نتائج القمة العربية في بغداد.. مبادرات عراقية وخارطة جديدة للعلاقات الإقليمية وسط ملفات “ملتهبة”

انطلقت اليوم السبت، أعمال القمة العربية في بغداد في الدورة الرابعة والثلاثين في العاصمة العراقية، تحت شعار “حوار وتضامن وتنمية”، في ظل تحديات إقليمية متصاعدة أبرزها الحرب المستمرة على قطاع غزة، وملفات سوريا ولبنان، والصراع في السودان، وكشف خبير سياسي عن أبرز ما توافق عليه العرب خلال هذه القمّة.
أبرز المواقف في القمة العربية في بغداد
افتتح الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد القمة بتأكيده على ضرورة احترام سيادة الدول العربية ورفض سياسات الإملاءات والتدخلات الخارجية، ومن جانبه، شدد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على دعم العراق للقضية الفلسطينية، مندداً بما وصفه بـ”الإبادة الجماعية” التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة، كما أعلن عن تقديم مساهمة مالية بقيمة 20 مليون دولار لإعادة إعمار القطاع، ومثلها للبنان.
وفي هذا السياق، قال الباحث في السياسات الاستراتيجية الدكتور كاظم ياور خلال حديث لـ”وكالة ستيب نيوز”: “ناقشت القمة العربية في بغداد العديد من الملفات، كان أبرزها ملف الحرب في غزة، حيث يتفق العرب على ضرورة إنهاء هذه الحرب. كما تناولت القمة ملفات أخرى، مثل سوريا ولبنان، إضافة إلى اليمن والسودان.”
مواقف عربية موحدة تجاه غزة
القضية الفلسطينية كانت محوراً رئيسياً في كلمات القادة العرب، حيث اعتبر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن الفلسطينيين يواجهون “جرائم ممنهجة”، داعياً إلى تنظيم مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة، كما شدد على أهمية استثمار رفع العقوبات الأميركية عن سوريا لتحقيق مصالح الشعب السوري.
ومن جانبه الرئيس الفلسطيني محمود عباس دعا إلى عقد مؤتمر دولي في القاهرة لتمويل خطة إعادة إعمار غزة، وطالب حركة حماس بتسليم القطاع للسلطة الفلسطينية، ما أثار نقاشاً في كواليس القمة حول مستقبل الوحدة الفلسطينية.
أما رئيس الوزراء الأردني جعفر حسان أكد أن “ثبات الشعب الفلسطيني على أرضه هو عنوان المرحلة”، وطالب بوقف الحرب فوراً والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية.
بينما دعا رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، إلى الضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، معبراً عن استعداد لبنان للتعاون مع سوريا لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
وفي تعليق على الأبعاد الاقتصادية والسياسية لهذه الدورة، أشار الدكتور كاظم ياور إلى أن: “الملف الاقتصادي كان حاضرًا أيضًا، خصوصًا فيما يتعلق بالعراق، الذي يسعى إلى أن يكون على طريق التنمية بالشراكة مع الدول العربية. وقد شاركت بعض الدول العربية بقوة في هذا الملف، مثل قطر والإمارات، وكان هناك تنسيق ملحوظ مع السعودية والكويت.”
دعم دولي للمواقف العربية
شهدت القمة مشاركة دولية بارزة، حيث أكد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز على ضرورة مضاعفة الضغط على إسرائيل لوقف هجماتها على غزة، كاشفاً عن إعداد بلاده مشروع قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة بهذا الشأن.
بدوره، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وقف الحرب على غزة، مؤكداً على أهمية احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها، كما حثّ على إنهاء الصراع في السودان والعنف المستمر في ليبيا.
إعلان بغداد.. محاور رئيسية لتعزيز التضامن العربي
تناولت مسودة “إعلان بغداد” مجموعة من البنود أبرزها:
- الدعوة إلى وقف فوري للحرب في غزة وفتح المعابر للمساعدات.
- التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية ودعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
- إدانة الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وسوريا، والمطالبة بانسحاب الاحتلال من أراضيهما.
- دعم وحدة الأراضي السورية ورفض التدخلات الخارجية.
- الدعوة إلى حل سياسي للأزمة في السودان، ودعم العملية السياسية في ليبيا.
- تأكيد على الحقوق المائية لمصر والعراق وسوريا في مواجهة التحديات الإقليمية.
وفي هذا الإطار، يرى الدكتور كاظم ياور أن: “العراق أظهر موقفًا ثابتًا تجاه عدد من القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. ويُعَدّ انعقاد القمة العربية في بغداد فرصة لتعزيز الزخم والدعم العربي لهذه القضية، كما يسهم في إعادة طرح المشروع العربي الداعي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس، في خضم الصراع القائم مع إسرائيل.”
دور العراق الإقليمي المتجدد
شهدت القمة عودة العراق بقوة إلى المشهد العربي، من خلال تبنيه مبادرات سياسية واقتصادية طموحة، وفي هذا الصدد، أكد الدكتور كاظم ياور أن: “فيما يتعلق بعودة العراق إلى دوره ومحيطه العربي، من المؤكد أن هناك قضايا مشتركة تهم جميع المشاركين في قمة بغداد. وقد سعى العراق، قدر الإمكان، إلى المساهمة في حل عدد من المشكلات العربية، ولا سيما ما يتعلق بالعلاقات مع سوريا والكويت ودول أخرى”.
ويضيف: “يطمح العراق إلى إحداث ما يمكن وصفه بـ’تحديث للحالة السياسية’ في العالم العربي، والتركيز على القضايا المشتركة، بعيدًا عن سياسة المحاور التي كانت سائدة، مثل المحور الإيراني.”
مبادرات ومساهمات عراقية بارزة
تضمنت كلمة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أكثر من 18 مبادرة، من أبرزها اقتراح إنشاء صندوق لدعم الدول الخارجة من الحروب أو المتضررة من الكوارث الطبيعية.
وعلق الدكتور ياور قائلاً: “بالنسبة للمبادرات التي قدّمها رئيس الوزراء العراقي خلال كلمته في القمة، فقد تجاوز عددها ثماني عشرة مبادرة، من أبرزها اقتراح إنشاء صندوق لدعم الدول الخارجة من الحروب أو المتضررة من الكوارث الطبيعية. ويُعدّ هذا الصندوق أداة حيوية لدعم جهود الإعمار، ويستهدف في هذه المرحلة تحديدًا إعادة إعمار غزة وفلسطين عمومًا، وكذلك جنوب لبنان.”
وقد أعلن العراق عن تبرعه بمبلغ 20 مليون دولار لصالح إعادة إعمار غزة، ومبلغ مماثل لصالح جنوب لبنان، في خطوة تؤكد التزام بغداد بدعم قضايا الأمة.
وتعكس قمة بغداد رغبة عربية واضحة في استعادة زمام المبادرة السياسية، والتحدث بصوت موحد بشأن أبرز القضايا الإقليمية، لا سيما القضية الفلسطينية. وقد مثلت كلمات القادة، ومواقف الدول، وتحليلات الخبراء مثل الدكتور كاظم ياور، إشارات قوية إلى تحوّل في المشهد العربي نحو تضامن أكثر واقعية، وتعاون أشمل لمواجهة التحديات.

المصدر: وكالة ستيب الاخبارية