اخر الاخبار

وزير خارجية مصر عن خطة إعمار غزة: تبقي الفلسطينيين بوطنهم

استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خطة مصر لإعادة إعمار غزة، التي يعاني سكانها من ظروف إنسانية قاسية، بعد نحو 16 شهراً من الحرب الإسرائيلية على القطاع، بالإضافة إلى تقديم خارطة طريق سياسية تمهّد لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، مؤكداً أن الخطة تضمن بقاء الفلسطينيين في وطنهم.

وأكد عبد العاطي في مقال رأي نشره بموقع The Hill الأميركي، أنه لا بد من اتخاذ خطوتين حاسمتين للتعامل مع هذه الأزمة، وتتمثلان في “تقديم خطة إنسانية شاملة تُخفف معاناة الفلسطينيين من خلال برامج التعافي المبكر وإعادة الإعمار”، إلى جانب “تقديم خارطة طريق سياسية تُنهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بشكل نهائي، تُتوج بدولة فلسطينية مستقلة”.

وقال الوزير المصري في معرض مقاله: “لأكثر من 16 شهراً، يعاني الفلسطينيون في غزة من ظروف إنسانية مروعة، لم يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية (1939-1945). فقد نزح نحو مليونَي شخص، وسقط (قُتل) أو أُصيب أكثر من 150 ألف شخص وفقاً للأمم المتحدة. كما تم تدمير 50% من المستشفيات والمرافق الطبية، وتعرَّضت 88% من المدارس لأضرار جزئية أو كلية، إضافة إلى تضرر 68% من الأراضي الزراعية بشكل جسيم، فيما باتت 68% من الطرق غير صالحة للاستخدام”.

وأشار إلى أن هذه الإحصائيات تفيد بأن “الحرب التي شنتها إسرائيل لم تكن مجرد حرب ضد حركة حماس، بل امتدت لتشمل جميع السكان المدنيين والبنية التحتية الحيوية بأكملها”.

وشدد عبد العاطي على أنه “يجب توفير خطة إنسانية شاملة وعاجلة لتخفيف معاناة الفلسطينيين وإعادة الحياة إلى غزة من خلال برامج التعافي المبكر وإعادة الإعمار، بالإضافة إلى ضرورة طرح خارطة طريق سياسية تُنهي الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بشكل نهائي، من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة تضمن أن تكون هذه الجولة المروعة من العنف هي الأخيرة”.

خطة متعددة المراحل

قدَّم عبد العاطي عرضاً للخطوتين اللازمتين للتعامل مع الأزمة الفلسطينية، مشيراً إلى وضْع خطة متعددة المراحل في إطار زمني محدد لإعادة إعمار غزة، تتضمن 3 مراحل رئيسية تمتد في الفترة بين عامَي 2025 و2030، لافتاً إلى أن الخطة حظيت بموافقة كاملة من 22 دولة عربية.

كما تناول تفاصيل مراحل الخطة الثلاث، والتي سيتيح اكتمالها توفير البنية التحتية الأساسية والمرافق الضرورية، وبحيث تصبح غزة جاهزة للاستثمارات العالمية في قطاعات مختلفة.

وأوضح أن “المرحلة الأولى تتضمن برنامجاً للتعافي المبكر يمتد لستة أشهر، يهدف لتقديم الإغاثة العاجلة للفلسطينيين من خلال توفير آلاف الوحدات السكنية المؤقتة، مثل الكرفانات والمنازل الجاهزة والخيام، لإيواء 1.2 مليون فلسطيني”، مضيفاً: “كما تشمل هذه المرحلة برامج واسعة لإزالة وإعادة تدوير ما يقرب من 50 مليون طن من الأنقاض، بالإضافة إلى تطهير غزة من الذخائر غير المنفجرة والمخلفات الحربية”.

وتابع: “ستركز المرحلتان المتبقيتان بالكامل على إعادة الإعمار، وتشملان بناء 400 ألف وحدة سكنية دائمة تستوعب 2.7 مليون فلسطيني، إلى جانب إعادة تأهيل شبكات الطرق واستصلاح 20 ألف فدان من الأراضي الزراعية”.

ولفت إلى أن “مراحل إعادة الإعمار ستشمل كذلك بناء ميناءين، ومطار، ومحطات للطاقة الشمسية، ومركز خدمات حكومي، ومنشآت تعليمية وطبية. وبمجرد استكمال البنية التحتية الأساسية والمرافق الضرورية، ستكون غزة جاهزة لاستقبال الاستثمارات العالمية في مختلف القطاعات، بما في ذلك السياحة والطاقة والخدمات اللوجستية”.

وأكد الوزير المصري أنه “تم تصميم هذه الخطة بما يتماشى تماماً مع المبادئ الأساسية للتخطيط العمراني المحددة في أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة”، منبهاً إلى أن “مصر تتمتع بخبرة واسعة وقيّمة من دوراتها السابقة في إعادة إعمار غزة عقب جولات العنف المتكررة بين إسرائيل وحماس. كما أن الحدود المشتركة بين مصر وغزة تضعها في موقع الريادة من حيث التخطيط اللوجستي والتنفيذ العملي لجهود إعادة الإعمار والتأهيل”.

وأعاد عبد العاطي التأكيد على أنه “تم إعداد هذه الخطة لضمان بقاء الفلسطينيين في أرضهم، إذ يرفض الفلسطينيون أي محاولات لترحيلهم من أراضيهم، خاصة أن ذاكرتهم الجماعية مليئة بالمآسي جراء الظلم التاريخي الذي تعرَّضوا له عندما تم تهجيرهم قسراً من وطنهم في منتصف القرن العشرين على يد إسرائيل، ولم يتمكنوا من العودة منذ ذلك الحين. ولهذا السبب، فإن الفلسطينيين شديدو الحساسية تجاه أي محاولات لفصلهم عن أرضهم”.

واستدرك بالقول: “لكن التحدي الهائل لإعادة إعمار غزة يفوق قدرة أي دولة واحدة على تحمُّله بمفردها. ولذلك، يجب أن يكون هذا جهداً دولياً مشتركاً بمشاركة عدد كبير من الشركات في جميع مراحل إعادة الإعمار، بما في ذلك شركات أميركية متعددة”.

وذكَّر بأنه “لهذا السبب، ستستضيف مصر مؤتمراً دولياً لإعادة إعمار غزة بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة الفلسطينية، حيث سيسعى إلى جمْع التمويل اللازم من الدول المانحة والمؤسسات المالية لتنفيذ الخطة الممتدة لخمس سنوات، والتي ستتطلب نحو 53 مليار دولار”.

ومضى يقول: “بالتوازي مع ذلك، سيتم تشكيل لجنة فلسطينية جديدة لإدارة غزة، تتألف بالكامل من تكنوقراط فلسطينيين غير منتمين إلى أي فصيل سياسي. وستكون مهمتها الأساسية إدارة شؤون غزة، والإشراف على المساعدات الإنسانية، وقيادة المرحلة الانتقالية التي ستمهد الطريق لعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة”.

ونوَّه إلى أنه “خلال هذه المرحلة، لن يُسمح لأي فصيل بتولي إدارة القطاع. وفي الوقت نفسه، يجب العمل سريعاً على استعادة الأمن والنظام في غزة، ولذلك ستبدأ مصر على الفور في تدريب آلاف من عناصر الشرطة الفلسطينية لتعزيز الأمن، ومكافحة الفوضى، واستعادة ثقة الجمهور”.

واستطرد بالقول: “في الوقت الذي نعمل فيه على معالجة القضايا الإنسانية والأمنية والإدارية في غزة، فإن علينا مسؤولية أخلاقية وسياسية لتقديم أفق سياسي يولّد الأمل، ويحقق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويجب أن تُفضي هذه الخارطة إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967، يتمكن الفلسطينيون فيها أخيراً من العيش بحرية بعيداً عن الاحتلال الإسرائيلي”.

دور ترمب حاسم

وألمح إلى أنه “علينا أن نقدّم للفلسطينيين مستقبلاً قائماً على الأمل لا اليأس، وعلى الحرية لا الأسْر، وعلى الاستقلال لا الخضوع. فعندما يصبح الفلسطينيون أحراراً، سننجح في إبعادهم عن براثن التطرف والتشدد”.

وأكد أنه “لهذا السبب، فإن دور الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب حاسم في هذه اللحظة التاريخية. فقد عكست كلمته الافتتاحية رغبته العميقة في تحقيق السلام العالمي وإنهاء الحروب التي دمرت العديد من المناطق، وجلبت المعاناة لشعوبها. ونحن نرحب بتصريحات ترمب الأخيرة بشأن رفض تهجير الفلسطينيين من غزة”.

وأردف بالقول: “نتطلع إلى العمل مع ترمب من أجل التوصل إلى اتفاق تاريخي يمكن أن ينهي هذا الصراع بشكل نهائي، ويحقق السلام والأمن والازدهار للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *