هل يحق للأمن العام طلب إثبات علاقة الرجل بالمرأة في مكان عام؟.. السوريون يجيبون

في الآونة الأخيرة، تصاعدت التقارير حول قيام عناصر الأمن السوري باستجواب المواطنين في الأماكن العامة عن طبيعة علاقتهم بالنساء المرافقات لهم، ومطالبتهم بإثباتات رسمية تؤكد نوع العلاقة، سواء كانت زواجًا أو قرابة، وأثار هذا السلوك الأمني موجة من الغضب والاستياء بين السوريين، معتبرين أنه تعديًا صارخًا على الخصوصية الشخصية وتقييدًا للحريات الفردية.
قصة الناشط عبد الرحمن كحيل
من بين الحالات التي سلطت الضوء على هذه الممارسات، قصة الناشط عبد الرحمن كحيل، وبحسب ما تم تداوله، تعرض كحيل لموقف محرج عندما تم توقيفه من قبل عناصر الأمن أثناء تواجده مع امرأة في مكان عام، وطُلب منه تقديم إثبات رسمي يوضح طبيعة علاقته بها.
وأكد “كحيل” عبر صفحته على فيسبوك أن المرأة هي خطيبته، لكنه لم يكن يحمل إثباتاً، وهو ما أدى بسحب الناشط لاعتقاله وتعرضه للضرب، لتتحول القصة لقضية رأي عام، شاركها نشطون سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتُعد هذه الممارسات امتدادًا لسياسات الدولة الأمنية التي تفرض رقابة صارمة على المواطنين، وتُقيد حرياتهم الشخصية.
تداعيات اجتماعية ونفسية
هذه السياسات لا تؤثر فقط على الأفراد المعنيين، بل تترك أثرًا نفسيًا واجتماعيًا واسع النطاق، فالممارسات التي تُشكك في العلاقات الشخصية وتُخضعها للتدقيق الأمني تُعزز مناخًا من الخوف والريبة، وتُقوض الثقة بين المواطنين والأجهزة الأمنية.
كما أنها تُسهم في تعزيز الصور النمطية والتمييز ضد النساء، مما يُعيق تقدمهن ومشاركتهن الفعالة في المجتمع.
استطلاع رأي لوكالة ستيب نيوز
أجرت وكالة “ستيب نيوز” استطلاعاً للرأي، من خلال نشر السؤال التالي عبر معرفاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، “كثرت حوادث سؤال الأمن السوري للمواطنين عن علاقتهم بالنساء المرافقات لهم بالأماكن العامة والمطالبة بإثباتات لنوع العلاقة.. ما رأيك؟!”.
وتنوعت الإجابات بين مؤيد ومعارض، حيث شارك وتفاعل مع السؤال أكثر من 1300 شخص.
يقول حساب باسم “نزار الحركي”: “حتى في عهد الرسول الأعظم لم يكن هذا السلوك موجوداً، وبالتالي ما علاقتهم في هذه الأمور الشخصية البحتة وكأنهم يختلقون المشاكل بغية حلها أما بالاعتداء أو بالمال وكلاهما عيب في هذا المسمى أمن”.
ويقول حساب يدعى “كنان جبارا”: “قبل كنا لا نقدر نخرج من البيت بدون دفتر العسكرية.. أما الآن صرنا لا نقدر نخرج من البيت بدون دفتر العائلة”.
حساب باسم “ماجدة سيد إبراهيم” يؤكد انه لا يجوز طلب أوراق ثبوتية في حال لم يكن هناك “ما هو غير لائق” للآداب العامة بينهما، ويوافق حساب بسام “نادر نادر” ذات الرأي ويقول: “هذه حريات شخصية يجب أن يكفلها الدستور ولا يحق لأي صفة السؤال إلا في الحالات المخلة بالآداب وتكون حصراً من مسؤولية الأمن الجنائي”.
ويتحدث حساب باسم “يارا” عن رأيها وتقول: “لا، لا يحق إذا كنت طالعة مع رفيق من الجامعة أو صديق بالشغل أو أيّاً كان، أو خطيبي، كيف يمكن أن أثبت أنه خطيبي.. هذه أسمها حياة مدنية، لما يكونوا يتصرفوا تصرفات غلط، حينها يمكن، أما بالشارع أو قاعدين بكافيه شو ها لمنطق؟”.
ويقول حساب يدعى “مستر ديبلوماسي”: “من غير الطبيعي أن تطلب وثائق ثبوتية لطبيعة علاقة أي أثنين ببعضهم بالشارع ! كيف تثبت الخطوبة مثلاً؟ وبعيداً عن ذلك في علاقات زمالة وعمل ومهنة ودراسة ومعارف مشتركة… مجرد السؤال والاستيقاف غير القانوني من طرف عنصر الأمن، هو بمعنى أنه يمنع أي إثنين الكلام والحديث والجلوس مع بعضهم حتى بالأماكن العامة إلا بإطار زواج ويجب إثباته، أو سيعاقب بخارج حدود القانون من طرف مجهولين تحت مسمى أمن عام”.
كما يقول حساب باسم “أ.ي. الرمضان”: “يحق لهم في حال كان الرجل والمرأة عملوا شيء غريب غير لائق وملفت للانتباه، أو إذا كان وصلهم إخبارية في مكان فلاني منتشر فيه الدعـارة والحرام، أما رجل وامرأة مع بعض بشكل عادي غير ملفت خصوصاً إذا المرأة مستورة والرجل مبين عليه الالتزام فلا داعي للأوراق”.
بالمقابل كان هناك آراء مختلفة، حيث يقول حساب باسم “حسين عبد الله مجد”: “يحق لهم إذا كان الوضع مخل للآداب العامة”.
ويتحدث حساب يدعى “بيرلين حمص”: “والله معن حق لأن مناظر العشاق صارت بتقرف والحدائق ماعد نقدر ندوسها منهم”.
ويقول حساب يدعى “محمد آغا”: “طبعاً يحق لهم، بعيداً عن كل الأسباب الأكثر قناعة، لكن ماذا لو كانت مختطفة ؟! وأخص في الأوضاع الحالية، عمليات الخطف كثيرة ودائماً يلام الأمن العام بل ويتهم عناصر الأمن”.
ويشير شخص آخر يدعى “أيهم البيطار”: “عند الضرورة يحق لهم، لكن ليس على الرايحة والجاية، طبعاً الضرورة يحددها القانون يلي بيخدم الكل”.
من جانبه يتحدث حساب يدعى “أ.م”: “يحق لهم حتى لا تكثر الدعارة بالبلد، وكلنا مسؤولين، وأنا أول واحد إذا أشوف حدا غريب مع بنت أعرفها أو واحد أعرفه مع بنت، سوف أبلغ عنهم هذا واجب”.
الحاجة إلى إصلاحات جذرية
وفي الوقت الذي يجري به بناء الدولة الجديدة التي يسعى إليها السوريين بان تكون دولة العدالة والقانون، من الضروري إجراء إصلاحات جذرية في السياسات الأمنية والقانونية في سوريا.
وحسب خبراء ينبغي تعزيز سيادة القانون وضمان احترام الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين، بما في ذلك الحق في الخصوصية وحرية التنقل، كما يجب تمكين النساء وحمايتهن من التمييز والعنف، وضمان مشاركتهن الكاملة في جميع جوانب الحياة العامة.
واعتبرت بعض التعليقات على الاستطلاع أن مثل هذه الممارسات تُهدد النسيج الاجتماعي وتُعيق جهود بناء مجتمع عادل ومتساوٍ، بينما يرى آخرون أن الحرية الشخصية تنتهي حدودها عند بدء حرية الآخرين، وللأماكن العامة قوانينها الاجتماعية والأخلاقية التي توارثها المجتمع السوري والتي حددت ضوابط الاختلاط بين النساء والرجال بما لا يؤثر على صورة المجتمع.

إعداد: جهاد عبد الله
المصدر: وكالة ستيب الاخبارية