نجل حفتر في تركيا وسط استقبال رسمي عسكري.. ومصدر يكشف عن دور جديد لأنقرة في ليبيا

شهدت العاصمة التركية أنقرة زيارة رفيعة المستوى لرئيس أركان القوات البرية الليبية، صدام حفتر، نجل قائد الجيش الليبي خليفة حفتر، حيث التقى برئيس أركان القوات البرية التركية، سلجوق بيراكتار أوغلو، في زيارة رسمية تكتسب أهمية خاصة في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة.
زيارة نجل حفتر لتركيا
وذكرت وسائل إعلام ليبية أنه جرت مراسم الاستقبال في مقر رئاسة القوات البرية التركية، حيث استعرض الجانبان حرس الشرف، وعُزف النشيدان الوطنيان للبلدين، قبل أن يعقدا اجتماعًا مغلقًا تناول عدة ملفات ذات اهتمام مشترك، وعلى رأسها التعاون العسكري بين ليبيا وتركيا.
وخلال الاجتماع، أكد بيراكتار أوغلو على أهمية تعزيز العلاقات العسكرية بين البلدين، مشيدًا بالدور الذي تلعبه القوات البرية الليبية في حفظ الأمن والاستقرار في ليبيا. من جانبه، أعرب حفتر عن تقديره للتعاون العسكري المشترك، مؤكدًا على حرص بلاده على تطويره في مختلف المجالات.
وتناولت المباحثات أيضًا التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، حيث اتفق الجانبان على ضرورة تضافر الجهود لمواجهة هذه التحديات. كما تم بحث سبل تعزيز التعاون في مجال التدريب والتأهيل العسكري، وتبادل الخبرات بين القوات البرية في البلدين.
دور تركي جديد في ليبيا
وفي حديث لوكالة ستيب الإخبارية، قال الدكتور مهند أوغلو، الباحث في العلاقات الدولية والمختص بالشأن التركي: إن زيارة حفتر هي بداية لمرحلة جديدة بين تركيا وليبيا، وستكون هناك زيارات مستمرة ومتبادلة لأنه بعد أن وصلت تركيا بقناعتها بأن طرابلس أصبحت في أمان من أي هجوم من قبل حفتر وعدم العودة للمربع الأول من الخلافات، كان لابد أن تنفتح أنقرة على الشرق وهذا ما فعلته”.
ويضيف: “هذه الزيارات لتنظيم العلاقات ما بين أنقره وبن غازي وبالتالي انعكاس مباشر إيجاباً ما بين طرابلس وبنغازي”، وأكد أن المعطيات في ليبيا تغيرت لأن حفتر فتح الباب للتفاوض بعد وقف القتال والاتجاه للحلول السياسية.
وبالتزامن مع التفاهمات المنتظرة بين تركيا والجيش الليبي، كان هناك لاعباً آخر يدخل في الملف الليبي، حيث ظهرت روسيا بقوة، بعد الحديث عن تعزيز قواتها وتواجدها العسكري خصوصاً شرق ليبيا.
وحول ذلك يقول أوغلو: “روسيا تطمع أن يكون لها نفوذ أوسع في ليبيا بعد أن خسرت نفوذها الكبير في سوريا، وبالتالي تراجعت خطوتين في سوريا لتتقدم ثلاث خطوات في ليبيا، وهذا شجع أنقرة إعادة قراءة الموقف في الملف الليبي وترتيب الأولويات في الملف السوري لأنه بالنسبة لتركيا ملف وجودي ومصيري، في حين أن الملف الليبي رغم أنها لن تتركه ولكنها تسعى لتفاهمات فيه، وحاجة روسيا إلى تركيا في ملفات أخرى يجعل من تركيا مطمئنة للتحرك الروسي على الأقل في المستوى المنظور”.
وفي الوقت نفسه يؤكد الخبير السياسي أن الوصول إلى تفاهمات ما بين الشرق والغرب الليبي ليس بالأمر السهل بسبب تعقيدات داخلية كثيرة ووجود أدوار من فاعلين كثر، ويوضح أنه سوف تبقى الأمور لفترة ليست بالقصيرة على ما هي عليه إلى أن تتبلور الصورة في البيت الداخلي الليبي بنفسه.
أهداف تركية في ليبيا
منذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011، أصبحت ليبيا ساحة للصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية. وبرزت تركيا كأحد اللاعبين الرئيسيين في المشهد الليبي، حيث تدخلت عسكريًا وسياسيًا لدعم حكومة الوفاق الوطني، ويستند التدخل التركي في ليبيا إلى مجموعة من الدوافع الاقتصادية، السياسية، والعسكرية، وقد أدى إلى تداعيات إقليمية ودولية مهمة.
مصالح اقتصادية: تسعى تركيا إلى تأمين مصالحها الاقتصادية في ليبيا، خاصة في قطاعي البناء وإعادة الإعمار، حيث حصلت الشركات التركية على عقود مهمة خلال فترة حكم القذافي. بالإضافة إلى ذلك، تمتلك ليبيا احتياطيات كبيرة من النفط والغاز، مما يجعلها هدفًا استراتيجيًا لتركيا في سعيها لتأمين احتياجاتها من الطاقة وتعزيز نفوذها في منطقة شرق المتوسط.
دوافع عسكرية وسياسية: تطمح تركيا إلى توسيع نفوذها في شمال إفريقيا وشرق المتوسط، وتعتبر ليبيا بوابة لتحقيق هذا الهدف. ومن خلال دعمها حكومة الوفاق الوطني، سعت أنقرة إلى تعزيز حضورها السياسي والعسكري في المنطقة، ووقعت اتفاقية عسكرية حينها أثارت الجدل.
وكانت دول عربية أبدت مخاوفها من الدور التركي في ليبيا، حيث كانت مساندتها لحساب أطراف قد قلبت الموازين على الأرض وغيرت المشهد العسكري والسياسي، إلا أن أنقرة عادت مؤخراً لتغيير العديد من المواقف على صعيد السياسة الخارجية، ويبدو أن الملف الليبي سيشهد تحركات جديدة بعد فترة من الجمود.

المصدر: وكالة ستيب الاخبارية