اخر الاخبار

هدنة غزة.. لا اختراق في مفاوضات الدوحة وجهود الوسطاء متواصلة

لم تحقق أحدث جولات المفاوضات التي أجراها الوسطاء مع إسرائيل وحركة “حماس” في العاصمة القطرية الدوحة أي تقدم أو اختراق بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، رغم زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المنطقة، والتي كان من المأمول أن تدفع على الأقل باتجاه هدنة أو إدخال مساعدات إلى القطاع الفلسطيني، الذي يواجه سكانه تفشياً للمجاعة.

واحتضنت الدوحة نهاية الأسبوع عدة لقاءات ومباحثات منفصلة مع الوفد الإسرائيلي المفاوض، المكلف من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بصلاحيات محدودة، وشارك في المباحثات المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، ومسؤولون مصريون.

وقال مصدر مطلع على مسار التفاوض لـ”الشرق”، إن “مساعي قطرية وتركية لم تنجح في عقد لقاء مباشر بين وفد حماس المفاوض برئاسة خليل الحية، وويتكوف، أو أي مسؤول أميركي آخر خلال الزيارة التي استمرت يومي الأربعاء والخميس”.

وبرّر المصدر عدم حصول اللقاء بأن الجانب الأميركي “كان ينتظر حصول اختراق حقيقي ليتسنى إعلان اتفاق الهدنة”.  

وتركزت المباحثات التي وصفت بـ”الصعبة والمعقدة” على إمكانية تحقيق تقارب بين وجهتي النظر المتباعدتين للوصول إلى اتفاق، إذ تريد إسرائيل اتفاقاً “جزئياً مؤقتًا” يستند به إلى رؤية ويتكوف.

وتشتمل رؤية ويتكوف على إطلاق سراح نصف المحتجزين الإسرائيليين الأحياء، مقابل عدد من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وهدنة تمتد من 45 إلى 70 يوماً، وانسحاب الجيش الإسرائيلي تدريجياً وإدخال المساعدات، لكن من دون إعلان صريح لوقف دائم للحرب.

بينما تريد “حماس” اتفاقاً شاملاً بـ”رزمة واحدة” يستند إلى رؤية ويتكوف من وجهة نظر الحركة، بما يحقق وقفاً دائماً وشاملاً لإطلاق النار وانسحاباً كلياً من القطاع، وتمكين لجنة مكونة من شخصيات تكنوقراط مستقلين لإدارة قطاع غزة تمهيداً لإعادة الإعمار.

“إسرائيل رفضت كل المقترحات”

وقال المستشار الإعلامي لرئيس “حماس” طاهر النونو لـ”الشرق”، إن جولة المفاوضات الحالية “لم تؤدي حتى الآن إلى أي اختراق حقيقي أو تقدم جدي”، لكن مساعي الجانب الأميركي والوسطاء تتواصل لـ”إنهاء الحرب وإدخال المساعدات، رغم رفض وتعنت الاحتلال”.

وكشف النونو أن “إسرائيل رفضت كل المقترحات التي قدمها الوسطاء”، كما أن “إسرائيل لم تقدم أي مقترح جديد جاد خلال مباحثات الدوحة”.

وأصرّ الوفد الإسرائيلي على “الإفراج عن عشرة محتجزين فقط”، بحسب النونو، الذي اتهم نتنياهو بـ”عدم الاكتراث لأسراه”، لا سيما أن “حماس” أبدت استعدادها لإطلاق سراح كل المحتجزين الأحياء والأموات دفعة واحدة.

ووفقاً لتقارير إسرائيلية، تحتجز “حماس” وفصائل فلسطينية أخرى نحو 59 إسرائيلياً، من بينهم نحو 21 لا يزالون أحياء، لكن “حماس” لم تكشف حتى اليوم عن عدد المحتجزين أو عدد الأحياء منهم.

وأشار النونو إلى أن إسرائيل “ترفض أي مقترح جديد، وما زالت تعطل أي اتفاق، وتصر على مواصلة الحرب”.

وتشير مصادر إسرائيلية، إلى تهديدات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بالانسحاب من الحكومة إذا لم تكن هناك عودة قوية للحرب على غزة، ونقل السكان إلى جنوب غزة تمهيداً لترحيلهم إلى خارج القطاع،  وضم باقي المناطق لإسرائيل.

ووفق الاستطلاعات الأخيرة في إسرائيل، فإن انهيار الائتلاف الحاكم وحل الكنيست والتوجه لانتخابات مبكرة، تحدُّ من فرص عودة سموتريتش إلى الكنيست وتمنع عودة نتنياهو إلى سدة الحكم في إسرائيل، وتتركه عرضة لمساءلات لجان التحقيق سواء في أحداث السابع من أكتوبر 2023, أو في قضية الغواصات، أو قضية “قطر جيت”، والتي لا يستبعد مراقبون أن تنتهي إحدى هذه القضايا بإدانة نتنياهو بالفساد والحكم عليه بالسجن.

وكثّفت القوات الإسرائيلية ضرباتها الجوية والمدفعية والبحرية في القطاع، حيث قتلت أكثر من 200 فلسطيني خلال أسبوع، بالتزامن مع زيارة ترمب، للضغط على “حماس” من أجل “تقديم تنازلات في المباحثات”، وفق ما يرى المحلل السياسي جمال الفاضي.

وفي ختام أول جولة خليجية، الجمعة، منذ عودته للبيت الأبيض، قال ترمب في أبوظبي: “نحن ننظر في أمر غزة، سنعمل على حل هذه المشكلة، الكثير من الناس يتضورون جوعاً في غزة”.

وقال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع: “لا نعتبر حديث ترمب رفضاً للمناورة العسكرية في القطاع، لكن نفهم أنه لا يوجد الكثير من الوقت أمامنا”.

وشددت “حماس”، الخميس، أنّ إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة يمثل “الحد الأدنى لبيئة ملائمة للمفاوضات” مع إسرائيل. 

وكرر نتنياهو تأكيداته أن المفاوضات “ستجرى تحت النار”.

“علاقات إسرائيل وأميركا تحت الاختبار”

وفي بيان قالت عائلات المحتجزين الإسرائيليين في بيان، إنها استيقظت صباح الجمعة “بقلق شديد” في ضوء تقارير عن غارات متزايدة على غزة. وشدّدت على أن “تفويت هذه الفرصة التاريخية (لزيارة ترمب للمنطقة) سيكون فشلاً مدوّياً يوصم بالعار إلى الأبد”.

لكن مجموعة إسرائيلية أخرى لدعم عائلات المحتجزين دعت إلى ممارسة “ضغط عسكري أقوى في غزة، لتحرير المحتجزين”. 

واعتبر البروفيسور أبراهام بن تسفي، الخبير بالعلاقات الإسرائيلية الأميركية، في صحيفة “يسرائيل هيوم”، أن  “العلاقات الإسرائيلية الخاصة  مع الولايات المتحدة تحت الاختبار، وكذلك مكانة إسرائيل في الشرق الأوسط”.

وأشار إلى أن “ترمب ونتنياهو يقتربان من مواجهة حتمية في القضايا الإقليمية الجوهرية، والرئيس الأميركي يدفع بخطة طموحة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، ويسعى لتحقيق تقدم سريع وإنجازات فورية، بينما تتبع إسرائيل نهج المماطلة”. وأضاف: ” إذا واصل رئيس الوزراء الدوس على الأقدام الأميركية، فقد نجد أنفسنا جميعاً في ورطة”.

وتقول مصادر في “حماس”، إن الحركة قدمت خلال اللقاءات من الموفدين الأميركيين الأسبوع الماضي “مرونة كبيرة”، إذ “وافقت على تجزئة الحل بشرط توفر ضمانات دولية وإقليمية، ورغم ذلك إسرائيل عطلت فرصة التوصل لاتفاق”. 

لكن النونو قال لـ”الشرق”، الجمعة، إن “حماس” والفصائل الفلسطينية “قررت عدم العودة إلى المرحلية أو الاتفاقات الجزئية، لأنها تمنح الاحتلال الفرصة لمواصلة الحرب”.

وأوضح النونو أن “حماس” تصر على أن تكون المفاوضات “رزمة واحدة للوصول إلى اتفاق شامل، يضمن وقفاً دائماً وكاملاً للحرب والعدوان، والانسحاب الكامل من غزة، وصولاً إلى حل ذي صبغة سياسية”.

وتتوقع حماس أن تمارس الإدارة الأميركية مزيداً من الضغط على حكومة نتنياهو لفتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية “فوراً” إلى غزة.

ومنذ 2 مارس الماضي، تمنع السلطات الإسرائيلية إدخال أي نوع من المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى القطاع الفلسطيني المدمر، حيث استأنفت في 18 من الشهر نفسه الحرب، منهية بذلك هدنة هشة استمرت لشهرين.

وبحسب جمال الفاضي، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في “جامعة الأزهر” بغزة، فإن “الآمال تتضاءل اتجاه هدنة”، لكنه لا يستبعد سماح إسرائيل بدخول مساعدات محدودة إل غزة. وأضاف: “حدوث اختراق مفاجئ لاتفاق وقف النار، وارد، لكن يتوقف على مدى الضغط الأميركي واستجابة نتنياهو”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *