تعتزم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، طرح رؤيتها لإدارة قطاع غزة في منتصف يناير المقبل، بما يشمل تشكيل “هيئة رقابية دولية”، و”كيان مدني لإدارة شؤون القطاع” بعد الحرب، تمهيداً لإبعاد حركة “حماس” عن حكم القطاع، وتأتي هذه الخطوة في ظل تباينات قائمة مع إسرائيل بشأن آليات التنفيذ على الأرض، وسط قلق دولي متزايد إزاء الوضع الإنساني وتعقيدات إدارة المرحلة المقبلة من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. 

ودخلت خطة السلام الأميركية في قطاع غزة، والمشكلة من 20 بنداً، حيز التنفيذ في أكتوبر الماضي. ووفق المرحلة الثانية، فمن المقرر أن يتم تشكيل حكومة فلسطينية من التكنوقراط في غزة، ونزع سلاح حركة “حماس”، وانسحاب القوات الإسرائيلية، والشروع في جهود إعادة إعمار القطاع.

وكانت تقارير أميركية وإسرائيلية، أشارت إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتعمد تأجيل تنفيذ المرحلة الثانية من الخطة، وبدلاً من ذلك يضغط من أجل نزع سلاح “حماس” قبل انسحاب القوات الإسرائيلية.

وقالت قيادات “حماس” إن نزع السلاح الكامل يجب أن يتم بالتوازي مع إحراز تقدم نحو دولة فلسطينية مستقلة. وعند سؤاله عما إذا كان قلقاً من أن إسرائيل لا تتحرك بسرعة كافية نحو المرحلة الثانية من الخطة، قال ترمب خلال لقائه نتنياهو في فلوريداً، إن ” تل أبيب التزمت بالخطة”.

وذكرت مصادر إسرائيلية أن واشنطن وتل أبيب سيمنحان حركة “حماس” فترة شهرين لنزع سلاحها. وقد علمت صحيفة “يسرائيل هايوم” أن هذا الاتفاق تم خلال اجتماع عقد بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب في منتجع مارالاجو.

أبرز بنود المرحلة الثانية من اتفاق غزة

  • إنشاء “مجلس السلام” وذراعه التنفيذية “قوة الاستقرار الدولية”.
  • انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى “الخط الأحمر” لتصبح مساحة المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل تعادل نحو 20% من مساحة قطاع غزة.
  • بموجب الاتفاق، يُحظر على إسرائيل احتلال القطاع أو ضمه بشكل دائم.
  • خطة التعامل مع سلاح الفصائل الفلسطينية، وتدمير ما تبقى من أنفاق في قطاع غزة.
  • تشكيل حكومة فلسطينية من التكنوقراط لإدارة شؤون القطاع.
  • بدء خطة إعادة إعمار القطاع وإزالة الركام والأنقاض.

وفي الوقت نفسه، تعمل فرق متخصصة من كلا البلدين (الولايات المتحدة وإسرائيل) على وضع معايير واضحة ومتفق عليها لتحديد ماذا يعني نزع سلاح “حماس” عملياً، فيما نقلت الصحيفة الإسرائيلية، أن مسؤولين إسرائيليين أعربوا عن قلقهم من سعي “حماس” إلى الاحتفاظ بمعظم الأسلحة والقدرات العسكرية التي تمتلكها حالياً، مشيرة إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة تتفقان على أن مثل هذا السيناريو سيكون غير مقبول.

فتح معبر رفح خلال أيام

بعد بدء المرحلة الأولى من الخطة في أكتوبر، والتي تخللتها “هدنة هشة” وصفقة لتبادل الأسرى والمحتجزين، سعت الولايات المتحدة إلى الانتقال إلى المرحلة التالية، التي يُفترض أن تشهد إقامة آليات حكم وأمن تتولى إدارة غزة بعد الحرب بدلاً من حركة “حماس”.

وتدعو خطة ترمب لوقف إطلاق النار في غزة، إسرائيل إلى الانسحاب من القطاع، و”حماس” إلى التخلي عن أسلحتها والتخلي عن أي دور للحكم في القطاع. وتضمنت المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار انسحاباً إسرائيلياً جزئياً، وزيادة في المساعدات وتبادل المحتجزين مقابل معتقلين وسجناء فلسطينيين.

وسبق أن أعلن رئيس “حماس” في قطاع غزة ورئيس وفدها المفاوض، خليل الحية، أن الحركة منفتحة لدراسة أي مقترحات بشأن السلاح، لكن بشرط أن “تحافظ المقاومة على سلاحها كحق كفلته القوانين الدولية”.

وقال مسؤول أميركي لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، إن السياسات الإسرائيلية ساهمت في تعقيد عملية الانتقال إلى المرحلة الثانية، لافتاً إلى ما اعتبرته واشنطن أحياناً ضربات غير ضرورية للجيش الإسرائيلي على غزة، واعتراض إسرائيل على الدور التركي في القطاع، الذي ترى الإدارة الأميركية أنه ضروري لكبح “حماس”، إضافة إلى رفض تل أبيب إعادة فتح معبر رفح بين مصر وغزة في الاتجاهين.

وأضاف المسؤول أن ترمب وكبار مساعديه، أثاروا هذه القضية الأخيرة خلال اجتماعهم مع نتنياهو الاثنين، في ويست بالم بيتش، ويعتقدون أن النداءات الخاصة ستؤدي إلى إعلان إسرائيلي في الأيام المقبلة عن فتح معبر رفح بشكل كامل.

وحتى الآن، ترفض إسرائيل السماح بدخول المدنيين إلى غزة، قبل استعادة جثمان آخر محتجز، وهو الرقيب أول في الشرطة الإسرائيلية ران جفيلي.

ورغم أن ترمب، قال للصحافيين، الاثنين الماضي، إنه ملتزم بتأمين استعادة جثمان جفيلي، فإنه لم يربط الانتقال إلى المرحلة الثانية بعودة رفاته. ويعتقد الرئيس الأميركي أن إظهار جبهة موحّدة مع نتنياهو سيجعل رئيس الوزراء الإسرائيلي أكثر مرونة تجاه بعض الطلبات الأميركية، بما في ذلك تلك التي قد تُغضب شركاءه في الائتلاف اليميني المتطرف أو تعرّضه لانتقادات خصومه في عام انتخابي، وفق المسؤول الأميركي.

إحباط أميركي متزايد

وبحسب المسؤول نفسه، فإن ترمب يعتقد حالياً أن الخلافات العلنية مع نتنياهو لن تخدم مصالحه السياسية أو الاستراتيجية، لا سيما فيما يتعلق بقطاع غزة، حيث يهدف إلى الإعلان خلال أسابيع عن الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطته للسلام. 

وقال المسؤول الأميركي: “بينما شعر بعضنا ممن يعملون مع الرئيس بالإحباط من نتنياهو، واعتبرنا أنه يماطل في تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة، فقد تم عمداً إبعاد الرئيس عن هذه النقاشات”.

وخلال اجتماع فلوريدا، أعرب ترمب عن قلقه إزاء تصاعد عنف المستوطنين، وتوسع الاستيطان، والسياسات الإسرائيلية التي قد تؤدي إلى انهيار السلطة الفلسطينية، بحسب المسؤول الأميركي، الذي شدد في الوقت ذاته على أن المحادثة كانت ودية وأن نتنياهو بدا متقبلاً للمخاوف الأميركية.

وأشار المسؤول إلى أن تجنب الخلافات العلنية مع نتنياهو كان نهجاً حاول اتباعه أيضاً الرئيس السابق جو بايدن، لا سيما في الأيام الأولى من حرب غزة، فيما عُرف آنذاك بسياسة “عناق الدب”.

لكن المسؤول قال إن هذا النهج كان يُنتهك مراراً من قبل بايدن ومساعديه، الذين انتقدوا بشدة السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين وتجنبوا إظهار الدعم العلني لنتنياهو على النحو الذي يتبعه ترمب. وأضاف: “نتنياهو كان يسعى إلى الاحتكاك مع بايدن. أما مع الرئيس ترمب، فهو يتجنبه”.

وبالإضافة إلى اعتقاده بأن الخلافات العلنية مع نتنياهو لن تخدم أجندته في الشرق الأوسط، لا يرغب ترمب أيضاً في تنفير بعض من أكثر أنصاره ولاء، بحسب مصدر جمهوري تحدث لموقع “تايمز أوف إسرائيل”.

وأضاف المصدر، أن ترمب سعى إلى الحفاظ على دعم معسكر “ماجا” MAGA، لكنه جعل من الواضح أنه يعطي الأولوية للجانب المؤيد لإسرائيل، مشيراً إلى حرصه على عدم إغضاب المتبرعة الجمهورية الكبرى مريام أدلسون، ومعلق قناة فوكس نيوز مارك ليفين، وكلاهما من الداعمين القدامى لنتنياهو.

ودعا ترمب كليهما إلى الصعود على المسرح خلال حفل حانوكا في البيت الأبيض هذا الشهر، حيث أعرب عن أسفه لتراجع “اللوبي اليهودي” ودعم إسرائيل في الكونجرس، متعهداً في الوقت نفسه بعدم الانسياق وراء هذا التوجه.

شاركها.