نشرت وزارة العدل الأميركية على موقعها الإلكتروني أوامر عفو تحمل “نسخاً متطابقة” من توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قبل أن تُجري هذا الأسبوع تصحيحاً سرياً عليها، معلّلة ذلك بأنه ناجم عن “خطأ تقني”، حسبما ذكرت وكالة “أسوشيتد برس”.
وجاءت الاستبدالات بعدما لفت معلّقون عبر الإنترنت الانتباه إلى التشابه اللافت في توقيع الرئيس على مجموعة من أوامر العفو المؤرخة في 7 نوفمبر، بما في ذلك تلك الممنوحة للاعب السابق داريل ستروبري، ورئيس مجلس النواب السابق جلين كاسادا، والرقيب السابق في شرطة نيويورك مايكل ماكماهون.
وأكد خبيران في فحص الوثائق للوكالة أن التوقيعات الواردة في عدة مراسيم أُدرجت أول مرة على موقع الوزارة “كانت متطابقة بالفعل”.
وخلال ساعات من الجدل عبر الإنترنت، استبدلت الوزارة النسخ المنشورة بأخرى لا تحمل توقيعات متطابقة، مؤكدة أن ترمب، الذي دأب على السخرية من استخدام سلفه جو بايدن لقلم التوقيع الآلي، وقّع بنفسه جميع أوامر العفو الصادرة في 7 نوفمبر.
وأرجعت الوزارة الخطأ إلى “مشكلات تقنية” ونقص في الموظفين، مشددة على أن ذلك لا يؤثر في صحة إجراءات العفو.
وتأتي التساؤلات بشأن توقيع ترمب في ظل موجة جديدة من قرارات العفو، وبعد أسابيع من ادعائه أنه لا يعرف حتى تشانج بينج تشاو، الملياردير في مجال العملات الرقمية الذي منحه عفواً الشهر الماضي.
“خطأ تقني”
وقال توم فاستريك، خبير الكتابة اليدوية، ورئيس الجمعية الأميركية لفاحصي الوثائق: “من المبادئ الأساسية في علم تحديد الهوية من خلال الخط أنه لا يمكن أن يكون هناك توقيعان يحملان التصميم نفسه تماماً في كل تفاصيله”. وأضاف، بعد مقارنة الصور المتطابقة بالنسخ المستبدلة: “الأمر واضح للغاية”.
وقال المتحدث باسم وزارة العدل، تشاد جيلمارتن: “تم تحديث الموقع بعد خطأ تقني أُعيد خلاله رفع أحد التوقيعات التي وقّعها ترمب شخصياً عدة مرات عن طريق الخطأ، نتيجة مشكلات في الموظفين تسببت بها عملية الإغلاق التي فرضها الديمقراطيون”.
وأضاف جيلمارتن للوكالة: “لا توجد قصة هنا سوى أن الرئيس ترمب وقّع 7 قرارات عفو بخط يده، وأن وزارة العدل نشرت هذه المراسيم السبعة بالتوقيعات السبع الفريدة على موقعنا”.
من جانبها، ذكرت نائب المتحدثة باسم البيت الأبيض، أبيجيل جاكسون، في رسالة عبر البريد الإلكتروني أن ترمب “وقّع كافة هذه القرارات بخط يده، كما يفعل مع جميع أوامر العفو الأخرى”.
وأضافت: “ينبغي للإعلام أن يوجّه جهوده للتحقيق في أوامر العفو التي لا تُحصى، والتي وُقّعت باستخدام قلم التوقيع الآلي في عهد بايدن، بدلاً من تغطية قصة غير موجودة”.
انتقاد لبايدن وتبرير لترمب
وكان ترمب من أبرز المنتقدين لاستخدام بايدن لقلم التوقيع الآلي في القرارات التنفيذية، إلى حد أنه عرض صورة لأحد هذه الأقلام بدلاً من صورة سلفه في “ممشى المشاهير الرئاسي” الجديد الممتد على طول الرواق الغربي.
وفي الشهر الماضي، وجّه حلفائه الجمهوريون في الكونجرس انتقادات حادة لما وصفوه بـ”تراجع القدرات” لدى بايدن وحالته الذهنية خلال ولايته، معتبرين استخدامه لقلم التوقيع الآلي “واحداً من أكبر الفضائح في تاريخ الولايات المتحدة”.
وقال الجمهوريون إن نتائجهم تلقي بظلال من الشك على جميع أفعال بايدن في منصبه، ووجّهوا رسالة إلى المدعية العامة بام بوندي يطالبون فيها بإجراء تحقيق كامل.
وخلصت لجنة الرقابة في مجلس النواب إلى أن “كبار مسؤولي البيت الأبيض لم يكونوا يعرفون من يشغّل قلم التوقيع الآلي، وأن استخدامه لم يكن مضبوطاً أو موثقاً بشكل كافٍ لمنع إساءة استخدامه”.
وأضافت اللجنة: “نعتبر جميع الإجراءات التنفيذية الموقّعة بواسطة قلم التوقيع الآلي لاغية ما لم تكن هناك موافقة خطية معاصرة وموثقة تعود إلى الرئيس نفسه”.
الجمعة، أصدرت اللجنة، التي يسيطر عليها الجمهوريون، بياناً اعتبرت فيه أن استخدام ترمب المحتمل لتوقيع إلكتروني أمر مشروع، مميّزة ذلك عن حالة بايدن.
لكن النائب الديمقراطي ديف مين، عضو لجنة الرقابة، استغل التشابه الظاهر في النسخة الأولية من أوامر العفو، ودعا إلى فتح تحقيق، مستشهداً بحجج الجمهوريين ضد بايدن، قائلاً: “نحتاج إلى فهم أفضل لمعرفة من يدير البيت الأبيض بالفعل، لأنه يبدو أن حالة ترمب تتدهور”.
ومع ذلك، يؤكد خبراء قانونيون أن استخدام قلم التوقيع الآلي لا يؤثر على صحة مراسيم العفو.
وقال فرانك بوومان، المؤرخ القانوني والأستاذ في كلية القانون بجامعة ميزوري: “الأساس في صحة العفو هو ما إذا كان الرئيس ينوي بالفعل منحه”. وأضاف: “إعادة التوقيع تبدو محاولة واضحة، وسخيفة إلى حد ما، لتجنب المقارنة مع بايدن”.
وأشارت الوكالة إلى أن جزءاً كبيراً من قرارات العفو التي أصدرها ترمب خُصص لحلفائه السياسيين وممولي حملاته الذين ادّعوا أنهم ضحايا “وزارة عدل مُسَيّسة”. كما تخلّى الرئيس الأميركي إلى حد كبير عن العملية التاريخية التي كانت تُشرف عليها شخصيات غير سياسية في وزارة العدل.
