عبّر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأحد، عن أمله في أن تسفر قمته المرتقبة مع الرئيس الصيني شي جين بينج في كوريا الجنوبية، الخميس المقبل، عن “اتفاق شامل”، فيما اختتمت المحادثات التجارية بين واشنطن وبكين في ماليزيا، حيث بحث الطرفان خلال يومين من الاجتماعات “إطاراً عاماً لاتفاق”، قد يتم إقراره في قمة ترمب وشي.
وبدأ ترمب جولته الآسيوية التي تستمر 5 أيام، الأحد، من العاصمة الماليزية كوالالمبور، للمشاركة في أعمال قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا “آسيان”.
وتشمل جولته أيضاً اليابان، قبل أن يشارك لاحقاً في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (APEC) في كوريا الجنوبية، في الفترة بين 31 أكتوبر و1 نوفمبر، والتي من المقرر أن يلتقي الرئيس الصيني على هامشها.
وتأتي قمة ترمب وشي المرتقبة، في ظل تصاعد الخلافات الحادة بين الولايات المتحدة والصين، بشأن التجارة والتكنولوجيا والقيود المفروضة على المواد الخام، ما يرفع من أهمية جولة ترمب الآسيوية.
وكان ترمب قد هدد بفرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 100% على السلع الصينية وغيرها من القيود التجارية بدءاً من الأول من نوفمبر المقبل، رداً على توسيع الصين نطاق ضوابط تصدير المغناطيسات والمعادن الأرضية النادرة.
وأدت أحدث الإجراءات، التي تشمل أيضاً قائمة سوداء أميركية موسعة متعلقة بالصادرات تضم آلاف الشركات الصينية الأخرى، إلى تعطيل هدنة تجارية هشة.
نتائج “شبه مكتملة” قبل قمة ترمب وشي
وقبل وصول ترمب إلى كولالمبور، شهدت العاصمة الماليزية اجتماعات بين مسؤولين صينيين وأميركيين، السبت والأحد، ضمن جولة جديدة من المحادثات التجارية التي تهدف إلى نزع فتيل التوتر القائم بين أكبر اقتصادين في العالم.
وقال متحدث باسم وزارة الخزانة الأميركية، الأحد، في كوالالمبور، إن المحادثات التي استمرت يومين بين كبار المسؤولين التجاريين “اختُتمت”، دون تقديم مزيد من التفاصيل.
وفي وقت سابق، الأحد، قال الممثل التجاري الأميركي، جيميسون جرير، إن المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين “تتجه نحو نقطة تمكن الرئيسين ترمب وشي من عقد اجتماع مثمر”، وفق ما أوردت “رويترز”. واعتبرت وزارة الخزانة الأميركية أن الاجتماعات في يومها الأول كانت “بناءة للغاية”.
وشارك وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، ونائب رئيس الوزراء الصيني، هي لي فنج، في اجتماعات الأحد.
وذكرت “بلومبرغ”، أن المسؤولين الأميركيين والصينيين ركزوا على “وضع اللمسات الأخيرة على مقترح يمكن رفعه إلى مستوى القادة”، وذلك “بعدما تمكّنا على الأرجح من حل أو على الأقل تضييق الخلافات بينهما، بشأن القضايا الرئيسية”.
ويسعى الطرفان إلى تثبيت إطار يمنع التصعيد، مع ترك المجال مفتوحاً لمواصلة التفاوض بشأن النقاط الخلافية الأكثر حساسية.
وأضاف جرير للصحافيين، أن يومين من المحادثات بين الولايات المتحدة والصين أفضيا إلى “نتائج شبه مكتملة تقريباً، وجاهزة لعرضها على قادة البلدين”. وتابع: “سنتحدث عن الكثير من الأمور، أعتقد أن لدينا فرصة حقيقية للتوصل إلى اتفاق شامل للغاية”.
الصين والنفط الروسي
وقال ترمب في تصريحات للصحافيين قبل وصوله إلى كوالالمبور، إنه قد يناقش مع نظيره الصيني “مسألة تراجع مشتريات الصين من النفط الروسي”، وذلك في أعقاب العقوبات الأميركية المفروضة على شركتين نفطيتين كبيرتين في روسيا، حسبما أوردت “بلومبرغ”.
وأضاف ترمب أن الصين “قلّصت مشترياتها من النفط الروسي”، مشيراً إلى أن شركات صينية مملوكة للدولة، من بينها “سينوبك”، ألغت بعض مشترياتها من النفط الخام الروسي المنقول بحراً بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركتي “روسنفت” و”لوك أويل” الروسيتين.
وأعرب ترمب عن تفاؤله حيال محادثاته المرتقبة مع شي، قائلاً إنهما سيتطرقان إلى القطاع الزراعي، وإلى قيام الصين بتصدير مكونات مادة الفنتانيل (المخدر الصناعي شديد الخطورة).
وسيكون هذا اللقاء الأول وجهاً لوجه بين زعيمي أكبر اقتصادين في العالم، منذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض في يناير الماضي.
وتحدث ترمب وشي ثلاث مرات على الأقل هذا العام، وقال ترمب إن الاتصالات المباشرة هي “أفضل وسيلة لحل القضايا الخلافية”، بما في ذلك الرسوم الجمركية، والقيود على الصادرات، وشراء المنتجات الزراعية، والاتجار بالفنتانيل، إضافة إلى الملفات الجيوسياسية مثل تايوان والحرب في أوكرانيا.
وأضاف ترمب: “سنتحدث عن الكثير من الأمور، أعتقد أن لدينا فرصة حقيقية للتوصل إلى اتفاق شامل للغاية”.
ووصفت شارلين بارشيفسكي، الممثلة التجارية الأميركية السابقة، الاتفاق التجاري المحتمل بين الولايات المتحدة والصين بأنه “قد يخفف مؤقتاً من حدة التوترات الثنائية”، لكنه لن يغيّر المسار العام لانقسام العالم إلى تكتلات اقتصادية وجيوسياسية متنافسة.
هدنة تجارية تقترب من نهايتها
ومن المقرر أن تنتهي الهدنة التجارية بين البلدين في 10 نوفمبر المقبل، ما لم يتم تمديدها، وذلك بعد أشهر من الاستقرار المبدئي في العلاقات الأميركية- الصينية.
واشتعلت التوترات في الأسابيع الأخيرة، بعد أن وسعت واشنطن بعض القيود التكنولوجية، واقترحت فرض رسوم على السفن الصينية التي تدخل الموانئ الأميركية.
واستعملت الصين فول الصويا كورقة رئيسية للضغط على واشنطن، إذ توقفت عن شراء المحصول تماماً، بعد أن كانت أحد أكبر المشترين لفول الصويا الأميركي، إذا اشترت العام الماضي، ما قيمته حوالي 12.6 مليار دولار من البذور الزيتية، وبدلاً من ذلك، تحولت الصين إلى عمليات الشراء من أميركا الجنوبية، ما أضر بالمزارعين الأميركيين.
وتتزايد الإحباطات بين المزارعين الأميركيين، الذين يمثلون أساس قاعدة دعم الرئيس دونالد ترمب، ويواجهون ضغوطاً من انخفاض الأسعار، وهم ينتظرون بفارغ الصبر المساعدة من واشنطن، والتي توقفت بسبب إغلاق الحكومة.
وفي أغسطس الماضي، حث ترمب الصين على مضاعفة مشترياتها من فول الصويا من الولايات المتحدة أربع مرات. في تأكيدٍ لإحباطه من عدم حدوث ذلك.
وهدد ترمب في المقابل، بوقف واردات زيت الطهي من الصين، التي اتهمها بتعمد “التسبب في صعوبات لمزارعي فول الصويا لدينا”.
تعهدت الصين بتعزيز الاكتفاء الذاتي في مجال التكنولوجيا وتنمية السوق المحلية خلال السنوات الخمس المقبلة، في إطار مساعيها لحماية اقتصادها من “الضغوط الخارجية”، وذلك، قبيل اللقاء المرتقب بين شي وترمب، ووسط تصاعد قيود واشنطن على صادرات التكنولوجيا إلى بكين.
وقال بيان للجنة المركزية للحزب الشيوعي، الجمعة، بعد اجتماعات استمرت 4 أيام، إن البلاد ستسعى البلاد إلى “زيادة كبيرة”، في قدراتها على الاكتفاء الذاتي في العلوم والتكنولوجيا، كما ستعمل على الحفاظ على حصة الصناعة التحويلية في الاقتصاد عند مستوى “معقول”، في إطار الجهود لبناء نظام صناعي حديث، وفق ما نقلت “بلومبرغ”.
وجاءت الخطوط العريضة الأولية للخطة الخمسية الجديدة عشية جولة جديدة من المحادثات التجارية مع الولايات المتحدة، التي تتهم بكين باستخدام ممارسات “غير عادلة” للهيمنة على قطاعات التصنيع المتقدمة مثل السيارات الكهربائية، وتصدير الفائض الإنتاجي.
