طوّر العلماء أساليبًا للقضاء على البعوض الذي يُحتمل أن يكون ناقلًا للأمراض من على وجه الأرض. ولكن، هل ينبغي عليهم فعل ذلك؟

لا تزال آثار هذه الدعوة الجليلة مجهولة، ويقول خبراء الأخلاقيات الحيوية إنهم “لا يؤيدون إعادة تشكيل العالم بما يُناسب الرغبات البشرية”، فالقضاء على البعوض من خلال تقنية وراثية من شأنه أن يُؤدي إلى إبادة عالمية بطريقة تبدو محفوفة بالمخاطر.

ومع ذلك، لدينا هذه التقنية، التي تستهدف بشكل كبير إناث البعوض المسؤولة عن لدغ ونشر الملاريا وحمى الضنك وزيكا وغيرها من مسببات الأمراض الخطيرة.

باستخدام الأدوات الوراثية، يُمكن للباحثين تعديل التركيب الجيني للبعوض وجعل إناثه غير قادرة على الإنجاب. 

في يناير الماضي، أعلن علماء في أستراليا عن تمكنهم من تعديل ذكور البعوض لإنتاج بروتينات سم في سائلها المنوي، مما قد يُقلل من عمر الإناث.

هذا الأسبوع، أعلن باحثون في جامعة ماريلاند نجاحهم في ابتكار “مرض منقول جنسيًا” ينقل عدوى فطرية قاتلة للإناث.

ويعد هذا البحث العلمي في جوهره سباق تسلح بيننا وبين البعوض، فكما يستمر البعوض في التكيف مع ما نبتكره، علينا أن نواصل تطوير طرق جديدة ومبتكرة لمكافحته.

يُطلق على هذا الفطر اسم ميتارهيزيوم. يُرش على ذكور البعوض، ويعمل عن طريق إنتاج سموم عصبية تقتل البعوض عند حقنها في أنثى البعوض، وهو غير ضار بالبشر.

وكما أن هذا الفطر جعل البعوض المصاب أقل قدرة على استشعار المبيدات الحشرية، وأكثر عرضة لها، لذا فهو ضربة مزدوجة له، وقد يكون هذا خبرًا سارًا في مكافحة الأمراض التي ينقلها البعوض. 

في العام الماضي، أجبر فيروس التهاب الدماغ الخيلي الشرقي، النادر والخطير، مدينة نيويورك على إعلانه “تهديدًا وشيكًا”، وتوفي رجل من نيو هامبشاير، وأُغلقت الحدائق العامة ومناطق أخرى في ماساتشوستس مع انتشار الفيروس. 

وهذا العام، أبلغت مدن في جميع أنحاء البلاد عن حالات إصابة بفيروس غرب النيل، وبدأت السلطات في رش مبيدات حشرية للبالغين في مقاطعة هاريس في هيوستن. كما لا تزال الملاريا سببًا رئيسيًا للأمراض والوفيات التي يمكن الوقاية منها، حيث تسببت في 608،000 حالة وفاة في 85 دولة عام 2022.

إلى أي مدى يجب محاربة البعوض؟

قد يكون من السهل إغفال الدور الذي يلعبه البعوض في أنظمتنا البيئية. فهو مصدر غذاء مهم للأسماك والضفادع والملقحات، بما في ذلك الطيور والخفافيش. 

من بين أكثر من 3000 نوع من الكائنات الحية على الأرض، هناك 400 نوع فقط قادرة على نقل الأمراض إلى البشر، ومعظمها لا يتغذى على البشر إطلاقًا.

يُذكر أن البعوض موجود منذ أن جابت الديناصورات الأرض قبل حوالي 200 مليون سنة.

تشهد الأرض حاليًا أزمة تنوع بيولوجي ناجمة عن أنشطة بشرية، بما في ذلك فقدان هائل للحشرات بسبب الزراعة والتلوث المرتبط بها، بالإضافة إلى الكوارث الناجمة عن تغير المناخ وغيرها من الأحداث. 

لولا الحشرات التي تُلقّح محاصيل تُقدر قيمتها بمليارات الدولارات في أمريكا الشمالية، لكان لدينا كميات أقل بكثير من الغذاء والمنتجات الأخرى.

شاركها.