تواصل إسرائيل انتهاكها لاتفاق غزة، مع إرسالها وفداً إلى مصر، فيما يكثف الوسطاء جهودهم من أجل الانتقال إلى المرحلة الثانية رغم العراقيل المستمرة من حكومة بنيامين نتنياهو.

وأجرت إسرائيل، الأربعاء، اجتماعات في العاصمة المصرية القاهرة، في إطار الجهود المتواصلة المتعلّقة بملف الأسرى، وذلك بحسب ما جاء في بيان صادر عن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية.

وجاء في البيان أن نتنياهو أوفد منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد احتياط جال هيرش، إلى القاهرة، لإجراء لقاءات مع مسؤولين مصريين وممثلي الدول الوسيطة.

وأشار إلى أن زيارة هيرش تندرج في سياق “تعزيز الجهود وتفاصيل الخطوات الهادفة إلى استعادة جثة آخر محتجز إسرائيلي كان في قطاع غزة، لافتًا إلى أنّ المباحثات تركّزت على الجوانب المرتبطة بالملف.

وأوضح البيان أنّ الوفد الإسرائيلي ضمّ ممثلين عن الجيش الإسرائيلي، وجهاز الأمن العام (الشاباك)، وجهاز الموساد، في إشارة إلى الطابع الأمني الاستخباري للمحادثات التي أُجريت في القاهرة.

وتأتي هذه الخطوة في ظل استمرار الجمود بمسار المفاوضات بشأن المرحلة التالية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، في ظل خلافات على قضايا نزع السلاح، وترتيبات “اليوم التالي” في القطاع.

حماس في تركيا

وفي أنقرة، ناقش وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الأربعاء، مع مسؤولين من المكتب السياسي لحركة حماس، في أنقرة، وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ودفع الاتفاق إلى المرحلة الثانية، بحسب مصدر بوزارة الخارجية التركية.

وقال المصدر إن مسؤولي حماس ‌أبلغوا فيدان بأنهم استوفوا متطلبات الاتفاق، لكن إسرائيل تواصل استهداف غزة لمنع الانتقال ‌إلى المرحلة التالية من الاتفاق.

وأشار المصدر التركي إلى أن مسؤولي حماس قالوا أيضاً إن دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ليس كافياً، وإن سلعاً حيوية مثل الأدوية، وتجهيزات المساكن، والوقود، مطلوبة بشدة.

وذكرت “حماس”، في بيان، أن وفداً قيادياً من الحركة، برئاسة خليل الحية، رئيس الحركة في قطاع غزة، التقى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان.

وضم وفد حماس كلاً من رئيس الحركة في الضفة زاهر جبارين، وعضو المكتب السياسي لحماس في غزة باسم نعيم، وممثل الحركة في تركيا موسى عكاري.

وجاء في البيان أن الحية وضع وزير الخارجية التركي في صورة التزام المقاومة ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، “محذراً من استمرار الاستهدافات والخروقات الصهيونية المتكررة في قطاع غزة، والتي تهدف إلى عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة”.

كما استعرض تفاصيل الأزمة الإنسانية المتفاقمة، مشيراً  إلى أن “المساعدات الإغاثية التي تدخل القطاع لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات؛ نظراً لأن 60% من الشاحنات التي يسمح الاحتلال بدخولها هي شاحنات لبضائع تجارية وليست مساعدات إنسانية، مما يحرم الشريحة الأكبر من أبناء شعبنا من الحصول على احتياجاتهم الأساسية من غذاء ودواء وخيام بشكل إغاثي عاجل”.

كما بحث اللقاء التطورات في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وأكد وفد حماس “خطورة الممارسات الإجرامية للاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني والمقدسات الإسلامية والمسيحية”.

كما تناول اللقاء مسار تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية لمواجهة المخططات التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية.

إسرائيل تنتهك اتفاق غزة

في المقابل، واصل الجيش الإسرائيلي، لليوم الـ76 على التوالي، انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مرتكباً خلال الساعات الأخيرة سلسلة انتهاكات جديدة شملت قصفاً جوياً ومدفعياً، وإطلاق نار، ونسف منازل، في وقت يتصاعد فيه الخطاب السياسي الإسرائيلي ملوّحاً بتوسيع العمليات العسكرية.

وشنّ الطيران الإسرائيلي سلسلة غارات على مدينة رفح والمناطق الشرقية من مدينة خانيونس، بالتوازي مع إطلاق نار من الدبابات وغارات نفذتها طائرات مقاتلة استهدفت مناطق على امتداد الخط الأصفر في القطاع.

كما أُطلق النار باتجاه خيام النازحين في منطقة مواصي رفح جنوبي القطاع، في حين تعرضت المناطق الشرقية من حي التفاح شرقي مدينة غزة لقصف مدفعي.

ونفذت الطائرات الإسرائيلية غارتين إضافيتين على مدينة رفح، بينما جددت المدفعية قصفها لمناطق شمال شرقي مخيم البريج وسط القطاع، في إطار استمرار التصعيد العسكري.

جاء ذلك بالتزامن مع بيان صادر عن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، نُشر باللغة الإنجليزية، اتهم فيه حركة حماس بـ”مواصلة انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار” وبـ”خرق خطة النقاط العشرين للرئيس الأميركي دونالد ترامب”.

وزعم نتنياهو أن حركة حماس “تواصل انتهاك وقف إطلاق النار وخطة ترامب ذات العشرين بنداً”، مضيفاً أن “رفضها العلني والمستمر نزع سلاحها يشكّل انتهاكاً فاضحاً ومتواصلاً للاتفاق”، وادعى أن “نوايا حماس العنيفة وانتهاكاتها تأكدت مجدداً اليوم من خلال تفجير عبوة ناسفة أدت إلى إصابة ضابط في الجيش الإسرائيلي”، على حد تعبيره.

وقال نتنياهو إن إسرائيل تشترط، ضمن أي تفاهمات، “إخراج حماس من الحكم، ونزع سلاحها، وإعادة هندسة المشهد الأمني في غزة”، مضيفاً أنّ إسرائيل “ستردّ وفقاً لذلك”، في ظل استمرار ما وصفه بـ”الانتهاكات”.

مستقبل اتفاق غزة

وتتزامن مباحثات القاهرة وأنقرة مع دعوات إقليمية ودولية واسعة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة، واستكمال بقية مراحل الاتفاق، في ظل سلوك إسرائيلي لا يعكس هذه التطلعات.

وبحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الثلاثاء، مستقبل اتفاق وقف النار في غزة، في اتصالين هاتفين مع نظيريه، السعودي الأمير فيصل بن فرحان والتركي هاكان فيدان.

وفي بيانين منفصلين، قالت الخارجية المصرية إن عبد العاطي شدد، في مباحثاته مع مسؤولي السعودية وتركيا، على أهمية الانتقال إلى ترتيبات المرحلة التالية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بما يشمل تشكيل لجنة فلسطينية مؤقتة من التكنوقراط، لإدارة الشؤون اليومية للمواطنين في القطاع، تمهيداً لعودة السلطة الفلسطينية لممارسة دورها الكامل.

كما أكد عبد العاطي ضرورة ضمان التدفق المنتظم للمساعدات الإنسانية، وتهيئة البيئة اللازمة لبدء مسار التعافي المبكر وإعادة الإعمار، مع التشديد على رفض أي ممارسات من شأنها تقويض وحدة الأراضي الفلسطينية، أو فرض وقائع جديدة في الضفة الغربية.

مؤتمر إعمار غزة

ونقلت “بلومبرغ”، الاثنين، عن مصادر مطلعة، أن الولايات المتحدة وحلفاءها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار قطاع غزة، في ظل سعي إدارة الرئيس دونالد ترمب لإعطاء زخم جديد لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حماس”.

وقالت المصادر إنه جرت دراسة واشنطن كمكان محتمل للمؤتمر الذي قد يُعقد مطلع الشهر المقبل على أقرب تقدير، وأن مصر من بين عدة مواقع أخرى قيد الدراسة.

وأضاف مصدر أن المؤتمر لن يُعقد على الأرجح إلا بعد أن يُكمل المسؤولون تشكيل “مجلس السلام” بقيادة ترمب، والمقرر أن يشرف على الحكومة الانتقالية، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل و”حماس” في أكتوبر.

شاركها.