قال مسؤول في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن الرئيس نشر “عن طريق الخطأ” رسالة على منصة “تروث سوشيال” كان يقصد إرسالها بشكل خاص إلى وزيرة العدل بام بوندي، يضغط فيها لتوجيه اتهامات إلى عدد من خصومه السياسيين، وفق ما ذكرت شبكة NBC News الأميركية.
وأضاف المسؤول أن ترمب فوجئ عندما علم أنه نشر الرسالة على حسابه العام في المنصة، مشيراً إلى أن الرئيس قال حينها: “Oh”، ثم حاول التقليل من الأمر.
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال أول من أفاد بأن ترمب كان ينوي إرسال المنشور كـ”رسالة خاصة”، إلى وزيرة العدل.
والمنشور المطول، الذي نُشر في 20 سبتمبر الماضي، خاطب بوندي باسمها الأول “بام”، وعبّر فيه ترمب عن إحباطه من أن “لا شيء يُفعل” ضد خصومه، بحسب الشبكة الأميركية.
وكتب ترمب: “ماذا عن كومي، وآدم شيفتي شيف، وليتيشا؟؟؟”، في إشارة إلى المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي، والسيناتور الديمقراطي عن كاليفورنيا آدم شيف، والمدعية العامة لولاية نيويورك ليتيشيا جيمس.
وتم توجيه تهم إلى كومي وليتيشيا جيمس في أكتوبر الجاري.
وأضاف: “كلهم مذنبون حتى النخاع، لكن لن يُتخذ أي إجراء ضدهم”، تابعاً: “لا يمكننا التأجيل أكثر، هذا يقتل سمعتنا ومصداقيتنا”.
وختم ترمب منشوره بالقول: “لقد حاكموني مرتين، ووجّهوا إليّ لوائح اتهام (5 مرات!)، بدون سبب. العدالة يجب أن تتحقق، الآن!.
مخاوف قانونية
وذكرت شبكة NBC أن شخصين من بين الثلاثة الذين ذُكرت أسماؤهم في منشور ترمب (كومي وجيمس) وُجّهت إليهما الآن لوائح اتهام من قبل وزارة العدل.
وقال مسؤولان في الإدارة الأميركية للشبكة في أغسطس إن وزيرة العدل بام بوندي عيّنت “محامياً خاصاً” للتحقيق في مزاعم احتيال عقاري ضد جيمس وشيف.
ووُجّهت إلى جيمس لائحة اتهام من هيئة محلفين فيدرالية الخميس، تتضمن تهمة واحدة بالاحتيال المصرفي وأخرى بتقديم تصريحات كاذبة لمؤسسة مالية.
وأثارت ملاحقات وتحقيقات وزارة العدل بحق خصوم ترمب مخاوف لدى خبراء قانونيين ومنتقدين، بشأن استخدامه المحتمل للوزارة كـ”أداة للانتقام”، وما قد يسببه ذلك من أضرار لسيادة القانون.
وحصلت جيمس العام الماضي، على حكم مدني ضد ترمب وشركاته يقضي بدفع نحو نصف مليار دولار، قبل أن يتم إلغاؤه مؤخراً وهو حالياً قيد الاستئناف.
ونفت جيمس التهم الموجهة إليها، ووصفتها بأنها “لا أساس لها” وذات دوافع “انتقام سياسي”.
وقال محاميها، آبي لويل، الخميس إن القضية “مدفوعة برغبة الرئيس ترمب في الانتقام”، مضيفاً: “عندما يستطيع رئيس أن يوجّه علناً بتقديم اتهامات ضد شخص، رغم أن محامي الحكومة المهنيين خلصوا إلى أنه لا مبرر لها، فإن ذلك يشكل هجوماً خطيراً على سيادة القانون”.
تناقض ترمب
وقالت NBC إن ضغوط ترمب على بوندي تتناقض مع تصريحاته السابقة بأنه لا يتدخل في التحقيقات أو قرارات وزارة العدل بشأن توجيه الاتهامات إلى خصومه. فعلى سبيل المثال، بعد توجيه الاتهام إلى كومي، قال ترمب للصحافيين في البيت الأبيض إنه “لا علاقة له بالقضية”.
وأضاف ترمب: “أنا لا أتصل بأحد. كما تعلمون؟ أنا مسموح لي أن أفعل ذلك لو أردت”، قبل أن يعيد تكرار الادعاء بأن كومي “كذب” و”تم ضبطه”.
وكان ترمب يشير إلى شهادة أدلى بها مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) آنذاك أمام الكونجرس عام 2017، نفى فيها أنه سمح بتسريب معلومات إلى وسائل الإعلام بشأن تحقيق المكتب في مؤسسة كلينتون.
ودفع كومي هذا الأسبوع ببراءته من تهم تقديم بيان كاذب إلى الكونجرس وعرقلة إجراء في الكونجرس. وقال بعد توجيه الاتهامات إليه إن هناك “كلفة لمواجهة دونالد ترمب”، مضيفاً أنه يثق “ثقة كبيرة بالنظام القضائي الفيدرالي”.
وفي مقابلة مع برنامج “Meet the Press” على شبكة NBC، علّق شيف على لائحة الاتهام ضد كومي قائلاً: “إذا سمح الجمهوريون باستمرار هذا الأمر لأربع سنوات، فلن يتبقى شيء من ديمقراطيتنا”.
وقال شيف، في إشارة إلى ترمب: “لقد وصفني بالعدو من الداخل، ووصف مسؤولين ديمقراطيين منتخبين آخرين بالعدو من الداخل. إنه يستخدم وزارة العدل لملاحقة خصومه السياسيين، ويستخدمها لحماية أصدقائه السياسيين… يجب أن يقلق كل أميركي من هذا، وليس فقط الأشخاص الذين يغرد عنهم مثلي”.
يُذكر أن شيف كان كبير مديري الادعاء في مجلس النواب خلال محاكمة عزل ترمب الأولى قبل نحو ست سنوات. ونفى ارتكاب أي مخالفات رداً على تحقيق إدارة ترمب في مزاعم احتيال عقاري.
وبالإضافة إلى توجيه التهم إلى خصوم الرئيس، نفذت إدارة ترمب عمليات تطهير داخل وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي، شملت مؤخراً إقالة عملاء خاصين كانوا يعملون مع مكتب المحقق الخاص جاك سميث في التحقيقات المتعلقة بترمب، وفقاً لما ذكرته مصادر لشبكة NBC هذا الأسبوع.