هل ينهي ترامب الحرب الروسية الأوكرانية وماذا عرض على بوتين؟.. ديميتري بريدجيه يكشف تفاصيل ما يدور بالكواليس

بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التحرّك جدّياً في محاولة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، حيث أجرى اتصالاً مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وصف من قبل البيت الأبيض والكرملين بأنه كان بنّاءاً، وفي خضم ذلك، يكشف خبير روسي لوكالة ستيب نيوز عن شروط مسبقة تضعها موسكو وكييف تعقّد من مشهد المفاوضات ومن مهمّة ترامب، بالوقت الذي يتوقع أن تعقد مفاوضات قريبة لتقرّب وجهات النظر.
الاتصال بين ترامب وبوتين.. إعلان نوايا أم تحول حقيقي؟
في 19 مايو 2025، أجرى الرئيس ترامب مكالمة هاتفية مع الرئيس بوتين، وصفها بأنها “ممتازة”، معلنًا عن بدء مفاوضات فورية لوقف إطلاق النار، إلا أن الكرملين رفض المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار غير المشروط، مؤكدًا على ضرورة معالجة “الأسباب الجذرية” للنزاع، بما في ذلك مطالب روسيا بالسيطرة على الأراضي المحتلة وضمانات أمنية.
في هذا السياق، يقول الباحث والمحلل السياسي الروسي ديميتري بريدجيه، لوكالة “ستيب نيوز“: إن روسيا تسعى لاستغلال هذه المبادرات لكسب الوقت وتعزيز مواقعها الميدانية، دون تقديم تنازلات حقيقية.
الشروط الروسية لوقف إطلاق النار
تتمسك موسكو بمجموعة من الشروط الأساسية لوقف إطلاق النار، وهو ما يعقّد التوجه لمفاوضات بدون شروط غم تعهد بوتين بذلك.
ويقول بريدجيه: “تشمل الشروط الروسية، انسحاب القوات الأوكرانية من مناطق دونيتسك، لوغانسك، زاباروجيا، وخيرسون، والاعتراف الروسي بالسيادة عليها وعلى شبه جزيرة القرم، والتزام أوكرانيا بالحياد العسكري، ومنع أي تواجد عسكري أجنبي على الأراضي الأوكرانية، ووقف الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا”.
ويشير إلى أن هذه الشروط تعكس رغبة روسيا في فرض أمر واقع جديد، معتمدين على ما يعتبرونه “استفتاءات” أجريت في عام 2022، رغم عدم اعتراف المجتمع الدولي بشرعيتها.
ويضيف: “روسيا تُصرّ على أن تكون المفاوضات دون شروط مسبقة، إلا أن الواقع يُظهر أن كلاً من موسكو وكييف تضعان شروطًا مسبقة”.
ويشير إلى أن أوكرانيا ترى بقبول الشروط الروسية ضرة قوية للمصالح الأوكرانية، بل وتمسّ بشرعية الرئيس فولوديمير زيلينسكي نفسه.
الموقف الأوكراني
من جانبها تملك أوكرانيا ورئيسيا فلوديمير زيلينسكي شروطاً تطرحها للمفاوضات، وتراها موسكو صعبة التحقيق إن لم تكن مستحيلة.
يقول بريدجيه: “تصر أوكرانيا على انسحاب كامل للقوات الروسية من جميع الأراضي الأوكرانية، ومحاسبة روسيا قانونيًا على ما تصفه بجرائم الحرب، وضمانات أمنية دولية، ودفع تعويضات عن الدمار والخسائر، وعودة الأسرى واللاجئين”.
ويؤكد أن الحكومة الأوكرانية الحالية، بقيادة زيلينسكي، ترى أن أي تنازل إقليمي مرفوض، خاصة في ظل الرهان على استمرار الدعم الغربي وإنهاك روسيا عسكريًا واقتصاديًا.
بينما يشير الخبير الروسي إلى أن هناك من يراهن على إمكانية تغيير الحكومة الأوكرانية الحالية بقيادة زيلينسكي واستبدالها بحكومة أكثر قبولاً من روسيا، كما حدث في حالات سابقة مثل جورجيا والشيشان، على اعتبار ذلك حلاً قد يرضي جميع الأطراف.
الموقف الغربي.. دعم مشروط ومخاوف من تراجع الالتزام
بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض وصعود التيار الجمهوري، يبدو أن الدعم الغربي لأوكرانيا قد لا يستمر على الوتيرة ذاتها، إذ يرى ترامب في الحرب “نزيفًا اقتصاديًا”، ويطمح لإغلاق الملف باتفاق سريع، وسبق وقدم وعوداً خلال حملته الانتخابية بحل يوقف الحرب.
لكن الخبير الروسي يشير إلى أن هناك مؤسسات أمريكية وأوروبية لا تزال تنظر إلى روسيا كتهديد استراتيجي، مما قد يعرقل أي تقارب سريع.
ويضيف بريدجيه: أن الدور الأمريكي في الوساطة مرهون بموقف الكونغرس وموقف أوكرانيا من أي اتفاق محتمل.
ولا يمكن إغفال الموقف الأوروبي الذي يختلف مع رؤية ترامب وبدأ يطفو على سطح العلاقات بين الطرفين صراعات واضحة، حيث تصرّ الدول الأوروبية على استمرار تقديم دعم عسكري وسياسي لأوكرانيا يضمن صمودها بوجه روسيا حتى وإن أطالت أمد الحرب.
سيناريوهات مفتوحة وتحديات قائمة
رغم تعقيد الأوضاع، هناك بعض المؤشرات على إمكانية استئناف الحوار، وهناك تقارير تتحدث عن مناقشة إمكانية وقف إطلاق نار محدود في بعض الجبهات، واحتمالية عقد لقاء ثلاثي بين روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة في إحدى العواصم الأوروبية.
وعقد قبل أيام عقد لقاء بين وفدين روسي وأوكرانيا في تركيا وكان قد جرى حديث عن إمكانية لقاء بين بوتين وزيلينيسكي لكنه لم يتم التوصل خلاله لأي نتيجه.
ويوضح الخبير الروسي أن هناك مقترحات أمريكية برفع جزئي للعقوبات مقابل خطوات أولية من الجانب الروسي، ويؤكد بريدجيه أن نجاح المفاوضات يتطلب توفر إرادة سياسية من الطرفين، ورؤية وأهداف مشتركة، وتقديم تنازلات متبادلة، غير أن الظروف الميدانية والسياسية والضغوط الداخلية والخارجية تجعل أي اختراق دبلوماسي صعبًا في المرحلة الحالية، وإن لم يكن مستحيلاً.
بين الواقعية والرهانات
أعاد اتصال ترامب وبوتين فتح الباب أمام احتمال الحل السياسي، لكن الطريق لا يزال محفوفًا بالعقبات، فالمطالب الروسية تبدو ثابتة، بينما ترى أوكرانيا في أي تسوية مساسًا بسيادتها.
أما المواقف الغربية مترددة، والتحولات السياسية في واشنطن قد تغير موازين اللعبة، ويبقى أن نجاح أي اتفاق لن يكون نتاج صفقة واحدة، بل ثمرة عملية طويلة من الضغوط والتنازلات والتغيرات الداخلية.
المصدر: وكالة ستيب الاخبارية