قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، إنه ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يتفقان تماماً بشأن الضفة الغربية، التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، لكنه لم يوضح طبيعة الخلاف.

وفي مؤتمر صحافي، عقب اجتماع ترمب مع نتنياهو في منتجع مارالاجو بولاية فلوريدا، سُئل الرئيس الأميركي عما إذا كان لديه رسالة لنتنياهو بشأن الضفة الغربية، وما إذا ‌كان قلقاً من أن يؤدي عنف المستوطنين هناك إلى تقويض السلام. وقال ترمب للصحافيين: “أجرينا نقاشاً مطولاً ومكثفاً بخصوص الضفة الغربية. ولا أستطيع القول إننا نتفق 100% بشأنها، لكننا سنتوصل إلى اتفاق بهذا الصدد”.

ورداً على سؤال بشأن ماهية الخلاف بينهما، قال ترمب: “لا أريد أن الخوض في هذا، سيتم الإعلان عن الأمر في الوقت المناسب”، مضيفاً ‌أن نتنياهو “سيفعل الشيء الصحيح”.

ضغوط أميركية على نتنياهو

وأفاد موقع “أكسيوس” نقلاً عن مسؤول أميركي ومصدر آخر مطلع، بأن الرئيس الأميركي وكبار مستشاريه طلبوا من رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال اجتماعهم “تغيير سياسات إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة”.

ونقل الموقع عن المسؤول الأميركي قوله، إن البيت الأبيض يعتقد أن التصعيد العنيف في الضفة الغربية، “من شأنه أن يقوّض الجهود المبذولة لتنفيذ اتفاق السلام في غزة”، ويمنع توسيع “اتفاقات أبراهام” قبل نهاية ولاية ترمب.

وقالت المصادر، إن ترمب وفريقه أعربوا عن قلقهم بشأن الوضع في الضفة الغربية، وطلبوا من نتنياهو تجنب اتخاذ إجراءات استفزازية، و”تهدئة الأمور”.

تأتي هذه المطالب في الوقت الذي تدهورت فيه الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية إلى حد كبير، فيما نددت حكومات غربية أخرى بسياسات إسرائيل، إلا أن إدارة ترمب كانت تعتبر داعمة لها. وهذه هي المرة الأولى في فترة ولايته الثانية التي يتناقش فيها ترمب وفريقه على نحو مستفيض مع نتنياهو بشأن الضفة الغربية.

وخلال السنوات الثلاث الماضية، دفعت حكومة نتنياهو اليمينية المتشددة بشكل نشط بسياسات أضعفت السلطة الفلسطينية وحجبت عنها الأموال، وتوسعت في بناء المستوطنات بشكل كبير، وأضفت شرعية على البؤر الاستيطانية، وهجّرت مجتمعات فلسطينية بشكل قسري، واتخذت العديد من الخطوات الأخرى نحو الضم بحكم الأمر الواقع.

وأضافت المصادر أن نتنياهو أعرب خلال الاجتماع أيضاً عن مخاوفه بشأن قيام إيران، وجماعة “حزب الله” اللبنانية بإعادة بناء قدراتهما العسكرية، لا سيما في مجال الصواريخ بعيدة المدى.

وكان ترمب قد أوضح في تصريحات أدلى بها خلال مؤتمر صحافي، أن شن المزيد من الضربات العسكرية ضد إيران “أمر مطروح على الطاولة”.

ووافق نتنياهو على التحرّك نحو المرحلة الثانية من اتفاق غزة، على الرغم من أنه كان على خلاف مع فريق ترمب بشأن تنفيذه، بحسب المصادر، التي أشارت إلى أنه وافق أيضاً على طلب ترمب بشأن استئناف المحادثات مع الحكومة السورية بشأن “اتفاق أمني محتمل”.

“تغيير المسار” في الضفة

وذكرت المصادر، أن المسألة طُرحت للنقاش خلال الاجتماع التحضيري الذي عقده نتنياهو صباح الاثنين مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، والمبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، وصهر ترمب، جاريد كوشنر، وخلال اجتماع ترمب مع نتنياهو، بعد الظهر.

وأضافت المصادر، أن الرئيس الأميركي وفريقه، طرحوا مسألة عنف المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين، وعدم الاستقرار المالي للسلطة الفلسطينية، والتوسع الاستيطاني الإسرائيلي.

وكانت رسالة الولايات المتحدة هي أن “تغيير المسار” في الضفة الغربية، أمر بالغ الأهمية لإصلاح علاقات إسرائيل مع الدول الأوروبية، ومن المتوقع أن يؤدي إلى توسيع “اتفاقات أبراهام”.

وأضاف المصدر المطلع، أن “نتنياهو أعرب عن معارضته بشدة لعنف المستوطنين وقال إنه سيتخذ المزيد من الإجراءات”. ورفض البيت الأبيض التعليق على لقاءات الرئيس الخاصة.

وذكر “أكسيوس”، أن السياسات المتعلقة بالضفة الغربية، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالمستوطنات، “مسألة سياسية حساسة للغاية” بالنسبة لإسرائيل، “لأن اللوبي الاستيطاني جزء أساسي من قاعدة نتنياهو ولديه تأثير كبير على حكومته الائتلافية”، وداخل حزب “الليكود” الذي يتزعمه.

وعند عودته إلى منصبه، رفع ترمب العقوبات التي فُرضت في عهد إدارة سلفه جو بايدن ضد المستوطنين، وعين ترمب مايك هاكابي، المعروف بآرائه المؤيدة بشدة للمستوطنين، سفيراً لدى إسرائيل.

ومنذ ذلك الحين، سقط أميركيان فلسطينيان، في هجمات نفذها مستوطنون، وتزايدت المخاوف من زعزعة الاستقرار على نطاق أوسع، حتى أن هاكابي حاول حمل الحكومة الإسرائيلية على تعديل بعض سياساتها، دون إحراز تقدم يُذكر.

وفي سبتمبر الماضي، منع الرئيس ترمب نتنياهو، من ضم أجزاء من الضفة الغربية رداً على موجة الاعترافات الدولية الواسعة بدولة فلسطين؛ لكنه لم يتطرق إلى سياسات إسرائيل الأوسع نطاقاً في تلك المنطقة.

ضغوط دولية على إسرائيل

وتتعرض إسرائيل لضغوط دولية متزايدة، لكبح هجمات المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين في الضفة الغربية، التي يقطنها نحو 3 ملايين فلسطيني، وتشكل جزءاً أساسياً في خطط إقامة دولة فلسطينية في المستقبل، فيما يعيش أكثر من نصف مليون مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية.

وقضت أعلى محكمة في الأمم المتحدة العام الماضي بعدم قانونية احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية ومستوطناتها فيها، وأنه يجب وضع نهاية لذلك في أقرب وقت ممكن.

وقالت الأمم المتحدة، إن أكثر من ألف فلسطيني سقطوا في الضفة الغربية بين أكتوبر 2023 وأكتوبر 2025، في عمليات نفذها الجيش الإسرائيلي وأيضاً بسبب هجمات المستوطنين.

شاركها.