قالت صحيفة “واشنطن بوست”، نقلاً عن وثائق حكومية أميركية، إن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو طلب من روسيا، والصين، وإيران، للحصول على دعم عسكري يشمل صواريخ، وطائرات مسيّرة، ومنظومات رادار وتشويش، لتعزيز دفاعات بلاده في مواجهة التصعيد العسكري الأميركي قبالة السواحل الفنزويلية.
وذكرت الصحيفة أن مادورو وجّه هذا الشهر رسالة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تضمّنت عدة طلبات، في وقت كانت إدارة الرئيس دونالد ترمب تستهدف سفناً قبالة سواحل أميركا الجنوبية، وتلوّح باستخدام القوة ضد كاركاس.
وشملت الطلبات، بحسب وثائق داخلية للحكومة الأميركية حصلت عليها الصحيفة، تحديث أنظمة الرادارات الدفاعية، وإصلاح الطائرات العسكرية، وربما الحصول على صواريخ.
ولا يزال الموقف الرسمي الروسي من تحركات ترمب ضد فنزويلا متحفظاً نسبياً، إذ أعرب وزير الخارجية سيرجي لافروف، في مطلع أكتوبر، عن “قلق بالغ إزاء تصاعد أنشطة واشنطن في البحر الكاريبي”، وذلك خلال اتصال مع نظيره الفنزويلي.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، الأربعاء الماضي، إن بلاده “تحترم سيادة فنزويلا”، مشدداً على ضرورة أن تُحل القضية وفقاً لـ”القانون الدولي”.
ويأتي نشر تفاصيل هذه الوثائق بالتزامن مع نفي الرئيس الأميركي، في وقت سابق الجمعة، التخطيط بشأن شن هجمات داخل فنزويلا، فيما ذكرت وسائل إعلام أميركية أن إدارته تستعد لتنفيذ ضربات تستهدف منشآت عسكرية ومواقع يُشتبه في استخدامها بتهريب المخدرات.
الصين وإيران
وأشارت الوثائق الأميركية إلى أن الحكومة الفنزويلية تسعى أيضاً للحصول على دعم ومعدات عسكرية من الصين وإيران لتعزيز قدراتها الدفاعية.
وبحسب الوثائق، كتب مادورو رسالة إلى الرئيس الصيني، شي جين بينج، دعا فيها إلى “توسيع التعاون العسكري” بين البلدين لمواجهة “التصعيد بين الولايات المتحدة وفنزويلا”.
كما طلب الرئيس الفنزويلي من الحكومة الصينية تسريع إنتاج شركاتها لأنظمة الكشف الراداري بهدف تعزيز قدرات بلاده الدفاعية، بحسب “واشنطن بوست”.
ولفتت الوثائق إلى أن وزير النقل الفنزويلي رامون سيليستينو فيلاسكيز نسّق مؤخراً شحنة معدات عسكرية وطائرات مسيّرة من إيران أثناء التخطيط لزيارة إلى طهران.
وذكرت أن فيلاسكيز أبلغ مسؤولاً إيرانياً بأن فنزويلا بحاجة إلى أنظمة رصد، و”أجهزة تشويش على نظام تحديد المواقع GPS”، و”على الأرجح طائرات مسيرة ذات مدى ألف كيلومتر”، فيما لم يتّضح من الوثائق كيف ردت الصين وإيران على تلك الطلبات.
لكن لا تزال روسيا شريان الحياة الرئيسي لمادورو، حيث وصلت، الأحد الماضي، إلى كراكاس طائرة نقل روسية من طراز “إليوشين Il-76” كانت الولايات المتحدة قد فرضت عليها عقوبات في عام 2023 لمشاركتها في تجارة السلاح، بعد أن سلكت مساراً مختلفاً فوق إفريقيا لتجنّب المجال الجوي الغربي، وفق لموقع Flightradar24.
ورفض الكرملين طلب “واشنطن بوست” للتعليق على الرسالة.
وجاء ذلك بعد يوم واحد فقط من مصادقة موسكو على معاهدة استراتيجية جديدة مع كراكاس، في خطوة تعكس حجم ما قد تخسره روسيا في حال “سقوط” مادورو، إذ تتواصل المشاريع الكبرى بين البلدين، من بينها مصنع ذخيرة كلاشنيكوف الذي افتُتح في يوليو الماضي بولاية أراجوا الفنزويلية بعد نحو 20 عاماً من التعهّد بإنشائه، بحسب “واشنطن بوست” التي ذكرت أن موسكو تمتلك حقوق استكشاف احتياطات ضخمة غير مستثمرة من الغاز والنفط.
مكاسب غير متوقعة
ويرى مراقبون أن اهتمام موسكو وقدرتها على دعم مادورو قد تراجعا مقارنة بالسنوات الماضية، معتبرين أن المواجهة بين واشنطن وكراكاس قد تمنح الروس بعض “المكاسب غير المتوقعة” عبر تحويل الانتباه الأميركي عن أوروبا.
ومنذ تولي ترمب الرئاسة، في يناير الماضي، نشرت الولايات المتحدة قوة عسكرية غير مسبوقة في البحر الكاريبي، وذلك بالتوازي مع تصعيد حملتها ضد المهربين المشتبه بهم في المنطقة.
ونفذت الولايات المتحدة، خلال الأسبوعين الماضيين، عدة طلعات لطائرات قاذفة قرب السواحل الفنزويلية، حيث أرسلت طائرات B-52، وB-1 لاختبار دفاعات البلاد، ورصد ردّ فعلها على استعراض القوة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحشد العسكري الأميركي في البحر الكاريبي يمثل أكبر تحدٍ لمادورو منذ توليه الحكم في عام 2013، لافتةً إلى أن أكثر من 12 ضربة ضد من تصفهم واشنطن بمهرّبي المخدرات، ومعظمهم انطلقوا من السواحل الفنزويلية، أدّت إلى قتل ما لا يقل عن 61 شخصاً منذ سبتمبر الماضي.
ولم تقدم الإدارة الأميركية أدلة على تورط تلك السفن في تهريب المخدرات، بينما نفى مادورو ذلك.
