واشنطن: نعتمد نهجاً حذراً ولن نتسرع في رفع العقوبات عن سوريا

وصف كبير مسؤولي مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأميركية تيم ليندركينج، الخميس، نهج الولايات المتحدة مع الإدارة السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع بـ”الحذر”، لكنه أشار إلى وجود “فرصة حقيقية لبناء الثقة”، مع الولايات المتحدة في حال “بدأوا بالعمل، وتلبية مطالب واشنطن”.
وأشار ليندركينج في مقابلة بالفيديو مع ديلانو روزفلت، الرئيس التنفيذي لـ”المجلس الوطني للعلاقات الأميركية-العربية”، إلى أن “العديد من رؤساء الدول، ووزراء الخارجية العرب الذين يزورون واشنطن يتحدثون عن سوريا، ولكل منهم وجهة نظر يرغب في مشاركتها معنا”، لافتاً إلى أنهم “يشجعون الولايات المتحدة بقوة ونشاط على الانخراط مع القيادة الجديدة، نحن لم نصل إلى هذه المرحلة بعد، بصراحة”.
وأوضح أن بلاده تبحث عن “فرصة يمكننا من خلالها بناء الثقة مع القيادة السورية الجديدة”.
واعتبر أن “هذه ليست أموراً يمكن معالجتها بين ليلة وضحاها”، لكنه أعرب عن رغبة بلاده في “الانخراط مع القيادة السورية، ومعرفة ما إذا كانت جادة بالفعل في طي صفحة ماضيها، وأيديولوجياتها السابقة”.
ووصف ليندركينج تصريحات الحكومة السورية الجديدة بأنها “لافتة للغاية”، وأضاف: “إذا بدأوا بالعمل فعلياً.. والاستمرار في المسارات التي التزموا بها بأنفسهم، فهناك فرصة حقيقية لبناء الثقة مع الولايات المتحدة، مما قد يقود إلى أمور أكبر وأفضل بكثير”.
العقوبات الأميركية
وعن مدى رغبة الولايات المتحدة في رفع العقوبات عن سوريا، قال المسؤول الأميركي إن هذه العقوبات “لن تُرفع بين عشية وضحاها، ولن نتسرع في العودة، كما فعلت بعض الدول”.
وأردف: “ليس من دورنا أن نُملي على الآخرين كيفية التعامل مع هذه القضية، لكننا نلاحظ وجود حركية من بعض شركائنا حول العالم لإعادة فتح السفارات، ورفع الأعلام، نحن ببساطة لم نصل إلى تلك المرحلة بعد”.
ووصف ليندركينج نهج الولايات المتحدة مع سوريا بأنه “حذر”، وأضاف: “بعض الدول أسرعت في الانخراط، ونحن على تواصل معها، ومع مجموعة السبع، ومع اليابان، والشركاء الأوروبيين، والعديد من الشركاء العرب، بشأن كيفية التعامل مع هذه الحكومة”.
وعن أبرز مطالب الولايات المتحدة من الحكومة السورية، قال المسؤول الأميركي: “لقد أوضحنا لهم بشكل محدد ما الذي نريده. لا نريد أن يكون الأمر لعبة تخمين من طرف القيادة السورية، لدينا أمور محددة نريد منهم القيام بها لبناء الثقة”.
وأشار إلى أنه في حال كانت الحكومة السورية على “استعداد للقيام بهذه الأمور التي لا نراها مستحيلة، فإننا لا نُعدّ العلاقة للفشل، بل نريدها أن تنجح، وهذه أمور التزمت بها القيادة السورية علناً وسراً”.
وتحدث ليندركينج عن سعي الولايات المتحدة للبحث عن معلومات حول الأميركيين المفقودين في سوريا، بينهم الصحافي آستون تايس، داعياً الحكومة السورية إلى “التعاون” لتحديد مصيرهم.
الوجود الإيراني
وبشأن الملف الإيراني، أعرب المسؤول الأميركي عن “حرص” و”عزم” الولايات المتحدة على “التأكد من أن إيران لن تستعيد موطئ قدم في سوريا”.
وتابع: “نعلم أن إيران لا تزال تحاول استغلال هذه المرحلة الانتقالية”، ولذلك “يجب ألا يكون للجماعات المدعومة منها وجود في سوريا”.
واعتبر أن هذا “يشكل تهديداً مباشراً لمصالحنا ولأمن إسرائيل”، وأضاف: “دعونا نبقي إيران خارج سوريا”.
وتطرق ليندركينج إلى اعتماد بلاده على الحكومة السورية في “محاربة الإرهاب”، وقال: “لا نزال ملتزمين بهذه المهمة، وأُشيد بالدور الحاسم الذي تلعبه قوات سوريا الديمقراطية في تقويض داعش”.
ووقّعت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” التي يقودها الأكراد، بدعم من الولايات المتحدة، الشهر الماضي، اتفاقاً مع دمشق بشأن دمج الهيئات الحاكمة وقوات الأمن في الحكومة المركزية.
ووصف ليندركينج هذا الاتفاق بأنه “تطور مهم”، وقال: “نتابع كيف تتطور وتنُفّذ (الحكومة السورية) اتفاقات وقف إطلاق النار في أماكن مثل حلب ودير الزور والرقة. ندرك أن تنفيذ هذه الاتفاقات مليء بالتحديات، لكن الأطراف يجب أن تتوصل إلى حل يضمن عدم عودة داعش أو أي جماعة إرهابية أخرى مجدداً إلى سوريا”.
الأسلحة الكيميائية
وشدد المسؤول الأميركي، على أهمية “تدمير جميع الأسلحة الكيميائية والمكونات المرتبطة بها في سوريا”، لافتاً إلى أن هناك “تفاعل إيجابي من السلطات السورية مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في المرحلة الثانية، وهذا بداية واعدة، لكننا بحاجة لرؤية تحديد وتدمير هذه الأسلحة”.
وأشار إلى ضرورة أن “تتبنى سوريا مبادئ عدم الاعتداء على الدول المجاورة، وأن تواجه من يسعون لزعزعة استقرار المنطقة”.
وأكد حق سوريا في “امتلاك بنية عسكرية وأمنية خاصة بها، لكننا نراقب تنفيذ ذلك عن كثب، وهو مجال أكثر صعوبة، لكنه مهم جداً بالنسبة لنا”، داعياً الحكومة السورية إلى “التأكد من أن المقاتلين الأجانب ليس لهم أي دور في حكومة سوريا أو جيشها”.
وأضاف: “يجب أن نرى السلطات السورية تبدأ بطرد جميع المقاتلين الأجانب من المناصب الرسمية، كدليل على التزامهم باستقرار سوريا والمنطقة”.
وأردف: “هناك سوريون مؤهلون، داخل سوريا وخارجها، وهم قادرون على تولي المناصب الحكومية والأمنية المهمة. نريد أن نراهم يعودون ويخدمون في عصر سوريا الجديد”.
كما شدد المسؤول الأميركي على الحاجة لـ”رؤية جيش سوري يحمي جميع أبناء الشعب السوري، لا أن يهدد جهودهم”.
واعتبر أن “سوريا تقف في لحظة فريدة من نوعها. كثير منا يشعر بشدة بأهمية الفرصة المتاحة. لسوريا دور بالغ الأهمية تلعبه في منطقة شديدة التقلب، ونادراً ما تواجه الدول نقاط تحول مميزة كهذه”.
وحث ليندركينج الحكومة السورية على اختيار “سياسات تعزز الاستقرار لمواطني سوريا، وتضمن السلام مع جيرانها، وتُطوّر اقتصادها، وتفضي إلى تعاون قائم على حسن النية مع المجتمع الدولي”.
ولفت إلى أن هذا الأمر “قد يستغرق وقتاً، لكن إذا تقدمت السلطات السورية بطريقة مدروسة، وتعاونت معنا في وضع خارطة الطريق للمستقبل، فأنا واثق أننا نستطيع بناء علاقة أقوى وأكثر ثقة”.
وتابع: “سوف ننظر في تخفيف العقوبات، بشرط أن تتخذ السلطات السورية المؤقتة خطوات ملموسة في الاتجاهات التي أوضحتها. نحن نريد لسوريا أن تحصل على فرصة ثانية”.