15 يونيو 2025Last Update :

صدى الإعلام – الكاتب: باسم برهوم – ماذا تعني محاولة واشنطن منع الاعتراف المتدحرج وبقوة بالدولة الفلسطينية، وهذا بحد ذاته دليل آخر ان المعركة الدبلوماسية بخصوص الدولة هي الأهم والأخطر في نظر الحكومة الإسرائيلية المتطرفة. وهي اكثر ما يخيف المشروع الصهيوني، وداعميه هو ان تعترف الدول، وخاصة الفاعلة منها، بالدولة الفلسطينية وتصبح حقيقة موجودة على الخارطة العالمية ولا يمكن تجاوزها والقفز عن حقيقتها، لأنها سرعان ما تمتلك اقليمها وسيادتها على أرضها.

بالنسبة للصهيونية فالمسألة معروفة، وخاصة للحكومة المتطرفة، فإن الدولة الفلسطينية تمثل التهديد الأخطر لمشروعها التوسعي، الذي يتمثل بالاستيلاء على مزيد من الأراضي وبناء المستوطنات، وجود دولة فلسطينية معترف بها يمثل نهاية لمشاريع الصهيونيين المتطرفين.

ولكن السؤال: لماذا تدخل واشنطن بهذه القوة لمنع الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟

بشكل عام السياسة الأميركية تعتبر إسرائيل الامتداد الطبيعي لها في الشرق الأوسط، وهذا من بين ما يعني، هو المحافظة على إسرائيل والدفاع عنها، ومدها بكل اشكال التفوق على كل جيرانها، ويعتبر هذا الموقف الثابت الذي يمثل اجماعا في الولايات المتحدة الأميركية، فأمن إسرائيل يصل إلى درجة القداسة في السياسة الأميركية، ولا يختلف بشأنه لا جمهوري ولا ديموقراطي. ولكن هناك في والولايات المتحدة ما يضيف لهذا الموقف، ولهذا المقدس، بعدا إيديولوجيا لاهوتيا، ينطلق من مقولات المسيحية الصهيونية، التي تعتقد ان إسرائيل اليهودية النقية هي الطريق للخلاص، وهنا قد يأتي الفارق بين إدارة اميركية واخرى، من زاوية مدى تأثير المسيحيين الصهاينة في الإدارة.

انطلاقا من ذلك نلاحظ ان إدارة تتحدث عن حل الدولتين، وأخرى تذهب إلى رفض وجود الدولة الفلسطينية بتاتا. وحتى الادارات التي تتحدث عن دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل وقابلة للحياة، فهي لا ترى هذه الدولة كما أي دولة أخرى كاملة السيادة، وإنما دولة مرتبطة كليا مع الأمن الإسرائيلي ومنزوعة السلاح، لكنها دولة معترف بها، ومن وجهة نظر هؤلاء ان ولادة الدولة الفلسطينية مشروطة بموافقة إسرائيل، فلا إمكانية ان يتم ذلك خارج الموافقة الإسرائيلية، لذلك ترك حل الدولتين رهينة بيد الحكومات الإسرائيلية، وكان باستمرار هناك ما يبرر عدم التقدم باتجاه هذا الحل، او حكومات كالحكومة الحالية، هي لا ترفض فكرة حل الدولتين، بل تعمل ليل نهار لتقويض هذا الحل على الأرض.


اقرا\ي أيضاً| وزير الخارجية الفرنسي يشدد على ضرورة توفير الظروف لقيام الدولة الفلسطينية


اما الادارة الأميركية الحالية فهي كما الحكومة اليمينية في إسرائيل ترفض أي إلتزام بحل الدولتين، بل هي تطارد كل من يحاول أو يقرر الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ومن الواضح ان هناك تأثيرا قويا داخل هذه الادارة للمسيحيين الصهاينة والذين هم أكثر تشددا من الصهيونية اليهودية ذاتها. يبقى هناك هامش بسيط موجود هو الرئيس ترامب نفسه، فهو شخص براغماتي برغم ما يبدو عليه انه عقائدي متشدد، فهذا الرئيس هو رجل المصالح، ومن يكون كذلك هو بالضرورة، وبالرغم من تشدده يبقى براغماتيا، ويمكن التعامل معه ولكن بحذر وذكاء شديد.

مطاردة الاعتراف بالدولة ليس هو الحل لأن تأجيل وجود الدولة الفلسطينية، المتعايشة مع القانون الدولي، وتقاليد العمل الدولي المتعارف عليها، هو وصفة لاستمرار العنف وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط والعالم. الدولة الفلسطينية ضرورة لأمن واستقرار المنطقة، والقيادة الفلسطينية الشرعية تريد وترغب ان تقوم الدولة الفلسطينية ضمن اتفاق مع إسرائيل، لأنها تريد أن تكون في حالة متعايشة مع جيرانها، ولكن ما العمل إذا واصلت الحكومة الإسرائيلية عدم قبول هذا الواقع؟

هذا السؤال بالتحديد موجه أساسا إلى إدارة ترامب فهي من يملك القدرة على الاجابة عليه.

شاركها.