وزير الدفاع السوري: سنبني جيشاً جديداً يحبه الشعب
بعدما تناولت الحلقة الأولى من حوار “المجلة” مع وزير الدفاع في الإدارة السورية الجديدة اللواء مرهف أبو قصرة (أبو حسن 600) تفاصيل الإعداد لمعركة “ردع العدوان” في 27 نوفمبر وإسقاط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر، تتناول الحلقة الثانية والأخيرة الجهود التي يبذلها اللواء أبو قصرة لتشكيل الجيش الجديد وحل الفصائل والتهديدات الخارجية.
يقول في حديثه لـ”المجلة”: “الشعب السوري يكره الجيش العربي السوري كرهاً كبيراً، وسنسعى إن شاء الله لترميم هذه الفجوة. رسالة إلى الشعب السوري أن هذا الجيش هو جيشكم هو جيش للدفاع”. ويضيف: “يدخل الفصيل إلى الوزارة، هناك هيكلية، وهذا الفصيل يجب أن ينزل على الهيكلية وتطبق عليه الهيكلية. أما أن يدخل فصيل ويبقى جسماً كما هو فلا نكون أنشأنا وزارة دفاع”، مؤكداً: “الفصيل الذي سيدخل لا يجوز أن يقول إنه يريد أن يبقى كتلة، والأصلح أن تدخل الفصائل في وزارة الدفاع وتندمج معها وتلتزم بقوانينها”.
كما تناول العلاقات والتهديدات الخارجية لسوريا، قائلاً: “إسرائيل يجب أن توقف تجاوزاتها في الأراضي السورية وهناك مساع كبيرة جداً لإيقاف هذه الأمور. نقول إن البلد تعب من الحرب وليس لدينا أي استعداد أن تحصل أي إشكالية مع أي أحد. الآن سوريا مدمرة، سوريا ممزقة، تحتاج إلى بناء جيش وبناء المؤسسات الخدمية والتنموية والاقتصادية”، لافتاً إلى “مساع لحل مشكلة” التهديدات الإسرائيلية.
وعن إيران، يقول وزير الدفاع: “لا نريد لإيران أن تتدخل في الشأن السوري فنحن لا نعمل داخل إيران، بل عملنا داخل سوريا فقط وعليك (كإيراني) أن تبقى في بلدك”.
وهنا نص الحلقة الثانية والأخيرة التي تتناول أيضاً العلاقات مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) ومؤتمر الحوار الوطني السوري، والعلاقات مع الدول العربية:
متى اتخذ قرار على مستوى القيادة لديكم ببدء عملية “ردع العدوان”؟
القرار كان قبل ما يقارب ثلاثة أو أربعة أشهر وبنسبة عالية جداً، إذ إن حلفاء النظام مشغولون وكلٌ في مكان.
كان القائد (أحمد الشرع) لديه بصيرة ويقول في خطاباته سنصل إلى دمشق وسنصل إلى حماة. هذا النوع من التفاؤل كان موجودا، لكن في البداية للأمانة كان الهدف التركيز على حلب
مرهف أبو قصرة، وزير الدفاع في الإدارة السورية الجديدة
متى حددتم التاريخ؟
كنا عزمنا على المعركة قبل بدئها بأشهر، بثلاثة أشهر. قبل المعركة بسنة بدأ موضوع التفكير في المعركة وقبل أشهر بدأ العمل الميداني.
إذن بدأ التفكير في شن معركة كبرى قبل سنة وبدأ التفكير في القرار قبل أشهر وبدأ الاستعداد بانتظار الظروف المناسبة؟
صحيح، قبل ثلاثة أو أربعة أشهر. وكما تذكر حصل كلام حول المعركة والنظام حشد واستعد، فصدر توجيه بتهدئة الأمور وأن نشغل العدو ونوحي أن المعركة ألغيت. ثم حدثت تهدئة ثم جرى حشد بطريقة أمنية عالية الحمد لله، حشد بطريقة فيها تمويه، ونقل القوات بطريقة مدنية.
حصل تمويه من قبلكم وأنكم ستفتحون المعركة نحو سراقب…
هنا حصلت تهدئة كبيرة واقتنع الناس واقتنع النظام أن ليس هناك معركة، في حين أن قرار المعركة كان لا يزال قائماً. الحمد لله فقد تم نقل القوات بطريقة فيها حس أمني عال جداً. استخدمنا باصات نقل داخلي ووسائل أخرى على أساس أنهم مدنيون وحشدنا القوات بطريقة جيدة. واتخذ القرار هنا خلال أسبوع. أصبحت المسألة مسألة أسبوع، ثم ثلاثة أيام ثم بدأت المعركة.
علمت أنكم اتخذتم القرار في 20 نوفمبر ثم تأجل موعد الانطلاق بسبب المطر…
الخلاصة أن القرار اتخذ لكن هناك تفاصيل لا يعرفها الناس، فأحياناً يحدث خلل في الطائرات أو في المجنزرات، قد تستفسر عن جهوزية الدبابات فتُبلّغ أن هناك أعطالاً في بعض الدبابات فنضطر إلى انتظار إصلاحها. القرار موجود وهذه الإمكانات التي تمكنا من بنائها. لو تأخر الأمر سنة أخرى ربما كانت أمورنا تحسنت بعض الشيء لكن قد تكون الفرصة أضعف.
عندما بدأتم المعركة وقلتم إنكم ستباشرون المعركة في 25 أو 27 نوفمبر، هل كانت المعركة لتحرير حلب أم للوصول إلى دمشق؟
كان القائد (أحمد الشرع) لديه بصيرة ويقول في خطاباته سنصل إلى دمشق وسنصل إلى حماة. هذا النوع من التفاؤل كان موجوداً، لكن في البداية للأمانة كان الهدف التركيز على حلب. إذا استطعنا استرجاع حلب والمحافظة عليها وتمكين مليون نازح من العودة فسيكون ذلك إنجازاً كبيراً. ولكن أصبحت لدينا قراءة عندما تحررت حلب خلال ثلاثة أيام دخل إلى قلوبنا قناعة كبيرة أن النظام انتهى.
هناك نقطة مهمة أن المعركة لم تكن فقط قوة عسكرية بل كان هناك أيضاً جانب آخر، جانب تفاوضي وتواصلات وتطمينات لكل مكونات النسيج السوري
مرهف أبو قصرة، وزير الدفاع في الإدارة السورية الجديدة
هناك من يقول إنه ليس فقط لأنكم دخلتم حلب بل أيضاً الطريقة التي دخلتم بها إلى حلب…
حلب قسّمت إلى محاور، النظام كان لديه توقع عسكري بأن الدخول سيكون من منطقة وفق المنطق العسكري ونحن فاجأناه بمحور من جهة كبّاشين، فشكل الدخول مفاجأة، إذ تفاجأ النظام وتحقق خرق. وبدأت المحاور بالتقدم يميناً تدريجياً حتى دخلت جميع المحاور وبعدما وصلنا إلى طريق “إم 5” (حلب-دمشق) لجهة الصحافيين والراشدين وذلك الخط، وكان الهدف تطويق حلب كما كان يفعل النظام السابق. لكننا وجدنا الوضع جيداً فألغينا التطويق ودخلنا حلب الجديدة دخولاً مباشراً وتم فتح حلب وبعدها هرب النظام.
ما قصة التفجير أو تصفية الخلية الأمنية للنظام؟
حصل عمل في قلب حلب لمحاولة إنهاء موضوع حلب في أسرع وقت ممكن.
يبدو أنه كان الشرارة لإطلاق العملية…
الأعمال التي تجري خلف الخطوط أعمال مهمة جداً. عليك أن تحاول أن لا تحصل معركة كبيرة ضمن المدينة ففيها سكان ومدنيون والناس كانت تخاف. هدفنا كان تحقيق إنجاز كبير فالمحافظة التي تتحرر خلال أربعة أو خمسة أيام والناس تبقى فيها من دون حصول قصف ومن دون تهجير الناس هذا أمر مهم جداً.
التصفية كانت باختراق…
كانت عملية اقتحام عسكري عبر إدخال قوات خلف الخطوط لتعمل كما تعمل القوات.
دخلتم حلب، متى وضعتم الخطة لما بعد دخول حلب للسيطرة على حلب إذ لم يكن فقط دخولاً عسكرياً بل كان هناك جهد مدني أيضاً؟
كان هناك تحضير قبل المعركة بأنه إذا دخلنا إلى حلب فوحدات الخدمات الشرطية والخدمية والمشافي يجب أن تكون كلها جاهزة، والحمد لله كان كل ذلك مجهزاً. واليوم تجد أن وضع حلب أفضل من وضع بقية المحافظات لأنه كان هناك تحضير مسبق لها.
هناك نقطة مهمة أن المعركة لم تكن فقط قوة عسكرية بل كان هناك أيضاً جانب آخر، جانب تفاوضي وتواصلات وتطمينات لكل مكونات النسيج السوري، إذ إن النظام كان قد أقنعهم بالخطأ أن المعارضة إن دخلت سيتعاملون معكم بطريقة غير جيدة. بدّدنا كل هذ الكلام وأوصلنا رسائل للناس وكنا صادقين فيها: ابقوا في البلد عليكم الأمان إن شاء الله. وحصل ذلك، كما رأيتم الصورة في حلب ناصعة، يحصل بعض التجاوزات ولكن هذا أمر طبيعي. هذه الرسالة وصلت إلى المحافظات الأخرى وسهلت الأمور.
حصلت معركة كبرى في حماة، أليس كذلك؟
استمرت المعركة في حماة ثلاثة أيام. أكثر محور أوجع النظام هو المحور الذي بدأ من جهة حلب/ معامل الدفاع، إثريا، خناصر، باتجاه الحمرا و “اللواء 66”. هذا المحور باتجاه مدرسة المجنزرات، هذا كان أهم محور لنا وأثر على النظام تأثيراً كبيراً.
النظام توقع الهجوم من جهة جبل زين العابدين…
هو توقع من زين العابدين ولكن ذلك كان المحور الأهم لنا ثم بدأ العمل على جبل كفراع إلى شرق جبل زين العابدين الذي يطل على الأوتوستراد، وحصل بعض الصمود في جهة طيبة الإمام، معردس، قسورة، والحمد لله تم العمل على هذه المنطقة وخلال يومين أو ثلاثة تم الدخول إلى مدينة حماة وتحررت مدينة حماة.
بالنسبة إليكم، متى شعرتم أن النظام سيسقط، بعد تحرير حلب أم بعد تحرير حماة؟
بعد تحرير حلب، دخلت إلى قلوبنا قناعة بعد حلب.
عند الدخول إلى مدينة حمص كان هدفنا الوصول إلى دمشق، لا أن ندخل حمص ونبقى فيها وقتاً طويلاً. كان يهمنا فتح طريق جيد مع إبقاء قوة لتنظيف محافظة حمص
مرهف أبو قصرة، وزير الدفاع في الإدارة السورية الجديدة
لماذا؟
رأينا أن هناك انهياراً وبدأ الناس في محافظات أخرى يطلبون العفو والتحييد والأمان، ورأينا أن الأمر مسألة وقت ووصلنا إلى قناعة بعد تحرير حلب بأن النظام سيسقط.
هناك من يعتقد أن النظام حشد كثيراً في حماة وجبل زين العابدين…
صحيح، حشد كثيراً وجاء رئيس أركان النظام إلى قمحانة وحاول لملمة الأوراق وإعادة الصفوف. القناعة كانت كبيرة بعد تحرير حلب لكن بعد تحرير محافظة حماة زادت هذه القناعة فعلاً. ثم يومان في محافظة حمص وبعدها كان الدخول لدمشق جد ميسّر الحمد لله.
وصلتم إلى أبواب حمص وسمعت أنه حصل تريث لإعطاء المجال للناس الذين يودون الهروب بالهروب. متى بدأ الحديث أو التفاوض للوصول إلى دمشق؟
أي تفاوض تعني؟
سمعت أنه حصل تريث عند وصولكم إلى أبواب حمص بالدخول إلى حمص لإعطاء المجال لجماعة النظام من دمشق أن يهربوا عبر حمص إلى الساحل.
هذا الكلام غير دقيق. عند الدخول إلى مدينة حمص كان هدفنا الوصول إلى دمشق، لا أن ندخل حمص ونبقى فيها وقتاً طويلاً. كان يهمنا فتح طريق جيد مع إبقاء قوة لتنظيف محافظة حمص، لكن الأهم أن تكمل قوات أخرى إلى دمشق لأن الوصول إلى العاصمة هو الأهم. بقيت قوات تعمل على جهة محافظة حمص وغرب حمص وباقي القوات أكملت طريقها.
أين كنتم في تلك الفترة تحديداً؟
يوم حماة كنت موجوداً، أعمل على جبهة جبل زين العابدين وكفراع، وبعد حماة كنت من بين الذين أكملوا إلى دمشق مباشرة.
قيل إن هناك أناساً غادروا حماة وحمص نحو دمشق وغادرتم كقوة عسكرية وأنتم وصلتم قبل وصول النازحين.
فعلاً هذه حالة لم تحصل في التاريخ. غادرنا حمص باتجاه دمشق ورأينا عساكر منشقين عن النظام يركبون الباصات (الحافلات) وعلى صهاريج المياه، فنحن ندخل دمشق وهم يعودون بالطريق المعاكس. هذا حصل صحيح، ولم يكونوا من الساحل بل من محافظات مختلفة.
كنتم في السيارة وحدكم؟
لا، كانت معنا قوات عسكرية.
أي يوم كان ذلك؟ يوم السبت (7 ديسمبر)؟
كان اليوم الحادي عشر أو الثاني عشر إذ لا أذكر.
أحيانا تأتيك السعادة بأمر كبير فلا تتمكن من التعبير. دخلنا دمشق واسترجعت كل ذكرياتي فيها
مرهف أبو قصرة، وزير الدفاع في الإدارة السورية الجديدة
بشار الأسد غادر يوم 7 ديسمبر؟
دخول دمشق كان يوم 7 ديسمبر ليلاً، حينها سقط النظام، والدخول العسكري كان صباحاً يوم 8 ديسمبر.
هل حصل تواصل بينكم وبين وزير دفاع النظام أو أي شخص آخر؟
لم يحصل تواصل.
ماذا حصل؟ لماذا قال وزير الدفاع للقوات أن تنسحب؟
لأنه لم تعد لديه أوراق.
هل كانت المرة الأولى التي تدخلون دمشق؟
أنا خريج دمشق وسكنت فيها ست سنوات.
أي سنة تخرجتم من الهندسة؟ كنتم في السكن الجامعي؟
في 2008. سكنت في دمشق من 2003 إلى 2008 وأعرف دمشق جيداً.
ماذا كان شعورك عند دخول دمشق؟
دمشق لها ميزة كبيرة وأنا اخترت أن أدرس فيها رغم أن “جامعة البعث”، و”جامعة حلب” أقرب إلى محافظة حماة، لكني اخترت التسجيل في الرغبة الأولى في جامعة دمشق وأحب العيش فيها وسكنت فيها ست سنوات.
أين سكنت؟
سكنت لمدة سنة في المزة في المدينة الجامعية، وسكنت في مساكن برزة خمس سنوات لأن كلية الزراعة في مساكن برزة. وخدمت في القوات المسلحة الخدمة الإلزامية بعد تخرجي من الجامعة أيضاً في ريف دمشق فكنت في منطقة بيت زاكية فبقيت في دمشق لمدة سبع سنوات من حياتي، فترة الجامعة وفترة الخدمة.
ماذا كان شعورك وأنت تدخل “فاتحاً” إلى دمشق؟
فرحة. لم أبك. أحيانا تأتيك السعادة بأمر كبير فلا تتمكن من التعبير. دخلنا واسترجعت كل ذكرياتي في دمشق. راجعت ذكرياتي، فهنا سكنت وهنا تحركت وهنا استقللت السرفيس (سيارة الأجرة). فرحة كبيرة أكيد لأن دمشق لها عمق تاريخي ولها عمق ديني. نحن أحفاد بني أمية. الأميون كانوا هنا. كنا نراجع هذه الذكريات. نحن نحب دمشق لأسباب كثيرة، عاصمة قديمة مدينة تاريخية، مدينة لها أبعاد تاريخية كبيرة.
هل نزلتم من السيارة؟ إلى أين توجهت؟
نزلت طبعاً من السيارة وحمدت الله، وذهبت إلى كلية الزراعة حيث درست مباشرة بعد دخولي إلى دمشق. ذهبت إلى المدينة الجامعية وصليت صلاة العصر، توجهت إلى الوحدة العاشرة التي سكنت فيها سنوات ثم انتقلنا إلى وحدتين جديدتين داخل حرم الكلية. صليت العصر في الوحدة العاشرة التي كنت سكنت فيها في 2004 قبل عشرين سنة. ثم دخلت إلى كلية الزراعة التي لم يكن فيها أحد. فتحت الباب الخارجي وكان حوله شريط حديدي فقط. تجولت داخل الكلية واسترجعت ذكريات عمرها 16 سنة. ثم تابعت عملي بعد أن قضيت في الكلية أقل من نصف ساعة.
خلال هذه الفترة لم يكن هناك أي تواصل مع النظام أو وزير الدفاع أو أي أحد من النظام؟
لا، لم يحصل.
حالياً هناك أولويات كبيرة جداً لكن علينا اختيار الأهم. لدينا الآن مجموعة أهداف منها أن الشعب السوري يكره الجيش العربي السوري كرهاً كبيراً وسنسعى إن شاء الله لنحاول ترميم هذه الفجوة
مرهف أبو قصرة، وزير الدفاع في الإدارة السورية الجديدة
هل فوجئتم عندما أعلن النظام سقوطه، عندما أعلن وزير الدفاع سقوطه؟
لم أتفاجأ لأننا رأينا أن النظام انتهى.
هل فوجئتم عندمت هرب بشار الأسد وبكيفية هروبه؟
لم أتفاجأ لأنني توقعت هروبه.
بناء على معلومات استخباراتية أم تقديرات شخصية؟
تقديرات لأن ليس لديه أي طريق سوى الذهاب إلى روسيا.
هل كنت تتمنى هروبه؟
أكيد لا. كنا نتمنى أن نمسك به ليقتصّ منه الشعب.
هل أبلغكم الروس بكيفية خروجه؟
لم يكن لدينا تواصل مع الروس.
بعد ذلك عينك القائد وزيراً للدفاع. لا أعرف إن سمعت هذه المقولة من قبل، ولكن أنت وزير الدفاع السوري الوحيد الذي ربح المعركة. عادة وزراء الدفاع السوريون يخسرون المعارك ويستلمون الحكم. ما شعورك؟
أولاً وأخيراً، نتذكر فضل الله سبحانه وتعالى علينا، أولاً وأخيراً. وهذا يجب أن يكون عقيدة موجودة في قلوبنا. نسب النصر للأشخاص مشكلة، يجب أن يُنسب لله ثم لتضحية الشعب السوري.
اليوم لو سُئلنا من حرر البلد، نقول حررت البلد تضحيات الناس، حرر البلد جهود الناس كلها، الناس الذين استشهدوا وقتلوا وجرحوا هم جميعاً مشاركون في هذا الفتح العظيم. نقول ربما نحن سبب أو سهم ونسأل الله القبول لنا ولكل من شارك في إسقاط النظام.
أنت مكلف بتشكيل الجيش السوري الجديد. كلنا يعرف تركيبة الجيش السابق، ما تصورك للجيش السوري الجديد؟
حالياً هناك أولويات كبيرة جداً لكن علينا اختيار الأهم. لدينا الآن مجموعة أهداف منها أن الشعب السوري يكره الجيش العربي السوري كرها كبيراً وسنسعى إن شاء الله لترميم هذه الفجوة.
رسالة إلى الشعب السوري أن هذا الجيش هو جيشكم هو جيش للدفاع عن الديار للدفاع عنكم وليس جيشاً لإهانتكم مثلما فعل النظام بالبراميل بالاعتقالات بالإهانة بالتعدي على النساء والأطفال والشيوخ. سنسعى إن شاء الله من خلال برامج ستقرها وزارة الدفاع ليظهر الجيش السوري بمظهر لائق، يليق بتضحية الشعب السوري.
لدينا أيضاً بعض الأولويات إذ جلسنا جلسات مكثفة مع الفصائل. انتهينا من الجلسات وجلست مع الجميع كل الفصائل المكونات الموجودة في سوريا بمن فيهم في محافظة السويداء والفصائل في الشمال وفصائل حوران. جلسنا مع الجميع.
بمن فيهم “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)؟
لا. “قسد” حصل لقاء مع القيادة من أجل حل الملف أما نحن كوزراة الدفاع فلم يحصل أي لقاء.
من مصلحة الفصائل الدخول في وزارة الدفاع فالناس لا تنسى التاريخ، نحن كدولة نتغاضى عن كل الأمور بغض النظر عن الاستقطابات والعلاقات
مرهف أبو قصرة، وزير الدفاع في الإدارة السورية الجديدة
لم تصلوا إلى تلك المرحلة بعد، هناك تفاوض سياسي أولاً؟
صحيح، دوماً الرئاسة تحل المشاكل الكبيرة وتحول الأمور باتجاه وزارة الدفاع التي تُعتبر جهة تنفيذية للرئاسة. إن شاء الله الأولوية الأهم الآن هي نقل الفصائل أو الوحدات العسكرية باتجاه المؤسسة العسكرية في وزارة الدفاع. إن شاء الله في المستقبل سنعيد هيكلة الجيش العربي السوري وفق قوانين وهذه القوانين ترسم المسار العام تضع الخط العام لبناء المؤسسة العسكرية. أولوياتنا الآن نقل الفصائل باتجاه المؤسسة العسكرية وأيضاً توزيع هذه القوات العسكرية حسب الجغرافيا السورية وهناك خطوات تفصيلية كبيرة.
هل هناك إطار زمني لهذا الأمر؟
نحن كل ستة أشهر سيكون لدينا أهداف مرحلية يجب أن ننجزها خلال هذا الوقت، وكل فترة نعيد وضع قائمة أولويات بعد الانتهاء من المرحلة الأولى لننتقل إلى المراحل الأخرى.
ما المرحلة الأولى، لقاءات استشارية؟
انتهينا من اللقاءات.
متى تبدأ الخطوات العملية، في أول فبراير؟ في أول مارس؟
باشرنا بالخطوات العملية.
هناك بعض الفصائل وقيادات لديها تصور عن كيفية تشكيل الجيش ويعتبرون أنه يجب أن نبقى ككتلة ونبقى في مناطقنا ونكون جزءا من الجيش.
لدينا تجربة سابقة في هذا الأمر. الحالة الفصائلية الثورية، الكتلة، الجسم، التشكيل… كلٌ كانت لديه تسميات، هذه التسميات يجب إلغاؤها. الأصلح لبناء المؤسسة العسكرية اليوم أن الفصيل يدخل إلى وزارة الدفاع، هناك هيكلية وهناك نظام داخلي وهذا النظام الداخلي يُلزم حتى وزير الدفاع. وزير الدفاع لديه صلاحيات ولكن هناك أمور لا يحق له أن يقوم بها لأن هذا ليس من حقه. اليوم ما يحكمنا كلنا هو لغة القانون، يصبح هناك قانون وأكون أول الملتزمين به.
يدخل الفصيل إلى الوزارة هناك هيكلية، وهذا الفصيل يجب أن ينزل على الهيكلية وتطبق عليه الهيكلية. أما أن يدخل فصيل ويبقى جسماً كما هو فلا نكون أنشأنا وزارة دفاع. وإلا الأمر سهل جداً، نجمع الفصائل ونلتقط الصور ولا يكون لدينا وزارة دفاع. هناك هيكلية لجميع التشكيلات للقوات البرية والبحرية والجوية.
هل أصبحت الهيكلية موجودة؟
هناك هيكلية مقترحة عملنا عليها وتشاورنا بها مع كثير من الضباط المختصين. فالفصيل الذي سيدخل لا يجوز أن يقول إنه يريد أن يبقى كتلة. يجب أن يكون لديه صف ضباط وكل يأخذ دوره في الوزارة كل حسب تخصصه. فالذي اختصاصه مشاة نستفيد منه في المشاة والذي اختصاصه مدرعات يُفرز إلى كلية المدرعات، والذي اختصاصه الإشارة يذهب إلى كلية الإشارة، وهذا النظام الذي يجب أن يُطبق.
باختصار، الفصيل يجب أن يخضع لهيكلية الوزارة وأن يخضع لبرامجها التدريبية وبرامجها العسكرية.
ماذا في حال أن أحد الفصائل لم يقبل؟
نحن جلسنا مع الجميع ووجدنا الحمد لله أن الجميع متفاعل لكن للأمانة الفصائل لديها سؤال في أن يكون لديها دور في الوزارة. نحن جاوبنا الجميع أننا سنعطي لكل دوره ولكن اصبروا علينا فترة حتى تمشي المؤسسة بشكل جيد. وفي حال أن أحداً رفض فسنُغلّب لغة الحكمة قدر المستطاع. نبقى نقنع الناس لأن المرحلة لا تتحمل مشاكل، تتحمل بناء، يجب أن نهتم بالبناء، بناء المؤسسة العسكرية بشكل جيد.
من مصلحة الفصائل الدخول في وزارة الدفاع فالناس لا تنسى التاريخ، نحن كدولة نتغاضى عن كل الأمور بغض النظر عن الاستقطابات والعلاقات ونقول عفا الله عما مضى ولكن الشعب ليس كذلك. الأصلح أن تدخل الفصائل في وزارة الدفاع وتندمج معها وتلتزم بقوانينها.
برأيك ما الحل لموضوع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)؟
نحن تقريبا في بداية النهاية.
ليس لدينا قلق ولا يستطيع الإيرانيون فعل شيء ولكن يمكن أن يحدث إزعاج هنا أو إزعاج هناك
مرهف أبو قصرة، وزير الدفاع في الإدارة السورية الجديدة
ما تصوركم لضبط الوضع الأمني في الساحل السوري حيث إن هناك الكثير من فلول النظام، هناك ضباط وعناصر أمن وجيش موجودون هناك، ويقدّر البعض عددهم بمئة أو مئة وخمسين ألف عنصر؟
بالنسبة إلى الساحل، بقيتُ أدير اللاذقية لمدة ثمانية أيام بعد حصول التحرير حاولنا تثبيت المؤسسات وفرض الأمن، التقينا وجهاء المنطقة بكافة مكونات النسيج الاجتماعي الموجود هناك، حاولنا طمأنة الناس وأوصلنا رسائل للناس، أنشأنا مراكز تسوية، كان هدفنا الأساسي أن لا تندلع حرب أهلية.
ونجحتم في ذلك؟
نعم. كنا نقول للناس إن هناك حقوقاً خاصة للناس. الناس تأذت هناك ومن لديه حق يجب أن يقدم شكوى في القصر العدلي في المحاكم. لم نكن نريد أن تحصل حرب أهلية فالحرب الأهلية مشكلة كبيرة. الحمد لله استطعنا خلال الفترة السابقة تهدئة الأمور في محافظات الساحل وهناك ناس ارتكبوا جرائم بحق الناس، التعذيب والسجون وما إلى ذلك وهؤلاء يجب أن ينالوا جزاءهم ولكن من يحاسبهم هي السلطات القضائية حتى تسير الأمور بالمسلك القانوني والمسلك القضائي بشكل صحيح فذلك أفضل. أما أن تترك كل إنسان يأخذ حقه بيده فتلك مشكلة كبيرة.
هل أنت مرتاح للوضع في حمص وفي الساحل؟
نحن نرى أن الوضع يتحسن، وهناك ناس جاءوا إلى مراكز المصالحات حتى برتب عالية وحصلوا على بطاقات تسوية مؤقتة ولم ينته وضعهم. هناك الكثير ممن سلموا أسلحتهم.
هل هناك عدد؟
ليس لدي رقم دقيق فهذا الأمر لدى وزارة الداخلية. هناك ناس حصلوا على بطاقة مؤقتة وأعداد كبيرة سلمت أسلحتها والآن الأمن يأخذ دوره تدريجياً مع الداخلية حتى يتم قدر المستطاع سحب هذا السلاح وفي الوقت ذاته ننتهي من البؤر.
هل أنت قلق من تمرد؟
لا أتوقع.
هناك من يقول إن إيران يمكن أن تدعم تمرداً في الساحل…
نحن نقول بشكل عام إنه ليس لدينا قلق ولا يستطيعون (الإيرانيون) فعل شيء ولكن يمكن أن يحدث إزعاج هنا أو إزعاج هناك. بالنسبة إلى إيران هم من جاءوا وتعدّوا علينا. هم دخلوا الأراضي السورية ولا يحق لهم ذلك، وآزروا النظام وارتكبوا مجازر بحق الشعب السوري. وكلامنا واضح لا نريد لإيران أن تتدخل في الشأن السوري فنحن لا نعمل داخل إيران بل عملنا داخل سوريا فقط وعليك أن تبقى في بلدك. حتى الشيعة الموجودون في سوريا نحن نتولى إدارتهم ونمنحهم حقوقهم، سواء أهل نُبّل أو الزهراء أو السيدة زينب أو كل المناطق التي فيها وجود شيعي. أنت لا تتدخل بشؤونهم فأنت في إيران وهم في سوريا. هم مثل مكونات النسيج السوري، نحن نؤمن لهم الحماية ونمنحهم حقوقهم في البلد السوري فلا تتدخل بشؤونهم. هذه رسالتنا.
يجري التحضير للمؤتمر الوطني وتأجل موعده، والمؤتمر الوطني مهم جداً لذلك التأجيل أفضل حتى يصبح لديك صورة جيدة
مرهف أبو قصرة، وزير الدفاع في الإدارة السورية الجديدة
ماذا عن إسرائيل؟
إسرائيل يجب أن توقف تجاوزاتها في الأراضي السورية وهناك مساع كبيرة جداً لإيقاف هذه الأمور. نقول إن البلد تعب من الحرب.
الآن سوريا مدمرة سوريا ممزقة تحتاج إلى بناء جيش وبناء المؤسسات الخدمية والتنموية والاقتصادية وإن شاء الله هناك مساع لحل هذه المشكلة إن شاء الله.
هل هناك نية لتوقيع اتفاق دفاعي سوري– تركي؟
الدولة التركية وجهت إلينا دعوة، وخلال الزيارة يمكن دراسة هذه الأمور.
أول زيارة خارجية قمتم بها كانت إلى المملكة العربية السعودية وكنت ضمن الوفد مع وزير الخارجية الأستاذ أسعد (الشيباني). ما تقييمك لعلاقة سوريا مع السعودية حالياً وللعلاقات مع الدول العربية؟
الجولة كانت مثمرة بشكل عام وشرحنا رؤية الدولة السورية الجديدة وأوضحنا هويتنا. كان هناك ترحيب جيد جداً من الدول العربية الشقيقة التي زرناها ولقينا منهم جميعاً الترحيب والاهتمام بالملف السوري، وشرحنا الأهداف التي ستقوم عليها الدولة السورية الأساسية وأجبنا على استفسارات، وإن شاء الله تعالى ستكون هناك زيارات أخرى. نحاول بداية أن تكون هناك زيارات إلى الدول العربية وهناك زيارات مقبلة إلى دول عربية وستكون هناك زيارة لتركيا وبعد ذلك يمكن أن تكون هناك زيارات لبعض الدول الأوروبية.
ماذا عن المؤتمر الوطني الذي تأجل انعقاده حتى نهاية فبراير؟
صحيح. جار التحضير للمؤتمر وتأجل موعده، والمؤتمر الوطني مهم جداً لذلك التأجيل أفضل حتى يصبح لديك صورة جيدة. اللقاءات التي تحصل مع الناس مهمة جداً، مع الصناعيين، مع التجار، مع أشخاص أتوا من الخارج، مختصين أكاديميين. هذه اللقاءات بصراحة نسجل خلالها ملاحظات كثيرة. يجب تجميع هذه الملاحظات وهذه النصائح بحيث نخفف ثغرات قدر المستطاع للبدء بمؤتمر الحوار الوطني ولا نريد الاستعجال بعقده.
هذا المحتوى من مجلة “المجلة”.