وسط مخاوف من تكرار أزمة نقص المياه.. مزارعو كفر الشيخ يزرعون الأمل في حقول الأرز

في أحضان الدلتا الخصبة, بدأ العد التنازلي لموسم جديد من زراعة محصول الأرز في محافظة كفر الشيخ, حيث أكبر محافظات مصر إنتاجًا لمحصول الأرز, وليس غريبًا أن يطلق عليها البعض عاصمة مصر الزراعية, لما تقدمه من إنتاج محلي يجعلها العمود الفقري لأمن مصر الغذائي.
يبدأ موسم زراعة الأرز هذا العام, مصحوبًا بالكثير من القلق والمخاوف فمع تصاعد درجات الحرارة, وتقلص الموارد المائية, يقف المزارعون على خط النار, ممسكين بفؤوسهم ليخوضوا معركة جديدة مع الأرض, والماء, والمناخ, بأحلام وآمال جديدة.
وتنتج محافظة كفر الشيخ ما يزيد عن 30 % من إجمالي الناتج المحلي لمحصول الأرز, لذلك تحظى باهتمام رسمي كل عام عند البدء في تنفيذ زراعته, من خلال الدورات الإرشادية للمزارعين, التي تقدم لهم التوجيهات في كيفية التعامل مع المحصول, ومواجهة التحديات التي يتعرض لها منذ بدء الشتلات وحتى جني المحاصيل, في مدة أدناها 90 يومًا, وأقصاها 120 يومًا.
يقول الدكتور أيمن عبد الدايم, أستاذ المحاصيل بكلية الزراعة جامعة كفر الشيخ, إن محصول الأرز يعد من أهم المحاصيل التي تتميز بها مصر والتي تحقق اكتفاءً ذاتيًا منه, بفضل المحافظات التي تتميز بزراعته وفي مقدمتهم محافظة كفر الشيخ.
عبد الدايم: 6 مراحل تمر بها زراعة الأرز
وأضاف أستاذ المحاصيل بكفر الشيخ, أن زراعة الأرز تمر بـ 6 مراحل من حبة تقاوي إلى أن تصير سنبلة ذهبية وهم:
ـ تجهيز الأرض والمشتل: وهي مرحلة تبدأ من شهر مايو, يقوم فيها الفلاح بإعداد مكان للمشتل في بداية الأرض أو نهايتها, عن طريق حرثها ثم تسويتها وتمهيدها مع ريّها بمياه الري تمهيدًا للمرحلة الثانية.
ـ نثر التقاوي ومتابعة المشتل: وتستمر هذه المرحلة 30 يومًا, تحتاج إلى متابعة وعناية مستمرة, يراعى فيها الري, وأدوية مكافحة الحشرات والآفات خاصة ” الحفار والدودة القارضة”.
ـ الشتل: وهي مرحلة يقوم فيها المزارعون بنقل الشتلات من المشتل إلى الأرض, يقومون بتوزيعها على كافة المساحة المزروعة, ويتم غرسها بشكل متناسق, يضمن التهوية, ووصول المياة والمبيدات إليها.
ـ العناية بالمحصول: خلال مراحل النمو، يُركز الفلاحون على تنظيم الري، والتسميد المتوازن، والمكافحة الدقيقة للآفات مثل “دودة ورق الأرز” و”الزبابة”. وتُعد هذه المرحلة حاسمة لتحديد حجم وجودة الإنتاج في نهاية الموسم..
ـ الطرد والتزهير: تبدأ سنابل الأرز في الظهور، وتدخل النباتات مرحلة التزهير. يحتاج الأرز في هذه المرحلة إلى كميات دقيقة من المياه والتسميد البوتاسي، مع مراقبة مستمرة لأي إصابات مرضية قد تؤثر على المحصول..
ـ النضج والحصاد: مع اقتراب نهاية أغسطس أو بداية سبتمبر، تبدأ السنابل في الاصفرار، إيذاناً بموعد الحصاد. يُجفف المحصول جيداً ثم يُجمع باستخدام الحصادات الحديثة أو بالطرق التقليدية، تمهيداً لتعبئته وتوريده أو تخزينه.
ومن جانبه أكد المهندس محمد التركاوي, وكيل وزارة الزراعة بكفر الشيخ, أن الزراعة تسعى إلى توفير كل مقومات زراعة محصول الأرز, عن طريق توفير البذور, والأسمدة, وتقديم حملات إرشادية وتوعوية بشكلٍ مستمرٍ للفلاحين, مشيرًا إلى أن الدولة تدرك أهمية المحصول, ودور المحافظة في إنتاجه.
189 ألفًا و800 فدان من الأرز في كفر الشيخ
وأوضح وكيل زراعة كفر الشيخ, أن المساحة التي تم تحديدها هذا العام لزراعة الأرز هي 189 ألفًا و800 فدان, تم تقسيمها على الإدارات الزراعية والجمعيات, حيث تنظم كل جمعية دورة الأرز بحسب المناطق, وبشكلٍ متغاير, حتى تدور دورات الأرز مع المزارعين, ولا تقتصر على منطقة دون الأخرى.
“وأردف التركاوي, أن محافظة كفر الشيخ تزرع الأرز “الياباني” وهو الحبة القصيرة العريضة، فيما يعرف النوع الثاني بـ “الهندي اليابانى” وحبته رفيعة وقصيرة, إضافة إلى بعض الأصناف الجديدة مثل سخا 106, وسخا 107, وسخا 108, وسخا سوبر 300, وجيزة 181, وجيزة182, التي أطلقتها المراكز البحثية لترشيد استهلاك المياة, حيث لا تستهلك في زراعتها الكثير من مياه الري, مما يساعد على زيادة المساحة المزروعة من المحصول في السنوات القادمة, والتي قد تتجاوز الـ 260 فدانًا, مطالبًا المزارعين بالالتزام بدورة الأرز حفاظًا على المحاصيل, وعدم تعرضهم للمسائلة القانونية.
إتلاف المحصول بسبب نقص المياه
وقد اشتكى بعض المزارعين في السنوات الماضية, خاصة في مركزي دسوق والرياض, من عدم توافر مياه الري, مما أدى إلى إتلاف المحاصيل وتبوير الأرض, بعدما أهلكها جفاف الأرض الرزراعية التي تتميز في كفر الشيخ بدرجة عالية من الملوحة, يجعلها تستهلك الكثير من المياه.
وتقوم الدولة بتحديد عدد الأفدنة المسموح لها بزراعة محصول الأرز, لترشيد استهلاك المياه.
في سياق متصل, قال المهندس مجدي عبد الله, رئيس إدارة الموارد المائية والري بكفر الشيخ, إنه تم التنسيق بين وزارة الزراعة, والموارد المائية, على تحديد المساحات المزروعة, وبناء على عدد الأفدنة الذي يصل من وزارة الموارد المائية, نقوم بتوفير كمية المياه التي تغطي هذه المساحة.
وأشار عبدالله, أن مشاكل نقص المياه في الشنوات الماضية كانت بسبب عدم التزام بعض المزارعين بدورة زراعة الأرز, مما أحدث نقصًا في كمية المياة, فأصبحت لا تغطي حجم المساحة المزروعة بشكلٍ فعلي, وأدى إلى تضرر عدد من المزارعين بسبب تجاوز بعض المخالفين,
ونوه رئيس الموارد المائية والري, إلى أنه لا يمكن الوقوع في مثل هذه الأخطاء من جديد, وستقوم الزراعة والري بالتنسيق مع الجهات التنفيذية, بتبوير مشتله, وتحرير محضر تبديد مياه, وعرضه على النيابة العامة, لاتخاذ الاجراءات القانونية.
المصدر: بلدنا اليوم