وصل وزير الخارجية التركي هاكان فيدان العاصمة المصرية القاهرة في زيارة رسمية، تأتي في إطار مساعي تعزيز العلاقات الثنائية بين أنقرة والقاهرة، وفتح آفاق جديدة للتعاون الإقليمي في ظل ملفات شائكة وحساسة على الساحة الشرق أوسطية.
وتناولت المحادثات التي أجراها فيدان مع المسؤولين المصريين مجموعة من القضايا ذات الأولوية، والتي تشكل محور التعاون والتفاهم بين البلدين، فهل بدأت مصر وتركيا التفاهم بعد سنوات من العداء؟!
أربع ملفات أساسية
في هذا السياق، أكد الدكتور مهند حافظ أوغلو، الباحث في العلاقات الدولية المختص بالشأن التركي، خلال حديث لوكالة ستيب نيوز أن “هناك أربع ملفات أساسية في الزيارات المتبادلة بين أنقرة والقاهرة، يأتي في صدارتها ملف غزة، يليه الملف الليبي، ثم ملف سد النهضة، وأخيرًا ملف السودان”.
وأوضح أوغلو أن “العلاقة بين أنقرة والقاهرة تمر بثبات وهدوء، لكن بسبب انشغال مصر بملف غزة بشكل شبه كامل، قد لا يبدو في الإعلام أن هناك تحسنًا في العلاقات، بينما الحقيقة على العكس تمامًا”.
وأضاف: “هناك تقارب كبير في وجهات النظر بين الدولتين، والقضايا الخلافية باتت محدودة ومحجمة، ولا يمكن أن تكون سببًا لتفجير خلافات بين الطرفين”.
وكان السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية، أشار إلى أن الاجتماع بين فيدان والسيسي تناول أيضًا مستجدات عدد من الملفات الإقليمية، وفي مقدمتها: تطورات الأوضاع في قطاع غزة، حيث تم التأكيد على رفض إعادة الاحتلال العسكري للقطاع، وضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية، والإفراج عن الرهائن والأسرى، مع التشديد على رفض تهجير الفلسطينيين.
وأوضح السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي أن اللقاء شهد تأكيدًا متبادلًا على ضرورة تعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر وتركيا، والسعي للوصول إلى حجم تبادل تجاري يبلغ 15 مليار دولار، وفقًا لما تم الاتفاق عليه خلال زيارة الرئيس السيسي إلى أنقرة في سبتمبر 2024، كما تم التأكيد على أهمية توسيع مشاركة الشركات التركية في المشروعات الاستثمارية داخل مصر.
ملف جماعة الإخوان المسلمين
وأشار أوغلو إلى أن “ملف جماعة الإخوان المسلمين في تركيا أصبح شبه مغلق، وأن الإعلام المصري المعارض الموجود في تركيا لم يعد له ذلك الثقل أو التأثير على القاهرة، التي أدركت أن أنقرة جادة في التعامل معها، وأنه لا يمكن الإبقاء على علاقات مع حركة أو جماعة تعمل ضد دولة”.
وبناء على ذلك، لم يعد ملف الإخوان المسلمين في الداخل التركي مصدر إشكال في العلاقات بين البلدين، لاسيما أن أنقرة اتجهت لسياسة التضييق على جماعة الإخوان التي يقيم العديد من قادتها في الأراضي التركية، ويواصلون العمل ضد مصر.
الملف الليبي
وفيما يخص الملف الليبي، قال أوغلو إن “الملف مهم وحيوي، ولا يمكن لأي تحرك في ملف ليبيا ما بين مصر وتركيا إلا بتفاهمات تشمل طرابلس وبنغازي معًا”. وأضاف: “أي حل في ليبيا لن يكون إلا عبر التفاهم التركيالمصري، خاصة في ضوء قبول وموافقة مصر المبدئية على ترسيم الحدود البحرية مع تركيا، وهو ما قد ينعكس إيجابًا على القاهرة”.
وأوضح أوغلو أن هذا الاتفاق قد يستدعي إعادة النظر في الاتفاقية الموقعة مع اليونان، مما يدفع تركيا لطرح مبادرة لدول شرق المتوسط للتوصل إلى قانون لترسيم الحدود البحرية بعيدًا عن “قانون أعالي البحار” الذي تعتبره أنقرة مجحفًا بحقها.
ملف السودان وسد النهضة
وفي ملف السودان وسد النهضة، أكد أوغلو أن “التفاهمات بين القاهرة وأنقرة تتزايد وتتصاعد، وأن مصر تدرك جيدًا حاجة تركيا للدبلوماسية من جهة، ولقدراتها العسكرية لا سيما الطيران المسيّر من جهة أخرى، وهو ما يفتح المجال لمزيد من التنسيق بينهما”.
تطور العلاقات التركيةالمصرية
واختتم أوغلو بالقول: “العلاقات التركيةالمصرية تزداد قوة ومتانة شيئًا فشيئًا، لكن بسبب تصدر ملفات غزة، والحرب بين إسرائيل وإيران، وتشابك الملف السوري، لا تحظى هذه العلاقات بزخم إعلامي كافٍ. إلا أن من يتابع عن قرب يلحظ أن العلاقات بين أنقرة والقاهرة في تقدم وازدهار واضح”.

المصدر: وكالة ستيب الاخبارية