بعد رحيل أحمد عامر..
أثارت وصية المطرب الشعبي الراحل أحمد عامر بحذف جميع أغانيه بعد وفاته، جدلا واسعا وسط تباين آراء فنية ودينية، لا سيما بعد خروج عدد من النجوم معلنين رغبتهم في اتباع نفس النهج وحذف أعمالهم عقب وفاتهم ما فتح الباب لنقاش حول مشروعية هذه الوصايا وتناقضها.
وصية أحمد عامر.. الشرارة الأولى
بعد ساعات من إعلان وفاة المطرب الشعبي أحمد عامر، كشف مدير أعماله إبراهيم البرنس أن الفنان الراحل أوصى بشكل واضح وصريح بحذف جميع أعماله الغنائية من الإنترنت والمنصات الرقمية عقب وفاته.
وأوضح «البرنس»، أنه بدأ بالفعل في التواصل مع عدد من الفنانين الذين تعاونوا مع «عامر» في أغنيات مشتركة طالبا منهم حذف تلك الأعمال احتراما لوصيته رغم ما قد يسببه ذلك من خسائر مادية.
وانتشرت الوصية سريعا على مواقع التواصل وأثارت تفاعلا كبيرا، بعدما أعلن المطرب حمو بيكا حذف أغاني «عامر» من قناته احتراما لرغبة الراحل، داعيا النجوم الآخرين القيام بنفس الشيء.
كما اتخذ المطرب شحتة كاريكا الخطوة ذاتها، مطالبًا الجميع بالاستجابة لوصية عامر احترامًا لذكراه.
أزهري يهاجم حمو بيكا
ووجه الشيخ عبد العزيز النجار، أحد علماء الأزهر الشريف، رسالة لـ«حمو بيكا» بعد مطالبته بحذف أغاني الراحل أحمد عامر قائلا: «ابدأ بنفسك واحذف أغانيك واسأل أهل العلم عن الحلال».
واستشهد «النجار» بقوله تعالى: «أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم».
ودعا الشيخ عبد العزيز النجار، بالرحمة للراحل، مؤكدا أن الإنسان لا يترك بعد وفاته إلا صدقة جارية أو سيئة جارية، مطالبا بعدم الشماتة والاتعاظ من الموت.
الأغاني لا تخلد صاحبها
من جانبه، قال الفنان طارق الشيخ، إنه يؤيد وصية الفنان الراحل أحمد عامر بحذف أعماله الغنائية بعد وفاته، معتبرًا أنها دليل على رغبته في ترك سيرة طيبة.
وأضاف: «يا بخته إنه وصّى بحذف أغانيه علشان تبقى سيرته طيبة، وأنا كمان هوصي أولادي يعملوا كده بعد وفاتي، الأغاني مش بتخلد صاحبها، وفي ناس قدمت فن فيه تجاوزات، لكن أحمد عامر كانت سيرته نظيفة وهتفضل حلوة».
غضب فني واسع
على الجانب الآخر، أعرب الفنان صبري فواز، عن رفضه لفكرة حذف الأعمال الفنية بعد الوفاة، معتبرا إياها دليلا على غياب الوعي بقيمة الفن، مؤكدا أن الحل يكمن في التعليم لا في المحو.
واستنكر الدكتور محمد عبد الله، المتحدث باسم نقابة المهن الموسيقية، هذه الدعوات واصفا إياها بالجريمة في حق الفنان وتاريخه.
وأكد «عبد الله»، أن الفن لا يُمحى بالموت بل يبقى شاهدا على صاحبه، داعيا لوقف تلك الحملات التي تفتقر إلى الرحمة والعقل.
تناقض وجهل
وفي السياق ذاته، قال الناقد الفني أمين خيرالله، إن إعلان بعض المطربين رغبتهم في حذف أغانيهم بعد وفاتهم يعكس حالة من الجهل والتناقض.
وأضاف «خير الله» في تصريحات خاصة لـ«» أن الجهل المقصود ليس في مسألة هل الغناء حلال أم حرام، فهذه ليست القضية المطروحة بل إن من يرى مهنته حرام فلماذا امتهنها من البداية ولماذا استمر فيها وتربح منها واحتفظ بأموالها.
وتابع: «إذا كنت ترى أن الغناء حرام فلماذا لا تتخلى عن الأموال التي جنيتها منه، تاجر المخدرات حين يتوب لا يستفيد من الأموال التي جمعها من تجارة حرام، فالأصل في التوبة أن يتخلى الإنسان عن كل ما يتعلق بالمعصية».
واستكمل: «كذلك المطرب الذي يرى أن الغناء حرام ينبغي أن يتنازل عن أرباحه ويتبرع بها لا أن يحقق الشهرة والمال، ثم بعد ذلك يوصي بمسح أغانيه وكأن شيئا لم يكن، وماذا عن الأموال التي تركها لأولاده يرثوها أليست من الغناء أليس هذا تناقضا واضحا».
واستطرد: «هذا تناقض فاضح ويليق ببعض المؤدين الذين لا يصح أن نطلق عليهم لقب مطربين».
وأضاف «خير الله»: «لا يمكن أن يقنعنا مطرب شاب اتخذ الفن وسيلة للربح والشهرة ثم يعتزل فجأة بدعوى أن الغناء حرام».
واختتم الناقد الفني حديثه قائلا: «اللي بيحصل ده زي شخص يتاجر في المخدرات وبنى مشروع حلال بنفس الفلوس».
الغناء بريء منهم
بينما يرى الناقد الموسيقي أحمد السماحي، أن حكم الغناء في الإسلام ليس محل إجماع بين العلماء بل هو موضع خلاف وتفصيل، إذ يرى بعض العلماء تحريمه بينما يراه آخرون مباحا بشروط وهناك من يراه مكروها.
وأضاف «السماحي» في تصريحات خاصة لـ«» أن الذين حرموه استندوا إلى ما قد يصاحبه من لهو وإضاعة للوقت وقد يؤدي إلى ارتكاب المحرمات كتناول الخمر والرقص مستدلين بأحاديث وآيات من القرآن، بينما استند الفريق الآخر إلى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم ينه عن الغناء في المناسبات كالأفراح بل أن هناك أحاديث تشير إلى وجود الغناء في تلك المناسبات.
وتابع: «من وجهة نظري أرى أن الغناء يحمل رسالة مهمة جدا، وإذا دققنا النظر في الأسماء التي صرحت برفض الغناء أو أعلنت حذف أغانيها باستثناء الفنان طارق الشيخ سنجد أن الغناء بريء منهم تماما».
واستكمل: «أنا شخصيا لم أكن أعرف من هو أحمد عامر عليه رحمة الله عليه إلا بعد وفاته رغم أنني أعمل في هذه المهنة منذ 25 عاما ولم أسمعه إلا إذا كان عمله في سياقات مرتبطة بالملاهي الليلية والأفراح».
وقال «السماحي»: «وبالنسبة لأمثال حمو بيكا فهم يسيئون للغناء ولا يصح إطلاق لقب مطرب أو مؤد عليهم لأنهم أهانوا الفن وابتذلوه وما ارتكبوه لا يرقى حتى لكلمة امتهان».
وأضاف: «طارق الشيخ مع كامل الاحترام يمتلك صوتا جميلا لكنه قضى عمره يغني في الملاهي الليلية حيث تنتشر مشاهد الفساد والدعارة والراقصات ومن الطبيعي بعد كل ذلك أن يصف غنائه بالحرام لأنه بيغني في أسوأ صوره، لكن لو كان بيغني فن محترم وراقي ويحمل رسالة نبيلة، فسيستقبل الجمهور والشباب فنه بشكل مختلف تماما».
وتساءل الناقد الفني أحمد السماحي: «لماذا يحرمون الأغاني بعد وفاتهم؟ لماذا لا يبتعدون الآن ويعلنون اعتزالهم؟ ولا يصح أن نقول كلمة (تاب عن الغناء) بهذا الشكل لأن الغناء مش كله لهو فيه غناء يحمل رسالة عظيمة».
وتابع: «والله لو كان الرسول والصحابة بيننا اليوم وسمعوا السيدة فيروز لأباحوا الغناء بقوة ولا يمكن أن يقولوا عنه حرام».
واستكمل: «يعني هل غناء فيروز ولطفي بوشناق وأنغام وعلي الحجار وغيرهم من أصحاب الفن الراقي حرام؟، كل دول بيقدموا فن راقي وكلمات جميلة وموسيقى تلامس الوجدان».
واختتم «السماحي» حديثه قائلا: «من يرى الغناء حراما فليتنازل عن أمواله ويخرج أولاده من المدارس التي تعلموا فيها بأموال الغناء، عيب أن نسمع هذا الكلام في 2025، الحرام هو كلام هؤلاء، ومن هم أصلا هل نأخذ رأينا من هؤلاء.. هذا هو الحرام بعينه».