هل يخطط ترامب لإزاحة بشار؟
خطيب بدلة
مَن يراقب تصرفات الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، لا بد أن يخرج بخلاصتين، ونصيحتين، أولاهما، لا تكترث لكلامه وتصريحاته، توقف عند أفعاله، وثانيتهما، لا تركن إلى ما تتوقعه من أفعاله، فهو يتصرف، غالبًا، بعكس ما هو متوقع.
قبل أيام، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي فيديو قصيرًا، يتحدث فيه ترامب عن السوريين، بشكل إيجابي، مؤكدًا على أن السوريين شعب جيد، فيهم الأطباء والمحامون، وهم يعملون بجد، وانضباط. أعجب المحللون الاستراتيجيون السوريون بهذه النغمة، وانطلقوا يحكون عن نوايا ترامب التدخل في الشأن السوري، وإسقاط نظام الأسد، وتسليم الحكم للشعب. ولم يتوانَ بعضهم عن وضع سيناريوهات للتغيير القادم، فيرشح معاذ الخطيب، أو الدكتور رياض حجاب للرئاسة، أو يشكل مجلسًا عسكريًا بقيادة العميد مناف طلاس، لفترة انتقالية، تجري خلالها انتخابات برلمانية ورئاسية.
الحقيقة أن أولويات ترامب الرئاسية، تتركز على الداخل الأمريكي. كان يركز، في تصريحاته الانتخابية، على إنهاء الحروب، وتطوير الاقتصاد الأمريكي، وأما ما يتعلق بالسياسة الخارجية، فاهتماماته تتركز على مجابهة التحدي التكنولوجي الصيني، وإنهاء الحرب الأوكرانية- الروسية، بقصد التخلص من تكاليفها المالية، وهو، كما يؤكد المراقبون، أكثر رؤساء أمريكا استجابة لمتطلبات إسرائيل، حتى المتطرفة منها، ولذلك سيمضي قدمًا في العداء لإيران، سيما وأن التحقيقات في محاولة اغتياله، أظهرت تورط إيران فيها، وأما بالنسبة لسوريا، فهو أكثر رؤساء أمريكا زهدًا فيها، ولا ننسى تصريحه، في مطلع رئاسته السابقة، بأن سياسة سلفه، باراك أوباما، جعلت أمريكا تخسر سوريا، ولم يبقَ فيها سوى الموت والرمال، وفي كانون الأول 2018، قرر سحب القوات الأمريكية من سوريا، ووقتها تدخل مستشاروه وأعضاء في الحزبين “الجمهوري” و”الديمقراطي”، وأكدوا له أن قراره يهدد المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، فتراجع.
لا يوجد لدينا ما يوحي بأن ترامب بصدد تغيير سياسته تجاه سوريا في الفترة الرئاسية الجديدة، وهي سياسة سلبية جدًا، بدليل أنه، مع بداية عهده، 2016، ألغى قرارات دعم المعارضة السورية المعتدلة، و”الجيش الحر”، ومؤسسات المجتمع المدني التي كان أوباما قد أقرها، ومنع لجوء السوريين إلى أمريكا، وقال إن أمريكا، في عهد أوباما، دعمت الكرد، وحاربت تنظيم “داعش”، بالنيابة عن روسيا وإيران ونظام الأسد.
قد يقول قائل إن الظروف والمعطيات الحالية تختلف عما كانت عليه في فترة 2016-2020، وإن هذه المتغيرات لا بد أن تدفع ترامب للاهتمام بالقضية السورية. هذا الكلام منطقي جدًا، وصحيح، ولكنه لا يصح مع ترامب، بدليل أنه عاد إلى نغمة سحب قوات أمريكا من شرق الفرات، بحجة أن أي صراع مسلح بين تركيا والكرد قد يصيب تلك القوات.
الشيء الوحيد الذي يمكن أن يجذب إدارة ترامب باتجاه سوريا، هو القرار الأمريكي/الإسرائيلي بتقطيع أذرع إيران في منطقة الشرق الأوسط، وإخراجها منها، لمصلحة إسرائيل بالطبع.. وما يتعلق بمصير نظام بشار الأسد، أصبحت السياسية الإسرائيلية واضحة، وتتلخص في المعادلة التالية: طالما أن الأسد ملتزم بالمشيئة الإسرائيلية، متخذ وضعية المزهرية تجاه الهجمات الإسرائيلية على مواقع إيران، فهو باقٍ، ويتمدد.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية
أرسل/أرسلي تصحيحًا
مرتبط
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
المصدر: عنب بلدي