حذّرت هيذر نويرت، المتحدثة السابقة باسم الخارجية الأمريكية، من أنّ الأزمة الإنسانية في السودان بلغت مستوى يهدد الأمن الإقليمي والمصالح الاستراتيجية لواشنطن، داعية الإدارة الأميركية إلى تحرك عاجل يضمن تدخلًا أميركيًا فاعلًا لاحتواء الوضع.
وقالت نويرت، في مقال نشرته صحيفة “واشنطن إكزامينر”، إن المساعدات الإنسانية في السودان لم تعد مجرد عمل خيري بل أداة لحماية الأمن القومي، مؤكدة أن واشنطن مطالبة بتعزيز قيادتها الدولية وتنسيق جهودها مع الحلفاء.
أرقام صادمة ومعاناة غير مسبوقة
استعرضت نويرت حجم الكارثة التي يعيشها السودان، حيث تجاوز عدد القتلى 150 ألفًا خلال عامين من الحرب، فيما نزح نحو 12 مليون شخص داخليًا وخارجيًا، وهو أكبر عدد نازحين في العالم.
وأوضحت أن 25 مليون سوداني يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي، مع وجود عشر مناطق على حافة المجاعة، حيث يضطر الأطفال لتناول التبن للبقاء أحياء. واعتبرت أن هذا الوضع يهدد بانهيار إنساني شامل ما لم تتحرك واشنطن بصورة عاجلة.
خطر دارفور يتصاعد
لفتت نويرت إلى أن مدينة الفاشر في إقليم دارفور تحولت إلى جبهة الحرب الأكثر اشتعالًا، حيث تعاني من حصار غذائي وقصف متواصل.
وحذّرت من أن استمرار هذا الوضع سيفتح الباب أمام موجات نزوح جديدة، وانتعاش للجماعات المتطرفة، بما يمثل تهديدًا مباشرًا لحلفاء واشنطن في المنطقة.
دعوة لتدخل أمريكي فاعل
أشارت نويرت إلى تجربتها السابقة في تغطية جرائم الجنجويد في دارفور كمراسلة إعلامية، مؤكدة أن الدور القيادي الأمريكي آنذاك ساهم في احتواء الفوضى.
وأكدت أن الولايات المتحدة اليوم قادرة على تكرار ذلك عبر الضغط السياسي والدبلوماسي، وتفعيل دور المساعدات الأمريكية ضمن جهود الرباعية الإقليمية (مصر، السعودية، الإمارات).
الاستثمار في الاستقرار الإقليمي
شددت نويرت على أن تمويل برامج الأمم المتحدة مثل مفوضية اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي ليس مجرد عمل إنساني، بل استثمار في استقرار البحر الأحمر والقرن الأفريقي، وحماية مصالح واشنطن.
وأضافت أن سياسة “أمريكا أولًا” لا تعني الانعزال، بل الاستثمار الذكي في مناطق الأزمات، خاصة مع استمرار الوجود العسكري الأمريكي في قاعدة ليمونييه بجيبوتي ودوره في حماية الممرات البحرية ومكافحة الإرهاب.
منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، يعيش السودان واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم.
ورغم المناشدات المتكررة، ما تزال استجابة المجتمع الدولي محدودة، في حين تركز واشنطن جهودها على الوساطة الدبلوماسية وتقديم بعض المساعدات الأمريكية، إلا أن اتساع نطاق الأزمة جعل أصوات داخل الولايات المتحدة، مثل نويرت، تطالب بتحرك أكثر قوة لحماية الأمن القومي الأمريكي، ومنع تمدد الفوضى إلى منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر.