اخر الاخبار

واشنطن تخطط المسيرات أكبر تحديث عسكري الحرب الباردة

يعتزم الجيش الأميركي تنفيذ أكبر خطة تحديث يشهدها منذ نهاية الحرب الباردة، تتضمن تزويد كل فرقة قتالية بنحو ألف طائرة مُسيرة، والتخلص من الأسلحة والمعدات قديمة الطراز، وفق صحيفة “وول ستريت جورنال”. 

الصحيفة الأميركية قالت، الخميس، إن هذه الخطة تمثل ثمرة تجارب استمرت أكثر من عام في ميدان تدريبي ضخم بمنطقة بافاريا في ألمانيا وقواعد أميركية أخرى، وتعتمد اعتماداً كبيراً على الدروس المستخلصة من الحرب في أوكرانيا، حيث أظهرت الطائرات المُسيرة الصغيرة، عند استخدامها بأعداد كبيرة، فعاليتها في ساحة المعركة.

وفي حال تنفيذ الخطة، ستتجه الفرق الـ10 العاملة في الجيش الأميركي، نحو الاعتماد بشكل كبير على الطائرات المُسيرة لأغراض الاستطلاع ونقل الإمدادات وتنفيذ الهجمات.

وللاستفادة من دروس الحرب الأوكرانية ضد روسيا، أجرى ضباط أميركيون مقابلات مع أفراد من الجيش الأوكراني، واستشاروا متعاقدين عملوا مع القوات المسلحة في كييف بشأن استخدامهم المبتكر للطائرات المُسيرة، حسبما ذكرت “وول ستريت جورنال”. 

دور أكبر للمسيرات

وقال العقيد دونالد نيل، قائد فوج الفرسان الثاني في الجيش الأميركي، للصحيفة: “علينا أن نتعلم كيف نستخدم الطائرات المُسيرة، وكيف نقاتل بها، وكيف نوسع استخدامها ونُنتجها ونوظفها في معاركنا، حتى نتمكن من الرؤية أبعد من خط الأفق”. وأضاف: “لطالما امتلكنا الطائرات المُسيرة في الجيش، لكن بأعداد قليلة جداً”. 

وكانت جهود دمج الطائرات المُسيرة في صفوف الجيش الأميركي واضحة تماماً في فبراير الماضي، حين خاض لواء من الفرقة الجبلية العاشرة تدريباً قتالياً ضد خصم وهمي في هوهنفيلس في إقليم بافاريا الألماني. 

وفي زمن الحرب الباردة، استُخدم ميدان التدريب الضخم في هوهنفيلس للتحضير لحرب مدرعات محتملة ضد هجوم سوفييتي محتمل على أوروبا الغربية. 

ولكن في سيناريو مُحدث يعكس تكتيكات القتال الجديدة المستخدمة في أوكرانيا، كانت الطائرات المُسيرة الصغيرة تطن في السماء، بينما يتحكم بها جنود ومتعاونون من الحقول الموحلة على الأرض. 

وأدى البرد القارس إلى تجمد بعض شفرات مراوح الطائرات المُسيرة واستنزاف بطارياتها، وهي مشكلة لم تظهر في التدريبات السابقة في هاواي ولويزيانا. فسارع الجنود إلى شحن البطاريات مجدداً للإبقاء على الطائرات في الجو. 

الاستفادة من الحرب الأوكرانية

وشهدت ساحات المعركة اشتباكات بين القوات الأوكرانية والروسية باستخدام المدفعية والمركبات المدرعة والطائرات المقاتلة المأهولة وأنظمة قتالية تقليدية أخرى. غير أن الطائرات المُسيرة، بحسب محللين، هي التي غيرت مجرى الصراع، نظراً لانخفاض تكلفتها، وقدرتها على الهجوم بأعداد كبيرة لإرباك الدفاعات، وبث صور حية إلى الخطوط الخلفية، ما يصعب الاختباء في ساحة القتال. 

وقال الجنرال المتقاعد جاك كين، نائب رئيس الأركان السابق في الجيش الأميركي، لـ”وول ستريت جورنال”: “الحرب البرية تحولت إلى حرب طائرات مُسيرة. إذا تم رصدك، فيُمكن قتلك”. 

وأضاف كين، الذي أشرف على التدريبات في بافاريا: “الجندي الحامل للقنابل الصاروخية، أو الدبابة، أو مراكز القيادة والسيطرة، أو مواقع المدفعية، يمكن القضاء عليهم جميعاً بسرعة كبيرة بواسطة الطائرات المُسيرة”. 

وقالت “وول ستريت جورنال” إن الطائرات المُسيرة هي واحدة فقط من القدرات التي يعتزم الجيش الأميركي نشرها، في إطار مساعيه لتعزيز قدرته على ردع روسيا والصين بعد عقود من خوضه حروباً ضد التمرد في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. 

ويعمل الجيش الأميركي أيضاً، على تطوير أساليب لتحسين ربط الجنود ببعضهم على أرض المعركة باستخدام الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية والإنترنت، كما يستعد لتزويد القوات بمركبة مشاة جديدة. 

خطة بـ36 مليار دولار

ويخطط الجيش الأميركي كذلك، لاستثمار نحو 3 مليارات دولار في تطوير أنظمة أفضل لإسقاط الطائرات المُسيرة المعادية، إلى جانب تعزيز قدراته في الحرب الإلكترونية. 

وبحسب مسؤولين، تبلغ كلفة خطة التحديث نحو 36 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، سيتم توفيرها من خلال إلغاء بعض الأسلحة القديمة وإحالة أنظمة أخرى إلى التقاعد، وهي خطوات تتطلب موافقة الكونجرس. 

وتأتي “مبادرة تحول الجيش”، وهي الخطة التي وضعها الجيش لتحديث قدراته، في وقت تسعى فيه وزارة الكفاءة الحكومية DOGE، التي يقودها إيلون ماسك، إلى تقليص الإنفاق وعدد الموظفين في مختلف المؤسسات الحكومية. 

واجتمع رئيس أركان الجيش، الجنرال راندي جورج، ووزير الجيش، دانيال دريسكول، مؤخراً مع نائب الرئيس، جي دي فانس، لشرح خطة الجيش لتحديث قدراته بالتزامن مع إجراء خفض في مجالات أخرى، بحسب مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية “البنتاجون”. وقد وقع وزير الدفاع، بيت هيجسيث، هذا الأسبوع توجيهاً يدعم فيه الخطة.

وقال الجنرال جورج في تصريحات للصحيفة: “لن نطلب أموالاً إضافية.. ما نريده هو إنفاق الأموال التي لدينا بشكل أفضل”.

ويعتزم الجيش الأميركي وقف شراء مركبات “هامفي” التي استخدمها لعقود كمركبة متعددة المهام، كما سيتوقف عن شراء مركباته التكتيكية الخفيفة المشتركة. 

وسيتوقف الجيش أيضاً عن شراء دبابات “إم 10” الخفيفة، التي تبين أنها أثقل وأقل فعالية مما كان متوقعاً عند بدء المشروع قبل 10 سنوات. كما يخطط لإحالة بعض مروحيات “أباتشي” الهجومية القديمة إلى التقاعد. ويُتوقع أن يسهم تقليص عدد الموظفين المدنيين في توفير المزيد من التكاليف، وفقاً للصحيفة. 

تحديث الفرق

وقال دريسكول، إن ثلاثة ألوية، وهي تشكيلات قتالية تضم ما بين 3 آلاف إلى 5 آلاف جندي وتشكل الفرق، باتت مزودة بالفعل ببعض الأنظمة المُسيرة الجديدة. ويهدف الجيش إلى تحويل بقية الفرق العاملة إلى النظام الجديد خلال عامين. وتتألف الفرقة الواحدة عادة من ثلاثة ألوية. 

أما الفرق التي لم تبدأ بعد في تبني التكنولوجيا الجديدة، فعادة ما تمتلك نحو 12 مُسيرة استطلاع بعيدة المدى فقط، وهي طائرات دخلت الخدمة منذ أكثر من 10 سنوات. 

وتخلى سلاح مشاة البحرية الأميركية “المارينز” عن استخدام الدبابات، في خطة تهدف إلى إنشاء فرق قتال صغيرة مزودة بصواريخ، تتحرك من جزيرة إلى أخرى في غرب المحيط الهادئ لاستهداف الأسطول الصيني في حال نشوب نزاع. 

ولا تزال خطة الجيش، التي تهدف إلى تعزيز قدراته في آسيا وأوروبا، تشمل اقتناء دبابات جديدة وصواريخ بعيدة المدى، إلى جانب أنظمة تقليدية أخرى. 

وسيتعين على القاعدة الصناعية الأميركية التوسع لإنتاج أحدث التقنيات التي يحتاجها الجيش. ويقول مسؤولون أميركيون، إن أوكرانيا صنعت العام الماضي أكثر من مليوني طائرة مُسيرة، غالباً باستخدام مكونات صينية، إلا أن الجيش الأميركي غير مسموح له باستخدام أجزاء مصنعة في الصين، بحسب “وول ستريت جورنال”. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *