيانات من مركبات فضائية وأجهزة قياس طيفي على الأرض، أظهرت أن الصخور الغنية بمعادن تُدعى الأوليفين والبازلت، قامت بتفاعل كيميائي مع المياه، وحبستها داخل بنيتها البلورية، وهذا النوع من التفاعل يُعرف باسم “التروية المائية” (Hydration)، حيث تمتص المعادن المياه وتخزنها.

ـ أين ذهبت الحياة إذا؟

بالإضافة إلى اختفاء المياه، فإن اختفاء الغلاف الجوي الكثيف كان عاملاً قاتلاً لأي احتمال للحياة. فالبحوث تُظهر أن المـريخ كان يمتلك غلافًا جويًا كثيفًا في الماضي، لكنه فُقد بفعل الرياح الشمسية، التي جرفت الجزيئات الأخف كالهايدروجين والأوكسجين إلى الفضاء، بسبب عدم وجود مجال مغناطيسي قوي يحمي الكوكب كما في الأرض.

مع فقدان الغلاف الجوي، تراجعت قدرة المريخ على الاحتفاظ بالماء السائل على سطحه، وتحولت بيئته تدريجيا إلى جحيم بارد غير مضياف.

ـ الأدلة من مهمات ناسا الأخيرة

مركبة بيرسيفيرانس (Perseverance): وجدت دليلاً جيولوجيا يؤكد وجود دلتا نهرية في فوهة “جيزيرو”، مما يشير إلى وجود بحيرات مستقرة في الماضي.

ومركبة كوريوسيتي (Curiosity): حللت صخورا أثبتت احتواءها على نسب كبيرة من المعادن المائية، ما يدعم نظرية امتصاص المياه داخل القشرة.

 هل كانت هناك حياة فعلًا؟

رغم انعدام الحياة حاليا، فإن الأدلة الجيولوجية والمعدنية تُبقي الأمل حيًا بأن الميكروبات قد تكون وجدت في بيئة المريخ القديمة. المياه، العناصر الكيميائية، والطاقة الشمسية جميعها كانت متوفرة في الماضي، ويُركّز العلماء اليوم على التنقيب في أعماق الصخور، حيث يمكن أن تكون بقايا الحياة الميكروبية محفوظة.

وفي الختام، أكدت الدراسة بأن اختفاء المياه من سطح المريخ لم يكن سببه الوحيد هو “تبخّرها إلى الفضاء”، بل تبيّن أنها دفنت داخل تربة الكوكب نفسه. 

وهذا الاكتشاف الثوري يعيد رسم تصور العلماء عن الكوكب الأحمر، ويعزز احتمالية أن تكون آثار الحياة القديمة محفوظة في مكانٍ ما تحت سطحه.


ناسا تكتشف أسرار المريخ.. لماذا اختفت المياه وانعدامت الحياة عليه

المصدر: وكالة ستيب الاخبارية

شاركها.