حلب – محمد ديب بظت

في قلب حي الميدان بحلب، حيث يتردد المواطنون يوميًا لشراء الخبز من فرن “الذرّة”، تقبع خلف الأبواب ساحة داخلية تحولت من مرفق خدمي إلى مصدر تهديد بيئي وصحي.

الصور ومقاطع الفيديو التي حصلت عليها توثق تراكمًا للنفايات الغذائية وعبوات تالفة مرمية بإهمال، في مشهد أقرب لمكب نفايات مكشوف.

مراسل في حلب تحقق ميدانيًا من الشكاوى، ووثق وجود كميات من المخلفات الغذائية وأكياس الطحين الفارغة، إلى جانب روائح كريهة تنبعث من المكان، فضلًا عن آثار واضحة لانتشار القوارض والحشرات، ما يهدد السلامة العامة للسكان القاطنين في الأبنية المجاورة.

ورغم أهمية الموقع كمصدر رئيس للخبز في الحي، فإن الإهمال الظاهر في محيطه الداخلي دفع السكان إلى إطلاق شكاوى، محذرين من تحول المكان إلى “مرتع للقوارض والحشرات”، على حد وصف أحد المتضررين.

مكب نفايات

قال أحد سكان البناء المجاور، فضل عدم ذكر اسمه، إن الصور المتداولة تعود للساحة الداخلية لفرن “الذرّة” القريبة من مكان تخزين مادة الطحين والمازوت، وفي الوقت نفسه تتكدس داخله النفايات.

وأوضح أن الطحين ومخلفاته، إلى جانب بقايا المواد الغذائية، هي ما يجذب الحشرات والقوارض التي باتت تصل إلى منازل الجيران المحاذية.

واشتكى من تسلل القوارض إلى منزله أكثر من مرة جراء تراكم القمامة، قائلًا، “كل يوم نشم رائحة كريهة تنبعث من الساحة، وبدأت الجرذان تدخل إلى المنزل، لم يعد المكان يبدو كفرن، بل تحوّل فعليًا إلى مكب للنفايات”.

وتابع أن القائمين على الفرن يلقون أكياس الطحين والخميرة الفارغة، إلى جانب الخبز البائت داخل الساحة، وهو ما يشكل مصدر جذب للقوارض التي تجد في هذه المواد غذاء مناسبًا.

وتساءل صاحب الشكوى عن السبب وراء غياب أي آلية دائمة لترحيل النفايات أو تنظيف الساحة بشكل دوري، رغم أن الفرن يعد من المنشآت الإنتاجية الكبيرة في الحي، ويتمتع بطاقم تشغيلي وآليات يومية مخصصة للعمل، ويوزع الخبز يوميًا على آلاف المواطنين، “فهل يعقل ألا توجد خطة بسيطة أو مسؤول واضح يتابع النظافة”.

نفايات متراكمة في ساحة فرن “الذرة” بحس الميدان بحلب – أيار 2025 ()

“ضبط إنذار”.. المشكلة مستمرة

رئيس شعبة النظافة في مديرية خدمات السليمانية، موفق الأخرس، ذكر في تصريح ل، أن مسؤولية النظافة داخل الساحة تعود لإدارة الفرن نفسه، باعتباره تابعًا لمديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك.

وقال، “نحن فقط يستعان بنا أحيانًا لترحيل النفايات، لكن الترحيل المفترض يقع على عاتقهم بالكامل، وليس ضمن مهامنا الأساسية”.

عرضت الموضوع على مديرية التجارة الداخلية، إذ أكد المكتب الإعلامي في المديرية أنه جرى تحويل الشكوى مباشرة إلى مسؤول الشكاوى بمديرية التموين، وتنظيم ضبط بحق إدارة الفرن، نظرًا لما تم توثيقه من مخالفات.

وأوضح المكتب الإعلامي أن الضبط الذي جرى تنظيمه بحق إدارة الفرن هو “ضبط إنذار”، وليس مخالفة مباشرة، وذلك لأن الساحة التي وثقت فيها المخالفات تقع خارج بناء الفرن وليس داخله.

وأشار إلى أن مسألة النظافة تخضع لأنظمة محددة تفرق بين ما هو داخل المنشأة وما هو خارجها، مضيفًا أن هذا النوع من الإهمال، حين يقع خارج المنشأة، يقابل عادة بالتنبيه في المرة الأولى، مع إمكانية تنظيم مخالفة تموينية في حال تكرار المخالفة أو الامتناع عن تنفيذ إجراءات الرش والتنظيف.

وبحسب الإفادة، نظفت إدارة الفرن في وقت لاحق الحاوية الرئيسة للنفايات داخل الساحة، كما تم رش مبيد حشري في المكان، في محاولة لتحسين الوضع الصحي.

ومع ذلك، ووفق ما أفاد به السكان مجددًا، فإن الوضع عاد إلى سابق عهده بعد أيام قليلة، إذ عادت النفايات للتراكم من جديد، دون وجود خطة متابعة حقيقية.

ومع استكمال الجهات المعنية إجراءاتها بناء على الشكوى المقدمة، يبقى واقع النظافة في محيط المنشآت الإنتاجية مرتبطًا بآليات المتابعة والتنسيق بين الإدارات المختلفة، دون أن تتضح حتى الآن ملامح أي تغيير فعلي مستدام.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.