هل يكرس ترمب ولايته الثانية لتصفية الحسابات مع خصومه؟
استغل الديمقراطيون التصريحات “التحريضية” التي أدلى بها دونالد ترمب بشأن خصومه السياسيين، وقضوا شهوراً يحذرون من أنه سيتولى منصبه وفي يده “قائمة أعداء” لتنفيذ “حملة انتقامية غير مسبوقة” في تاريخ السياسة الحديثة.
لكن الناخبين تجاهلوا هذه التحذيرات وانتخبوا ترمب، فيما يرى حلفاؤه أن المخاوف بشأن الانتقام كان “مبالغاً فيها”، حسبما ذكرت USA Today.
ويقول حلفاء ترمب إنه يحب “التحدث بحزم”، لكن هذا الحديث لا تتبعه أفعال حقيقية في كثير من الأحيان، وأن الأمر أشبه بـ”التمثيل”. وأشاروا إلى هتافه ضد منافسته في انتخابات 2016، هيلاري كلينتون، “احبسوها”، وعدم اتخاذه أي إجراءات قضائية ضدها لاحقاً، بعد توليه السلطة.
“ميولات” الانتقامية
وأضافت الصحيفة أن ترمب يشتهر بـ”ميوله الانتقامية”، وأشارت إلى سعيه لإخراج خصومه السياسيين من المناصب، وشن حملات شرسة ضد الجمهوريين الذين صوتوا لصالح التحقيق معه بهدف العزل مرتين.
كما تدخل ترمب في النظام القضائي سابقاً، إذ أقال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، جيمس كومي، بسبب طريقة تعامل الوكالة مع التحقيق في مزاعم التواطؤ بين حملته الانتخابية لعام 2016 وروسيا.
كما أقال ترمب وزير العدل جيف سيشينز، الذي أثار غضبه بعد أن تنحى عن الإشراف على التحقيق في قضية تحالفه المزعوم مع روسيا.
وتساءلت USA Today عما إذا كانت التهديدات التي وجهها ترمب خلال حملته الانتخابية مجرد “تصريحات مبالغ فيها أم بداية لفترة مضطربة من تصفية الحسابات”.
كما تساءلت الصحيفة عما إذا كان ترمب سينفذ تهديداته ضد خصومه بعد فوزه الساحق في الانتخابات، والقرار الذي أصدرته المحكمة العليا مؤخراً، والذي يمنح حصانة لقرارات الرؤساء أثناء فترة ولايتهم. وقالت: “هل حان وقت الانتقام؟”.
وتحدث ترمب خلال حملته الانتخابية عن اتخاذ إجراءات قانونية ضد الجميع، من الرئيس جو بايدن ومنافسته الديمقراطية في الانتخابات كامالا هاريس، إلى النائبة السابقة عن الحزب الجمهوري ليز تشيني والرئيسة السابقة لمجلس النواب نانسي بيلوسي.
كما شن ترمب هجوماً حاداً ضد ما وصفهم بـ”الأعداء من الداخل”. وهدد معارضيه بالملاحقات القضائية، ما أثار مقارنات مع أنظمة استبدادية وأدى إلى قلق عميق بشأن أسس الديمقراطية في البلاد.
ونشر ترمب رسالة عبر وسائل التواصل الاجتماعي اتهم فيها تشيني بـ”الخيانة”، وهي التهمة نفسها التي وجهها إلى رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق مارك ميلي.
وفي فعالية انتخابية في بنسلفانيا، قال ترمب إن كامالا هاريس “يجب أن تخضع لتحقيق بغرض العزل وتُلاحق قانونياً” بسبب طريقة تعاملها مع قضية الهجرة.
“تطهير” وزارة العدل وملاحقة الخصوم
ومع ذلك، يقلل المقربون من ترمب من أهمية الحديث عن الانتقام، ويشير العديد منهم إلى هيلاري كلينتون كدليل على أن الخطاب الانتخابي لا يعني بالضرورة اتخاذ إجراءات قانونية. كما يتفقون مع ترمب في القول إن أعظم انتقام سيكون من خلال “رئاسة ناجحة واقتصاد مزدهر”.
وقال مستشار جمهوري مقرب من حملة ترمب للصحيفة: “لم يفعل ذلك من قبل، ولا أعتقد أنه سيشغل نفسه به”، مُشيراً إلى الحديث عن الانتقام.
وأضاف: “هو يعلم كيف تُكتب كتب التاريخ… يعرف أنه إذا جاء وأصبح التضخم تحت السيطرة، وهدأ العالم… فإن الفصل الأخير من حكايته قد يتسم بالكثير من التوازن… لذلك، أنا لا أصدق ذلك”.
لكن بعض المراقبين أبدوا شكوكاً في عدم متابعته لوعوده الانتقامية. وقال مؤلف سيرته الذاتية، تيم أوبراين: “الفكرة القائلة إن دونالد ترمب سيدخل إلى هذا المنصب بشخصية ماري بوبينز بعد أن كان جودزيلا في الحملة الانتخابية هي مجرد قراءة خاطئة تماماً لشخصيته”.
وحتى أولئك الذين لا يعتقدون أن ترمب سيسعى إلى توجيه اتهامات ضد خصومه يتوقعون حدوث عملية “تطهير” في وزارة العدل، التي وجهت اتهامات جنائية ضد الرئيس المٌنتخب حالياً بسبب محاولاته لقلب نتائج انتخابات 2020، وسوء التعامل المزعوم مع وثائق سرية. وتعهد ترمب بإقالة المستشار الخاص جاك سميث، الذي يتولى التحقيق في كلا القضيتين.
وكثيراً ما يزعم ترمب أن وزارة العدل كانت مُسيسة وشاركت في “حرب قانونية” ضده، على الرغم من عدم وجود أي دليل على تدخل بايدن في أي من قضاياه، وإصرار المدعي العام ميريك جارلاند على أن الوزارة تصرفت بشكل مستقل، وفق الصحيفة.
وقالت USA Today إن أي تغيير في وزارة العدل قد “يُهدد استقلاليتها ويجعلها خاضعة لأهواء الرئيس”، ما سيمنحه سلطات واسعة لملاحقة أعدائه المفترضين.