اخر الاخبار

“نسوا تاريخهم الحديث”.. لماذا لن تتحرك إسرائيل نحو السلام؟

اعتبر السفير الأميركي السابق لدى أفغانستان راين كروكر أن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” يحيى السنوار، هذا الأسبوع، ربما يُشكل فرصة تقود إلى تحرير الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة ووقف إطلاق النار، لكنه مع ذلك توقع أن إسرائيل وخصومها “لن يغتنموها”. 

وقال كروكر، الذي عمل سفيراً لواشنطن في لبنان وسوريا والعراق والكويت وباكستان، في مقابلة مع مجلة “بوليتيكو” الأميركية، إنه يعتقد أن التصعيد الإسرائيلي ضد حركة “حماس” في قطاع غزة، وجماعة “حزب الله” في لبنان، وكذلك إيران، لم يقترب من نهايته.




وحذّر كروكر من أن اغتيال السنوار، الذي جاء في أعقاب اغتيال الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله، الشهر الماضي، وغيره من كبار القادة، سيؤدي بشكل أساسي إلى استمرار ما وصفه بـ”حرب العصابات”، ما لم تعمل الولايات المتحدة وإسرائيل بشكل جاد لتحقيق وقف إطلاق النار، لافتاً إلى أنه يزيد من احتمالية تكثيف إيران برنامجها للأسلحة النووية.

وأضاف: “أتصور أن السبب وراء بقاء السنوار لفترة طويلة يشبه إلى حد كبير السبب وراء بقاء (زعيم تنظيم القاعدة الراحل) أسامة بن لادن لفترة طويلة.. بعبارة أخرى، لأن هذه التنظيمات كانت تعمل بدون توجيه من الزعيم، لا أتوقع الكثير من التغيير في ساحة المعركة نفسها.. ومع ذلك، نعلم أن حماس فقدت قدرتها التنظيمية إلى حد كبير، ولكن هذا سيكون الحال مع أو من دون السنوار”.

“ثقة مفرطة” في إسرائيل

ورأى أن تقييم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن “ميزان القوى” في المنطقة تغيّر لصالح إسرائيل، أمر “سابق لأوانه”، مضيفاً: “من الواضح أن حزب الله يواصل القتال.. لا تزال القذائف تحلق عبر الحدود، وكذلك الطائرات المسيرة.. إنهم يتبعون نهجا لامركزياً، ومن الواضح أن حماس وكذلك حزب الله يتبعان نهجاً لامركزياً.. لقد تراجعت قوتهما بالتأكيد فيما يتعلق بالقدرة على تحقيق أي شيء مثل رد قوي، لكنني أتوقع تمرداً لفترة طويلة من قبل حماس”.

وأكد السفير الأميركي السابق أن أكثر ما يخشاه هو “الثقة المفرطة” في إسرائيل بعد اغتيال قائد “حماس”.

وفيما يتعلق بالأوضاع في لبنان، قال كروكر إن “التحركات مختلفة تماماً في الشمال. نتنياهو رفع إلى حد ما، سقف التوقعات عالياً للغاية، إذ يحاول وقف إطلاق الصواريخ بطريقة نهائية، حتى يتمكن 60 ألف إسرائيلي من العودة إلى ديارهم، على الرغم من أن كل ما يتعين على حزب الله فعله هو المحافظة على استمرار عبور عدد كافٍ من الصواريخ الحدود لجعل ذلك صعباً”.

وأوضح كروكر أن الوضع الراهن يشبه إلى حد كبير ما حدث قبل 4 عقود عندما غزا الإسرائيليون لبنان، قائلاً: “هذا الغزو والاحتلال الإسرائيلي الذي أعقبه خلق حزب الله.. وهذا الغزو لن يقضي عليه”.

ومضى قائلاً: “أخشى أنهم (الإسرائيليون) نسوا تاريخهم الحديث.. لقد أشادوا بعملية (سلامة الجليل في لبنان في يونيو 1982) باعتبارها انتصاراً عظيماً بعد انسحاب منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت، وبالطبع ما حصلوا عليه كان حزب الله، وهو عدو أشد فتكاً مما حلمت منظمة التحرير الفلسطينية بأن تصبح عليه.. لذا فإن فكرة اجتياح بري، واحتلال في مرحلة لاحقة، سيجعل الجليل بشكل ما أكثر أمناً، مجرد وهم”.

وأردف: “شيء واحد تعلمته على مر السنين، خاصة في العراق وأفغانستان، هو أن مفهوم هزيمة أحد الخصوم له مغزى فقط في ذهن هذا الخصم.. إذا شعر الخصم بالهزيمة، فهو مهزوم، وإذا لم يشعر، فهو لم يهزم”.

رد إسرائيل على إيران

وفي إجابته على سؤال بشأن رد إسرائيل المرتقب على الهجوم إيران الصاروخي، قال كروكر: “بافتراض أن التحليلات صحيحة، وأنهم (الإسرائيليون) لن يضربوا منشآت نفطية أو نووية إيرانية، فإن هذا يعطيهم الكثير من الحرية لما سيضربونه، لكن أينما ضربوا، فإن ذلك لن يغير بشكل ملموس أي معادلة قوة.. أعتقد أن هذا من شأنه أن يدفع النقاش داخل إيران نحو التسلح النووي في أقرب وقت”.

وأضاف: “يتوجب عليهم (الإيرانيون) فقط النظر على الساحة العالمية.. هناك المثال الليبي لما يمكن أن يحدث إذا تخليت عن القدرة النووية، ومثال كوريا الشمالية لما يمكن أن يحدث إذا حافظت عليها.

وأردف: “كلما نظر الإيرانيون إلى الخيارات غير النووية، سواء كان الوكلاء مثل حماس أو حزب الله، أو القدرة الصاروخية التقليدية، كلما زاد الدافع في طهران لاختيار تلك القدرة النووية”.

جهود دبلوماسية

وأكد الدبلوماسي الأميركي أنه ينبغي على إسرائيل “اغتنام الفرصة وإعلان النصر، والعمل على وقف الأعمال العدائية”، مشيراً إلى أنه في الشمال (شمال إسرائيل)، لدينا قرار الأمم المتحدة رقم 1701 على الطاولة، كما كان الحال منذ عام 2006 (الذي يدعو إلى انسحاب حزب الله من جنوب نهر الليطاني في لبنان، ونزع السلاح وانسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان)، وهناك قرار آخر للأمم المتحدة صدر في عام 2004 بصيغة مماثلة”. 

وتابع: “هذه هي النقاط المرجعية، والنصوص التي يجب أن تلتزم بها كل الأطراف المعنية.. ربما تكون هناك حاجة إلى بعض الجهود الدبلوماسية الأميركية الشاقة من أجل التوسط في وقف إطلاق النار على الأقل في الشمال.. وفي غزة أعتقد أن من الضروري توجيه الأمور نحو استعادة المحتجزين (الإسرائيليين)”.

وأردف: “هذا أمر ينبغي العمل من أجل تحقيقه. ربما تكون هذه فترة يرغب خلالها حزب الله وإيران، لأسباب خاصة بهما، في وقف إطلاق النار، لذا إذا تمكنت من تحقيق ذلك، وقف الأعمال العدائية بما يكفي للسماح للإسرائيليين بالعودة إلى ديارهم، ربما يمكن تحقيق نوع من تنفيذ القرار 1701.. وهذه ستكون أيضا أفضل طريقة للتعامل مع إيران”.

وبشأن توقعاته لما ستفعله إسرائيل في ظل الحكومة المتشددة الحالية، قال إنه يشك كثيراً في إمكانية خروج أي شيء مفيد من المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، محذراً من أن الإجراءات الإسرائيلية في الضفة الغربية “(لمحاولة تهجير السكان الفلسطينيين بالقوة)، سواء من جانب المستوطنين أو من جانب قوات الدفاع الإسرائيلية، لا تبشر بخير فيما يتصل بأي مفاوضات ذات مغزى مع الفلسطينيين”.

وأعرب عن اعتقاده بأن الإسرائيليين يفكرون من “منظور احتلال عسكري طويل لغزة، وهذا من شأنه ببساطة أن يؤدي إلى تمرد لفترة طويلة. هناك شيء واحد تغير بشكل أساسي منذ السابع من أكتوبر وهو استعداد إسرائيل لتقبل عدد محدد من الضحايا في الجيش الإسرائيلي على المدى الطويل، وهو عدد أكبر مما كانوا ليحلموا به على الإطلاق قبل السابع من أكتوبر. 

وذكر أنه “خلال الأعوام الثمانية عشر التي قضوها في لبنان، من عام 1982 إلى عام 2000، خسروا نحو 1100 جندي. وحتى السادس من أكتوبر 2023، كان هذا عدداً ضخماً لن تتخيل أي حكومة إسرائيلية خسارته مجدداً، لكن خسارة 1200 آخرين في يوم واحد غيرت هذه الحسابات. لذا، فإن استعداد إسرائيل لقبول تمرد طويل الأمد في غزة، واحتلال غير محدد الأجل أعلى بكثير مما كان عليه قبل السابع من أكتوبر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *