في خطوة وُصفت بالتحول النوعي في آليات الرقابة الداخلية، أعلنت وزارة الداخلية السورية افتتاح أول دائرة مختصة باستقبال شكاوى المواطنين المتعلقة بالتجاوزات الأمنية والشرطية، وذلك في مقرّها الكائن خلف مبنى الوزارة القديم في حيّ المرجة بالعاصمة دمشق.
يأتي هذا الافتتاح ضمن خطة استراتيجية وضعتها الوزارة لتعزيز الشفافية والعدالة داخل المؤسسة الأمنية، ولإتاحة الفرصة أمام المواطنين لممارسة حقهم في التظلم والمساءلة ضمن إطار قانوني ومُنظم.
نقلة مؤسساتية نحو العدالة
أوضح المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، خلال حديث لوكالة ستيب نيوز أن الهدف من هذه الخطوة هو “حماية حقوق المواطنين ورفع المظالم ضمن المؤسسة الأمنية”.
وأضاف: “سيكون هناك تطبيق إلكتروني لتلقي الشكاوى، حتى نُريح المواطن من عناء الذهاب والعودة. الجميع في وزارة الداخلية، من معالي السيد وزير الداخلية حتى أصغر منتسب، تحت سقف القانون وتحت سقف المساءلة.”
وأشار إلى أن العمل جارٍ على تطوير منصّة إلكترونية ذكية لتلقي الشكاوى بسرية تامة، لكنه أكد أن استقبال الشكاوى يدويًا لا يزال الخيار الأفضل في المرحلة الحالية لتفادي الشكاوى الكيدية أو المضللة.
منهجية العمل في مركز الشكاوى
المركز يعمل على مدار الـ24 ساعة، ويضم طاقمًا إداريًا متخصصًا باستقبال وتوثيق وتحويل الشكاوى إلى الإدارات المختصة، ضمن سلسلة إجرائية واضحة تضمن متابعة كل شكوى حتى إصدار القرار المناسب بشأنها.
وحول ذلك صرّح اللواء أحمد لطوف، معاون وزير الداخلية للشؤون الشرطية، بأن الشكوى تُحال مباشرة من مكتب الشكاوى إلى مكتب معاون الوزير خلال 24 ساعة، ثم تُحوَّل إلى الإدارة المختصة.
وبحسب قوله: “يُتخذ الإجراء بناءً على الإحالة، فإن كانت الشكوى ضد شرطي وثبتت المخالفة، تُحال القضية إلى إدارة القضايا والملاحقات القضائية والمسلكية، وقد يصل الإجراء إلى فصل أو طرد الشرطي من الخدمة في حال الإساءة الشديدة إلى المواطن.”
وأردف: “نحن نعمل على مدار الساعة، وإن شاء الله سترون استقبالًا جديًا لكل الشكاوى. لن يعود أحد دون أن يُقدم شكواه، والرد عادة لا يتجاوز أسبوعًا.”
وزارة الداخلية السورية نحو تغطية وطنية شاملة
وأعلنت وزارة الداخلية السورية أن افتتاح مركز دمشق سيكون البداية فقط، إذ من المخطط أن يتم توسيع التجربة لتشمل خمس محافظات رئيسية، وهي: حمص (المنطقة الوسطى)، اللاذقية (الساحلية)، حلب (الشمالية)، دير الزور (البادية)، بالإضافة إلى دمشق (المنطقة الجنوبية).
وأكد اللواء لطوف أن هذه التوسعة تهدف إلى تعزيز حضور مؤسسات الرقابة الداخلية في كافة الجغرافيا السورية، مشيرًا إلى أن الشكاوى قد تتعلق بمخالفات فردية أو إدارية، مثل “عوائق في استخراج جوازات السفر بسبب إشارات قديمة أو غير محدثة”، مؤكدًا أن “كل شكوى تُعالج وفق الأصول القانونية ويتم تحويلها للجهة المختصة”.
شهادات مواطنين
وأعرب عدد من المواطنين عن ارتياحهم لافتتاح الدائرة، مشيدين بحُسن التعامل وشفافية الإجراءات. وقال أحد المراجعين لوكالة ستيب نيوز: “اليوم تم افتتاح دائرة الشكاوى في محافظة دمشق، هذه الدائرة تتيح للمواطنين تقديم شكاواهم ومتابعتها، كانت معاملة الموظفين من أفضل ما يكون، وكلهم من الناس المحترمين. نتمنى لهم التوفيق جميعًا.”
مساءلة فعالة وبداية لثقافة مؤسساتية جديدة
يمثل افتتاح أول دائرة للشكاوى الأمنية في دمشق تحولًا حقيقيًا نحو تفعيل ثقافة المساءلة داخل جهاز وزارة الداخلية السورية، وتوفير قناة مباشرة للمواطنين للتعبير عن مظالمهم وتقديم شكاواهم دون خوف أو تردد، وبينما تتجه الوزارة نحو تعميم التجربة، تترقب الأوساط الحقوقية والشعبية مدى فعالية هذه الآلية في تحقيق العدالة وضمان الشفافية، ضمن بيئة مؤسساتية أكثر انفتاحًا واستجابة لمطالب الشارع السوري.
المصدر: وكالة ستيب الاخبارية